قطر بين إيران وأمريكا: مهمة شاقة

إعداد - رؤى خضور

2021.02.18 - 11:47
Facebook Share
طباعة

 اختارت قطر مهمة شاقة لنفسها تتمثل بالتوسط بين الولايات المتحدة وإيران، وأكدت، على لسان وزير خارجيتها محمد بن عبد الرحمن آل ثاني خلال زيارته الأسبوع الماضي إلى طهران استعداد بلاده  "لدعم العملية السياسية والدبلوماسية من أجل عودة إيران وواشنطن إلى الاتفاق النووي وخفض التوترات الإقليمية".

نظراً لحجمها، قد تبدو قطر خياراً مثيراً للفضول، فالمنافسون البارزون الآخرون للتوسط هم إما أطراف دبلوماسية من العيار الثقيل، مثل اليابان أو فرنسا، أو لديهم سجل حافل في هذا المجال، مثل عُمان، التي استضافت على مدار الأعوام الأخيرة جولات متعددة من المحادثات بين الولايات المتحدة وإيران، لكن لدى القطريين أسباب وجيهة للقيام بذلك، لأن الصراع المباشر بين إيران والولايات المتحدة سيضع قطر في الخطوط الأمامية، فهي في النهاية موطن أكبر قاعدة عسكرية أمريكية في الشرق الأوسط، علاوة على ذلك، فإن للقطريين علاقات استخباراتية سرية مع نظرائهم الإيرانيين، بالتالي فإن هذ الدور قد يكون ذا قيمة لكل من إيران والولايات المتحدة.

لطالما كانت القضية الأمريكية - الإيرانية - القطرية متعددة الأبعاد، فعندما فرضت كل من المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة حصاراً على الدوحة في العام 2017، ومارسوا عليها ضغطاً لتنفيذ مطالب من بينها تقليص علاقاتها مع طهران وقطع التعاون العسكري والاستخباراتي معها، لكن رفضت المطالب، وعلى العكس من ذلك، تعززت علاقاتها مع إيران، فكانت مصدراً للغذاء والإمدادات خلال الحصار، وفتحت مجالها الجوي وموانئها أمام المشغلين القطريين، فظهرت إيران منقذاً لقطر في وقت الحاجة، لكن الدوحة ما زالت تلعب دورها بحذر مع طهران، وهذا التردد لا علاقة له بتهدئة مخاوف الدول العربية الشقيقة، بل حرصت قطر بذكاء على الموازنة بين حاجتها الملحة قصيرة المدى إلى يد العون من إيران مقابل طموحها طويل الأمد في جعل واشنطن تضمن استقلال قطر وأمنها.  

على سبيل المثال، خلال الفترة 2017-2020 ، ترددت الدوحة في السماح للبنوك الإيرانية بدخول سوقها، وعرقلت منح تأشيرات لرجال أعمال إيرانيين، إذ من الواضح أنها لم ترغب في إثارة حفيظة واشنطن بخرق العقوبات الأمريكية على طهران.

ما الذي يمكن أن تفعله قطر لإيران والولايات المتحدة؟ 

لا يمكن إنكار حقيقتين بشأن العلاقات بين إيران وقطر، أولهما، 

لا أحد من الجانبين لديه العزم بتحويل الآخر إلى خصم صريح، ثانياً، سعي الدوحة وطهران إلى تعاون متبادل المنفعة عند توفر الفرص، وقد يكون بحث الإدارة الأمريكية الحالية عن طرق للتحدث مع طهران، بما في ذلك استخدام وسطاء طرف ثالث، إحدى هذه الفرص.

تمتلك قطر، كواحدة من أغنى البلدان في العالم، القدرة المالية لتسهيل عملية دبلوماسية بين الولايات المتحدة وإيران، ما يعطيها ميزة، لأخذ دور الوسيط، على عُمان المشغولة حالياً بالتحديات الاقتصادية الداخلية، أو الوسطاء المحتملين الآخرين، بالإضافة إلى ميزة أخرى، فالتاريخ الحديث أظهر أن الدوحة لا تتعامل مع وزارة الخارجية في طهران فقط، ولكن أيضاً مع الحرس الثوري الإيراني، الذي يدير سياسات طهران الإقليمية ويسيطر على برنامجها للصواريخ الباليستية، وهما مجالان تحرص إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن على إدراجهما في المحادثات المستقبلية مع الإيرانيين.

وقد ظهرت قدرة الدوحة في الوصول إلى "الدولة العميقة" لإيران في العام 2015 عندما اختُطِف 26 قطرياً في العراق من قبل رجال القوات الموالية لإيران، واستغرقت المفاوضات 16 شهراً، شارك فيها الحرس الثوري الإيراني وشخصيات مثل قاسم سليماني، الذي اغتيل لاحقاً على يد الولايات المتحدة في العراق، في النهاية ، اضطر القطريون إلى دفع مئات الملايين من الدولارات كفدية للخاطفين وطُلب منهم الضغط على جماعات المعارضة المسلحة المدعومة من قطر في سورية، هذا السجل القطري في إبرام الصفقات مع الدولة الإيرانية لم يغب بالتأكيد عن فريق بايدن، بل قد يكون السبب وراء طرح الدوحة كوسيط في المواجهة الإيرانية الأمريكية.

سيخبرنا الوقت بما قصده وزير الخارجية القطري آل ثاني عندما قال إن الدوحة "تعمل على تهدئة" التوترات بين الولايات المتحدة وإيران، فقد يكون دوراً بسيطاً مثل توفير مكان للمحادثات الدبلوماسية، كالذي تفعله بين واشنطن وحركة وطالبان، وقد يكون دوراً أهم من ذلك وأعمق.

 

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 1 + 2