كتبَ علي المحمود: ليلة سقوط حرية أمريكا

2021.01.07 - 08:36
Facebook Share
طباعة

 في مشهد أقل ما يوصف به أنه ذبح لديمقراطية أمريكا وقتل لحريتها وسقوط لقيم طالما سعت واشنطن إلى تصديرها إلى شعوب العالم؛ بل واتخاذها ذريعة للتدخل في شئون الدول، جاء اقتحام الكونجرس الأمريكي الأربعاء، من آلاف المتظاهرين لمنع التصديق على فوز الرئيس المنتخب جو بايدن، وما صاحب ذلك من عمليات تخريب وفوضى في مبنى يمثل في رمزيته وهيبته وقداسته حصن الديمقراطية والحرية ل أمريكا ، وأن يكون هذا المشهد من صنع الرئيس الأمريكي المنتهية ولايته، فإن الأمر يضع سابقة تاريخية لم تحدث في الولايات المتحدة؛ بل إنه بات يهدد مستقبل الديمقراطية في هذا البلد.

لقد تابع مئات الملايين في مصر والعالم الليلة مشاهد تفجير أمريكا من الداخل عبر ما تم من عنف وتطرف وإطلاق نار وتكسير وعمليات سلب وتخريب ب الكونجرس لم يألفها هذا المجتمع.


ربما يرى البعض أن ما يحدث يتسق مع شخصية الرئيس ترامب المثيرة للجدل الذي لايرى ولا يعترف إلا بما يراه هو ويعترف به هو أيضًا حتى وإن كان صندوق الانتخابات الذي يعد فقط وسيلة التغيير في أمريكا منذ نشأتها.


لكن ما حدث أمس، كشف عن أن المجتمع الأمريكي يضم شريحة " ترامب اوية " واسعة تؤمن بفكر ترامب  ولا تعترف بالصندوق وسيلة للتغيير وانتقال السلطة، ولعل ذلك ما جسده نحو 73 مليون مواطن أمريكي صوتوا ل ترامب في الانتخابات الرئاسية وهو عدد ليس بالقليل.


ومن المؤكد أن ما حدث الأربعاء من مشاهد فوضوية مذهلة واقتحام للكونجرس بهذه الطريقة التى اعتدنا أن نراها في دول العالم الثالث وبمشاركة الآلاف سوف يكون محل دراسة وتقييم؛ بل سيضع ديمقراطية أمريكا في المستقبل أمام تحديات خطيرة، إذ أسست هذه الوقائع لسابقة ربما تتكرر في المستقبل.


ومن ثم فإنني أعتقد أن الأمر لم ينته في الولايات المتحدة عند هذا الحد؛ بل سيؤدي إلى انقسامات واستقطابات واسعة في هذا المجتمع الذي يعاني من مشكلات في تركيبته العرقية والحزبية، وإذا ما نظرنا أيضًا إلى أن دعوات التظاهر وعدم الاعتراف بنتائج الانتخابات، كانت مدعومة من قيادات وأعضاء كثيرين من الحزب الجمهوري ؛ بل ومؤسسات كبرى؛ بل لا أبرئ اللوبي اليهودي الذي وجد في استمرار ترامب ما يحقق مصالحه ومصالح إسرائيل.


أمريكا بعد اليوم لن تكون أمريكا ما قبل، هذا اليوم هو تاريخ فاصل في دولة "الديمقراطية" فهو يوم سقوط الحرية وتمثالها الذي اتخذته واشنطن رمزًا لديمقراطيتها وأبرز معالمها على مر التاريخ.


وسوف تظل هذه المشاهد وصمة في جبين هذه الدولة التى نصبت نفسها حارسًا للحريات في العالم ومدافعًا عنها.. نعم هي أخطر أزمة تواجه بلد العم سام، وستكون لها تداعياتها وآثارها على مستقبل الولايات المتحدة، بعد أن دهس الأمريكيون حصن الديمقراطية، وحطموا أسطورة الحرية الأمريكية في غياب التأمين الهش لهذا المبنى التاريخى المهم.


لقد أسست هذه المظاهرات "ال ترامب اوية" المتطرفة غير السلمية لمرحلة جديدة في تاريخ أمريكا سوف تنعكس على سياسة واشنطن، ومن الصعب احتواء تداعياتها في القريب وربما قادم الأيام.


وفي ظل هذه الفوضى وتصاعد هذا الفكر المتطرف تصبح أمريكا أمام سيناريوهات مفتوحة!!

المقال لا يعبّر عن رأي الوكالة وإنما يعبر عن رأي كاتبه فقط

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 8 + 6