أمّة يوهن نفسيتها "بوست".. وسط تفاقم أزماتها المتعددة!

وكالة أنباء آسيا – خاص

2021.02.04 - 07:42
Facebook Share
طباعة

 في سوريّة، اليوم، يقف الناس في طوابير طويلة للحصول على لقمة عيشهم المُغمّسة بالدم، ويقبع أخرون في السجون بتهمة "وهن عزيمة الأمة". مفارقة عجيبة في بلاد أضحى يحكمها كل شيء إلا القانون، وينقصها كل شيء إلا صحوة مراقبي "وسائل التواصل الاجتماعي" وفزاعة "الجرائم الالكترونية". 

"ليس بالخبز وحده يحيا الإنسان، إنّه يعيش من القوانين". تلك العبارة، أضحت في الحالة السوريّة خارج أي سياق، حيثُ لا القانون يحمي، ولا الخبز موجود، وتصلّح مقولة "الخبز مفقود.. والأمن موجود"، لأن تكون شعار العمل الحكومي العابر للوزارات والهيئات المعنية بتوفير سبل الصمود والتصدي "للمواطن"، الذي أضحى صابراً على ما ابتلى به رغمه عنه.

توقيف عشوائي

وتداول ناشطون على وسائل التواصل الاجتماعي، وصفحات إخبارية، خلال الأيام الماضية، أخباراً تشير إلى اعتقال صحفيين، وقاضية، وحتى فلاح في إحدى القرى، وكل ذلك، لقيامهم بالعمل على وهن "عزيمة ونفسيّة الأمة" التي لم تضعفها طوابير الخبز، والمازوت والبنزين لسنوات طويلة. 

وبيّن مصدر رسمي لـ"وكالة أنباء آسيا" أنّ أسباب توقيف هالة الجرف تعود للتواصل مع صفحة (نور حلب) وتزويده بمعلومات ووثائق رسمية تتعلق بمؤسسات الدولة. 

وقال المصدر الذّي (تحفظ على ذكر اسمه) إنّ هناك الكثير من الصفحات على موقع "فيسبوك" تدّعي محاربة الفساد، في محاولة منها لجمع اللايكات، وخلّق نوع من المصداقية لدى الناس. 

وأرجعت وزارة الداخلية، بحسب صفحتها على "فيسبوك" سبب الاعتقال إلى "التواصل والتعامل مع تلك المواقع الالكترونية لتسريب معلومات مزيفة ومشوهة إليها، لإحداث البلبلة وتشويه الرأي العام"، مشيرة إلى أنه "بالتحقيق معهم اعترفوا بإقدامهم على التواصل مع تلك الصفحات وتزويدها بمعلومات ملفقة ".

ونوهت الوزارة إلى أحكام قانون العقوبات ومكافحة الجرائم المعلوماتية، في خطوة تبدو تذكيرية وتحذيرية لمن تُسوّل له نفسه، وهن "نفسية الأمة". 

ولاقى خبر الاعتقال، تفاعلاً كبيراً على وسائل التواصل الاجتماعي، وتداولته مواقع وصحف ومدونات عديدة تهكمت عليه في ظل تفاقم الأزمة الاقتصادية في طول البلاد وعرضها. 

العمل الصحفي في القانون

يَنظم العمل الإعلامي قانون الإعلام رقم 108 لعام 2011 والذي أتى نتيجة وضع استثنائي بفعل الاحتجاجات التي شهدتها البلاد، ويُنظر لهذا القانون بأنّه ظل حبراً على ورق دون قدرته على إحداث التغيير المطلوب في بيئة العمل الصحفي التي تعاني الكثير من الصعوبات والمعوقات مؤسساتياً وتنظيمياً ومهنياً. 

ونص القانون في مادته الثانية على أنّ " الإعلام بوسائله كافة مستقل يؤدي رسالته بحرية ولا يجوز تقييد حريته إلا وفقاً لأحكام الدستور والقانون".  

أما المادة السابعة فنصت على أنّ "حرية الإعلامي مَصونة في القانون ولا يجوز أن يكون الرأي الذي ينشره الإعلامي سبباً للمساس بهذه الحرية إلا في حدود القانون". 

وبحسب مراقبين فإنّ بيئة العمل الصحفي السوري تعيش واقع سياسي غير منفتح منذ سنوات عديدة، ما دفعها لأن تكون صحافة باتجاه واحد، ويحكمها قانون مكافحة الجريمة الالكترونية، وليس قانون الاعلام. 

قانون بتعابير فضفاضة

من جهته علّق المحامي عارف الشعال، حول بيان وزارة الداخلية، بالقول "بأن مواد قانون الجرائم المعلوماتية هي تعابير فضفاضة".

وقال الشعار في منشور بصفحته على "فيسبوك" رصدته "آسيا" "إنّ التعبيرات التي استخدمها المشرع هنا وهناك في تجريم الأفعال الماسة بأمن الدولة غير واضحة المعالم ولا محددة الأطراف وظلال الألفاظ متموجة تكاد تتسع لكل شيء". 

ويبدو، أنّ متنفس السوريين الوحيد (فيسبوك) و-الذّي يشكل المنصة الأولى للتعبير عن همومهم ومعاناتهم-أضحى اليوم، حائطً مسدوداً وخطيراً قد يودي بهم إلى المجهول، وفقاً لقانون الجرائم المعلوماتية، المُطبق بقوة في هذه الأيام. 

وبحسب مختصين، فأنّ ما يجري في سورية من تقييد لحرية الرأي على السوشل ميديا يُعتبر نكوص للوراء وانحطاط مؤسساتي لا سابق له. ودليل ذلك، الرقابة الصارمة على منشورات العديد من الصحفيين وكذلك الناس العاديين؟ 

اتحاد الصحفيين يبرر!

بدروه برّر رئيس اتحاد الصحفيين "موسى عبد النور" توقيف المذيعة في التلفزيون السوري "هالة الجرف" من قبل فرع مكافحة الجرائم الالكترونية، وقال إن "توقيفها لدى الفرع جاء بسبب تجاوزت محظورات النشر". 

وأضاف "عبد النور" في تصريحات صحفية أنّ: "الإعلامية السورية تجاوزت محظورات النشر، وارتكبت مخالفة فيما يتعلق بالنشر الإعلامي على مواقع التواصل الاجتماعي، هذا ما أبلغنا به كاتحاد من قبل الجهات المعنية وفرع مكافحة الجريمة الإلكترونية، بأن إجراء التوقيف تم أصولاً، بناء على مخالفة واضحة لقانون النشر الإلكتروني". 

ويذكر، أنّه رغم كثرة الحديث داخلياً عن الصحافة وحريتها وأهميتها لنقل الواقع وتسليط الضوء عليه، فأنّ سورية لا تزال تُصنف من أخطر الأماكن على الصحفيين والعمل الصحفي، حيث قُتل فيها أكثر من 700 صحفي منذ عام 2011 ولكن هذا لا يعني أنّ الصحافة في سورية قبل العام 2011 كانت بخير وتمارس الدور المنوط بها في ظل واقع سياسي وإعلامي وقانوني داعم لدورها.

 

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 2 + 3