كتبَ ناجي الستاني: العرب تصالحوا وطبّعوا مع إسرائيل. والسبب..

2021.01.06 - 07:47
Facebook Share
طباعة

 لقمّة ​الخليج​يّة رقم 41 التي إنعقدت في منطقة العلا السُعودية أمس، لم تكن عاديّة ولا تقليديّة، كونها تأتي في ظرف إقليمي دقيق وحسّاس، وكونها طوت صفحة من الخلافات الكبيرة بين عدد كبير من الدول العربيّة والخليجيّة. فما هي الأسباب، وما هي الإرتدادات المُستقبليّة لهذه الخُطوة؟.


بداية لا بُدّ من الإشارة إلى أنّ الوساطات التي أجرتها الولايات المُتحدة الأميركيّة - على يد كبير مُستشاري ​البيت الأبيض​ جاريد كوشنير، وكذلك ​الكويت​ على مدى أشهر طويلة، نجحت في نهاية المَطاف في رفع المُقاطعة التي كانت تفرضها كلّ من ​السعودية​ و​الإمارات​ و​البحرين​ ومصر على قطر منذ حزيران من العام 2017، فأعيد فتح الحدود معها، ورُفعت القيود الجويّة والبحريّة، إلخ. بالتزامن مع تنازل ​الدوحة​ عن الدعاوى القضائيّة التي كانت قد رفعتها على الدول المَذكورة(1). وإذا كان هدف الوساطة الكويتيّة هو تثبيت الإستقرار في الخليج، وتأمين مُصالحة الأشقاء، فإنّ الأهداف الأميركيّة أكثر عُمقًا بكثير، ومُرتبطة بحسابات إستراتيجيّة، وتحديدًا بالصراع مع ​إيران​! وفي هذا السياق، يُمكن تعداد مجموعة من الأهداف الأميركيّة المُهمّة:

أوّلاً: تريد إدارة الرئيس الأميركي المُنتهية ولايته ​دونالد ترامب​ سحب ورقة المُصالحة من يد إدارة الرئيس المُنتخب ​جو بايدن​ الذي كان يستعدّ لإتمام هذه المُصالحة بعد تسلّمه السُلطة.

ثانيًا: تريد إدارة ترامب توجيه ضربة إقتصاديّة جديدة لإيران، تتمثّل في وقف حُصول هذه الأخيرة على عائدات تُقدّر بنحو مئة مليون ​دولار​ أميركي سنويًا، كانت تدفعها الدوحة ل​طهران​ لإستخدام مجالها الجوي، بدلاً من المجالات الجويّة الخليجيّة الأخرى التي كان جرى حظرها على الدوحة في زمن الخلاف. وتريد كذلك إعادة خفض الواردات القطريّة من إيران، والتي كانت قد إرتفعت بمقدار خمسة أضعاف في ​السنة​ التي تلت الحصار على الدوحة. والهدف بالتالي هو إعادة تقليص هذا الرقم إلى حدود دنيا، بعد إعادة فتح الأسواق الخليجيّة أمام قطر. وفي حال حُصول كلّ من هذين الأمرين، فإنّ العلاقات الدبلوماسية بين قطر وإيران ستتأثّر سلبًا حُكمًا.

ثالثًا: تريد إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب، تأمين جبهة مُوحّدة وواسعة تشمل ​إسرائيل​ من جهة، والدول العربيّة والخليجيّة التي طبّعت العلاقات معها من جهة أخرى، وذلك في مُواجهة إيران، بحيث يُصبح من الصعب على أيّ إدارة أميركيّة جديدة مُحاورة طهران، وعقد إتفاقات جديدة أو العودة إلى الإتفاق النووي معها، من دون تعريض علاقاتها مع هذا التجمّع الدولي الواسع للإهتزاز(2).

رابعًا: تتقاطع مصلحة إدارة الرئيس ترامب مع مصلحة عدد كبير من دول المنطقة، على زيادة عزلة إيران سياسيًا وإقتصاديًا، في مُحاولة لمُواجهة نُفوذها المُتنامي في المنطقة، وفي مُحاولة لتشكيل أوسع جبهة مُمكنة ليس ضُدّ إعادة إحياء البرنامج ​النووي الإيراني​ فحسب، إنّما أيضًا بوجه البرنامج الصاروخي الإيراني الذي يُثير قلق العديد من الدُول، وضُدّ أي مُحاولات إيرانيّة لضرب الإستقرار الإقليمي عبر دعم وتسليح وتمويل بعض الجماعات المذهبيّة في هذه ​الدولة​ أو تلك.

خامسًا: خُطوة المُصالحة الأخيرة تصبّ في الخانة نفسها التي تسعى كلّ من ​أميركا​ والسعودية لتثبيتها، والمُتمثّلة بمُحاولة الحدّ من النُفوذ الإيراني في كل المنطقة، من ​العراق​ حيث تسعى السُعوديّة عبر إنفتاحها على بعض القيادات العراقيّة إلى مُزاحمة إيران على النُفوذ هناك، الأمر الذي يُناسب الجانب الأميركي أيضًا، وُصولاً إلى ​اليمن​ حيث تسعى المملكة إلى إنهاء الحرب هناك، في مُقابل وقف أيّ شكل من الدعم الخليجي لأي فصائل سُوريّة مُعارضة، علمًا أنّ وقف المعارك في اليمن هو هدف أميركي أيضًا.

لكن وعلى الرغم من الإتفاق المُهمّ الذي جرى توقيعه في السُعوديّة أمس، من قبل أعلى القيادات، تبقى العبرة في التنفيذ، خاصة وأنّ منطقة ​الشرق الأوسط​ برمّتها ستتأثّر بتبدّل الإدارة الحاكمة في ​واشنطن​، مع كل الإرتدادات المُرتقبة لهذه الخُطوة. وليس بسرّ أنّ الدول التي كانت تُقاطع قطر، تراجعت عن عدد كبير من مطالبها(3)، لإنجاز الإتفاق بسرعة في ظلّ عهد ترامب، إلا أنّ كيفيّة التقيّد ببنوده المُستحدثة، وكيفيّة تعامل كل من إيران و​تركيا​ وحتى الإدارة الأميركيّة ​الجديدة​ معه، يبقى غير واضح في المرحلة الراهنة.

المقال لا يعبّر عن رأي الوكالة وإنما يعبر عن رأي كاتبه فقط

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 6 + 3