كتبَ سيد علي: حرب اللقاحات الباردة

2020.12.18 - 07:49
Facebook Share
طباعة

 كان لافتا للنظر خروج الرئيس الامريكي ترامب وأسرته بعد ساعات من احتجازهم بالمستشفي معافين من فيروس كورونا عكس كل البشر الذين أمضوا أسبوعين تحت العلاج والملاحظة, ثم خروج ترامب منتقدا الشركات الأمريكية التي أعلنت لقاحاتها بعد انتهاء الانتخابات الرئاسية ملمحا بأنها السبب في خسارته وهكذا تم تسييس اللقاح ات، وخضعت لمزايدات لا تليق بطب ولا بعلم. أراد الرئيس الأمريكي لقاحاً بأي ثمن ليكسب به الانتخابات .

وسارع الرئيس الروسي بوتين لتكريس لقاحه، كي يقول إنه الأول. وتسعى كل شركة مصنعة للأدوية لتكسب حصة الأسد، من لقاح سيكون حتما بدائيا، وليس بالضرورة مأموناً حين يباع وهو قيد التجريب. وقد يكون الرئيس البرازيلي جايير بولسونار و هو أحد القلة الذين تعاملوا بحذر مع الحملات الترويجية للقاحات.


فقد قرر عدم شراء اللقاح , لأن الشعب البرازيلي لن يكون فأر تجارب لأحد... ولامبررا لدفع المليارات نظير عقار لم يمر حتى بمرحلة الاختبار. ولابأس من حكومات تخوض حروبا محمومة في مواجهة الإفلاس والانهيارات، في بحثها عن مخرج، فهذا حقها، ولا بأس في مختبرات الأدوية للترويج للقاحاتها. فالربح المتوقع بالمليارات، وكل يريد أن يحجز حصته بالسبق العلمي التاريخي، والكسب المادي. لكن فائض التفاؤل لا يحل المشكلة، وزرع الوهم في النفوس يخشى أن تكون عواقبه مضنية.


فقد نُصِّب لقاح فايزر و بيونتك قبل أيام، نجما منقذا على عرش اللقاح ات، وقبله كان أكسفورد هو المتقدم، وقبلهما سمعنا عن سبوتنيك الذي اجتاز كل الاختبارات بتفوق، وبدأ العمل به.


وبدا أن دراما كورونا المستفحلة هذه الأيام، إنما تقوم على أكتاف الساسة الباحثين عن المجد، ممن يحرقون المراحل ويحرجون العلماء ويصرون على الخروج على الملأ، ليعلنوا نصرا غير مكتمل.. ويوجد حاليا 48 لقاحا مضادا لوباء كوفيد - 19 في مرحلة التجارب السريرية على البشر، لكن 11 منها فقط دخل المرحلة الثالثة والأخيرة قبل الحصول على موافقة السلطات وأكثر لقاحين واعدين هما لشركة فايزر وشريكتها بيونتيك، وشركة موديرنا الأمريكية، ويبدوان الأكثر تقدما باستخدامهما تكنولوجيا متطورة.


كما أعلنت شركة التكنولوجيا الحيوية الأمريكية موديرنا، أن لقاحها فعال بنسبة 94,5%، وتعتزم تصنيع 20 مليون جرعة منه بحلول نهاية العام. كما أطلقت الشركة الصينية سينوفاك ، تجارب المرحلة الثالثة من لقاحها كورونا فاك على آلاف المتطوعين لا سيما في البرازيل، أما سينوفارم، مختبر صيني آخر، فقام بإطلاق مشروعي لقاح مع معاهد أبحاث صينية. بينما أطلقت شركة بهارات بيوتيك الهندية عملية تجنيد لـ26 ألف شخص للخضوع لتجارب على لقاحها كوفاكسين الذي يجري تطويره بدعم من الحكومة الهندية، وتتوقع أن يصبح متوافرا في الربع الأول من عام 2021. أما المجموعة الإنجليزية-السويدية أسترازينيكا وجامعة أوكسفورد فستستخدم لقاحهما وتقول إنها أحرزت تقدماً بالتصنيع المقرر لثلاثة مليارات جرعة يفترض أن تصبح متوافرة في 2021.


بينما أطلقت الشركة الأمريكية جونسون أند جونسون ، تجربتين سريريتين للقاحها المكون من فيروس معدل، الأولى تقوم على إعطاء جرعة واحدة للمشاركين، والثانية جرعتين. بالإضافة إلى لقاح سبوتنيك 5 الذي طوره مركز أبحاث الأوبئة جاماليا، مع وزارة الدفاع الروسية, وأعلن الروس أنه فعال بنسبة 92%.


وتري منظمة الصحة العالمية أن الهدف هو أن تتمكن كل دولة من تلقيح 20% من سكانها بحلول نهاية عام 2021، أي أن العالم يحتاج تقريبا 3 مليارات جرعة لنحو 1.5 مليار إنسان في عام 2021. ولذا فإن المنافسة تخطت مرحلة المواد الفعالة ووصلت إلى حروب أسعار متوقعة للقاح نفسه، حيث كشفت الشركة المصنعة للقاح الروسي سبوتنيك أن سعر لقاحها الخاص بفيروس كورونا سيكون أقل بكثير من سعر اللقاح ات الأمريكية لشركتي فايزر و بيونتك والذي وصل إلى 20 دولارا تقريبا، ولقاح موديرنا والذي وصل إلى 39 دولارا للجرعة.


أما اللقاح الروسي فقد أطلقوا عليه اسم سبوتنيك تيمنا بأول قمر فضاء صناعي يسبح في الفضاء، والذي أطلقه الاتحاد السوفيتي في أكتوبر 19 57. ستثبت الأيام والأشهر المقبلة إن كانت حرب اللقاح ات هي صراع على الهيمنة أم خدمة للإنسانية، فلا يمكن السماح لأي من الأجندات أو اعتبارات الربح بأن تكون الدافع لإنتاج أهم لقاح على الأقل في القرن الحالي.

المقال لا يعبّر عن رأي الوكالة وإنما يعبر عن رأي كاتبه فقط


Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 3 + 10