كتبَ زياد علوش: غزوة واشنطن

2021.01.11 - 07:59
Facebook Share
طباعة

 رفع خصوم «اميركا» الشموليين سقف توقعاتهم من تداعيات غزوة «الكابيتول» في العاصمة واشنطن التي قام بها انصار الرئيس المنتهية ولايته دونالد ترامب بداعي الاعتراض على ما اسموه تزوير الانتخابات الرئاسية التي فاز فيها الرئيس المنتخب جو بايدن.


منهم من شطح خياله نحو حرب بسوس اهلية بين الشمال والجنوب والجمهوريين والديمقراطيين وآخرين قالوا بانقلاب جماعة الاب القائد ترامب وعدم تسليمه منصة البيت الابيض لخلفه «بايدن». 


محللي الممانعجية استرسلوا في سرد ديكتاتورية ترامب والحزب الجمهوري القائد ومدى فعالية اليمين المتطرف وقدرته على تعطيل ديمقراطية العم سام. 


صحيح ان انظمة الفساد عندنا من ممانعين ومطبعين كوجهين لعملة واحدة هما من ثمرة التركيب الاميركي في «لانغلي» وصحيح ان الصهيونية ربيبة امريكا وان اللوبي «ايباك» يمسك بزراديم النخب الاميركية وان واشنطن جعلتنا على الدوام كفئران في مختبرات تجريبها الا ان طبيعة السياسة الاميركية في الداخل الاميركي قادرة على التعامل مع اعتى الازمات واعادة عجلة الوقت الى طبيعته ليس هناك من هو فوق سلطة انفاذ القانون بدليل عودة السلطة التشريعية للاجتماع في نفس اليوم وتثبيت شرعية انتخاب بايدن وعدم الخضوع لترهيب شبيحة «ترامب» واجماع الاميركيين على وصف الغزوة باليوم الاسود للديمقراطية الامريكية ولاحقا سيخضع الغازون لسلطة القانون وترامب نفسه كان اول المتبرئين من فعل انصاره وقد حرضهم على ذلك عندما طلب منهم التوجه نحو الكابيتول وربما يخضع هو نفسه لاحقا للمساءلة..ادرك ترامب انه لن يكون فوق القانون وهو بصدد التفكير بالعفو عن نفسه قبيل عزله كما طالبت رئيسة مجلس النواب «بيلوسي» باجراءات راديكالية، رفضها نائب الرئيس الحالي «بينس» كما رفض سابقا طلب ترامب نفسه بابطال رئاسة بايدن معللا ذلك بعدم امتلاكه تلك الصلاحية.


على ان الاشارة المهمة في غزوة واشنطن اعطت بلاط الانظمة الشمولية درسا مهما في الديمقراطية والوطنية في اميركا لا يمكن التهديد بالقمصان السود للانقلاب على نتائج الانتخابات الديمقراطية فالمؤسسات الدستورية والشرعية وكذا الجيش ووكالات الامن لم تنقسم ويذهب كل لواء وفيلق وجهاز ومؤسسة وراء زعيمه الحزبي والطائفي والمذهبي والمناطقي، في اميركا لا احد يستطيع التهديد بالسلاح والحرد العنيف لتغيير المعادلات فقط ذلك يتم في صناديق الاقتراع، اميركا وفي اسوأ ايامها الديمقراطية لم يتجرأ احد من الخارج ان يتدخل في ازمتها وشؤونها الداخلية فيستقوي بعض الداخل بالخارج على الشركاء في الداخل لان الثوابت الوطنية واضحة والانتماء واضح وممارسة السياسة كما الوظيفة العامة تتم وفق ضوابط صارمة.


ومن يخرج يتحمل العواقب دون مظلة تحميه كذلك اغلب مساعدي ترامب في ادارته وحزبه الجمهوري لم يجاروه في تطلعاته السلطوية فاستسلم لتسليم سلس للسلطة عندما ادرك ان لا احد فوق القانون، في الولايات المتحدة الاميركية كذلك ليس بامكان احد التوسط للململة القضية او حفظها في الادراج. في اميركا لا يحتاج القضاء لان يرفع احد الغطاء السياسي عن المرتكبين لان فصل السلطات مؤكد وفاعل بالنص والممارسة.


جميلة محاضرات العفة الديمقراطية في شرقنا، الزعيم القائد وزبانيته يغتصبون السلطة واحفادهم من بعدهم ويهلكون الحرث والنسل بين القتل والاعتقال والتعذيب والتهجير والفساد والافساد ويستمر التصفيق لهم بالخلود.


ونحن في لبنان تكفينا «ملحمة» الاستعصاء الحكومي فلدينا اكثر من نيرون، على اعين كابيتول عين التينة في بيروت. 

المقال لا يعبّر عن رأي الوكالة وإنما يعبر عن رأي كاتبه فقط


Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 2 + 2