عن الديمقراطية الاميركية، التي تصبح ديكتاتورية ساعة تشاء

2020.12.10 - 08:17
Facebook Share
طباعة

 هل تصدقون ان ممارسات المخابرات في البلدان الديكتاتورية هي نفسها التي يتعرض لها المواطن الاميركي لو تجاوز الخط الاحمر للنظام الحاكم؟
دافع عن فلسطين يسحقونك
اذكر سيئات الاستيطان الاسرائيلي يسحقونك
تحدث عن جرائم الاحتلال الاميركي في دول شن عليها حروبه العدوانية يسحقونك
دافع عن المظلومين من الاميركيين الافارقة يسحقونك
تحدث عن الحكام الحقيقيين للعالم الذين يسخرون القوة الاميركية لقهر مليارات البشر يسحقونك
اذكر من هي اللوبيات التي تحكم من يسكن البيت الابيض ومن يصبح عضوا في الكونغرس فلا يخالف منهم احد تعليمات الشركات العابرة للقارات والبنوك الرئيسية في هذا الكون التي مقرها اميركا، يسحقونك،
ان لم تكن من القراء وان كان عقلك اقل فاعلية من فهم الكتب وما فيها، فلا بأس، شاهد الفيلم الاميركي الذي يروي القصة الحقيقية لسيرة حياة فنانة اميركية شهيرة دمرها جهاز الاف بي اي وجعل حياتها مستحيلة فاقدمت على الانتحار والسبب انها كانت من المتبرعين للنشطاء السود المحاربين لاجل الحرية.
انها الممثلة الاميركية الراحلة جين سي-برغ jean Seberge
وهذه قصة حياتها

ولدت "جان دوروثي سيبرج" في "مارشال تاون أيوا" في الولايات المتَّحدة الأمريكيَّة عام 1938م. وقد أصبحت سي- برغ ناشطة شغوفة بالدفاع عن الحريات الانسانية والحقوق الشرعية للمواطنين الاميركيين من اصول افريقية وقد شاركت بسبب ايمانها الحقيقي بالانسان في نشاطات مطلبية قبل ان تنضم الى احد المنظمات الناشطة ضد نظام الفصل العنصري الاميركي الذي يعامل السود على انهم مواطنون من الدرجة الثانية.
بعدما اضحت نجمة سينمائية شهيرة جدا شعر الاف بي اي بالرغبة في قمعها واسكاتها لانها كانت اينما حلت تستخدم شهرتها لخدمة القضايا المحقة ومنها قضية العنصرية ضد السود.

ولانها شهيرة كان لا بد من ضرب سمعتها، اذ كانت تشارك في نشاطات دعائية للمنظمات الانسانية الداعمة للافرو- اميركيين وتبرَّعت بسخاء للعديد من المنظمات، ومنها تقديم مساعدات إلى الناشط الشهير حكيم جمال, ومنظَّمة الوحدة الأفريقيَّة الأمريكيَّة,
وكذلك كان لها علاقة علنية ب مجموعات الفهود السود "Black Panthers"، حيث انجذبت إلى المنظمة, بعد رعايتها برامج إفطارات مجانيَّة للأطفال، لكن مشاركتها تلك في الدعاية ضد العنصرية الاميركية أدَّت إلى اعتبارها عدوا يجب ازالته من طرف الاجهزة الحكومية الأمريكيَّة.
وبعد سلسلة من المصاعب التي خلقها الاف بي اي للممثلة الشهيرة بدأت الحرب ضدها بشكل هستيري بدءًا من العام 1969م, حيث راقبتها وكالة الاستخبارات الأمريكيَّة عن كثب في الخارج ولاحقها الاف بي اي في يومياتها ووضع اجهزة تنصت حتى في غرفة نومها.

ولما اكتشفت ان الاف بي اي كان خلف تدمير زواجها وحرمانها من ولدها وعندما تيقنت ان ادغار هوفر مدير الاف بي الأي التاريخي وصاحب الممارسات الاجرامية التي يتجاهلها القانون الاميركي عمدا حين تكون ضد معارضي النظام لم تستسلم جين بل قررت ان تقاوم.

لكنها " وردة برية جميلة" في مواجهة وحوش قضى اجدادهم على عشرات ملايين الهنود الحمر فزاد "جيه إدغار هوفر" الضغط النفسي وبث الرعب في كل من له علاقة بها ومنع هوليوود من العمل معها تحت التهديد والوعيد .
وحتى لا تبقى شهرتها سلاحا مفيدة للقضية التي تقاتل من اجلها قام الاف بي اي بتشويه سمعتها ناشرا العشرات من المقالات الكاذبة التي تتحدث عن سوء جين سي – بيرغ كأم وزوجة وانسانة بحيث ان اشد المعجبين بها اصبحوا يصدقون انها انسانة مريعة لا تملك حس الامومة وهي مجرد ساقطة اخرى من نجمات الشاشة لا اكثر.
هل اكتفى ادغار هوفر ممثل الشركات التي تتحكم باميركا في الاجهزة الامنية بما فعله بجين سيبيرغ؟
لا بل لحق بالجنين الذي كان في بطن سيبيرغ في العام 1970 وروج عبر مخبريه في عالم الصحافة والاعلام ان زوج جين الفرنسي ليس والد الطفلة التي تحملها وبالتالي دمر هوفر لا حياة جين فقط بل حياة زوجها وجنينهها فتركها الزوج ولم يصدقها بل صدق الصحافة..

والاسوأ ان تلك القصة نشرت في صحيفة "لوس أنجلوس تايمز", عبرمقال للكاتبة الشهيرة "جويس هابر"، وكذلك "مجلَّة نيوزويك", حيث تم تسمية سيبرغ مباشرة, دخلت عقبها "سيبرغ" في المخاض المبكِّر وفي 23 أغسطس 1970 أنجبت طفلة وزنها 4 أرطال "1.8 كجم" ماتت الطفلة بعد يومين, وأُقيمت جنازة في مسقط رأسها مع تابوت مفتوح سمح للصحفيين برؤية جلد الرضيع الأبيض، مما دحض الشائعات والتلفيقات التي نسجها مكتب التحقيقات الفيدراليَّة.
بعدها رفعت سيبرج وزوجها جاري دعوى قضائية ضد Newsweek بتهمة التشهير مطالبا 200 ألف دولار أمريكي كتعويض, وبالفعل أمرت محكمة في باريس مجلَّة Newsweek بدفع 10800 دولار أمريكي كتعويض للزوجين, وأمرت نيوزويك بطباعة الحكم في منشوراتها، بالإضافة إلى ثماني صحف أخرى.

وأظهر سجلات مكتب التحقيقات الفيدرالي أنَّ "جي إدغار هوفر","المسؤول عن ملفها" أبقى الرئيس الأمريكي "ريتشارد نيكسون" على علم بأنشطة مكتب الاف بي اي ضد جين سيبيرغ على اعتبارها شخصا خطرا على الامن القومي.
ما هو خطرها؟
انها كانت تطالب بحقوق السود وهم مواطنون اميركيون؟
فتخيلوا ان رئيس الدولة التي تصرف عشرات مليارات الدولارات على منظمات للمرتزقة والنشطاء الذين يزعمون انهم ثوار يطلبون الحرية في دول مثل لبنان واليمن وليبيا وسورية وفنزويلا وبوليفيا والعراق يلاحق ممثلة تتطالب بحقوق مواطنين اميركيين مما يضمنه لها ولهم الدستور الاميركي.
فهل فاقد الشيء يعطيه؟
اميركا ارض الحرية شرط الا تتجاوز الخطوط الحمر، تماما مثلها مثل اي نظام ديكتاتوري انما هامش المسموح عندهم اكبر.

ونتج عن كل ما سبق أنَّه وفي ذروة حياتها المهنيَّة كممثِّلة، توقَّفت فجأة عن التمثيل في أفلام هوليوود, لكن يشير خبراء أنَّ تصرُّفات مكتب التحقيقات الفيدرالي وضع سيبرج "فعليًا على القائمة السوداء" من أفلام هوليوود.
في ليلة 30 أغسطس 1979م، وجدت جين مقتولة وزعمت الشرطة انها انتحرت.
وقد وجه زوجها تهمة التسبب بموتها إلى مكتب التحقيقات الفدرالي.

تم دفنها في باريس, وقد انتجت شركة مستقلة فيلما عن قصة حياتها تضمن الكثير من الحقائق.
وعلى عادة السينما الاميركية التي تشوه التاريخ بالقول انه زمن مضى، في حين يتكرر تعامل الاجهزة الديكتاتورية الاميركية يوميا مع امثال جين حتى في يومنا الحاضر.
فقط جربوا ان تكتبوا الحقائق عن جرائم اسرائيل او عن الجرائم العنصرية التي ترتكبها الشرطة الاميركية او اكتبوا عن الشركات وسيطرتها والبنوك ونفوذها ان كنتم تعيشون في اميركا وسترون كيف ستعيشون احداث فيلم سيبيرغ بكل تفاصيلها.

المصادر

1. https://www.munzinger.de/search/go/document.jsp?id=00000019067
2. https://www.imdb.com/name/nm0781029/
3. https://web.archive.org/web/20180912054554/http://fbidocs.com/jean-seberg/
4. https://www.neh.gov/humanities/2016/spring/statement/the-secret-lives-jean-seberg
5. https://www.latimes.com/entertainment-arts/movies/story/2020-02-26/jean-seberg-real-life-kristen-stewart
6. https://www.independent.co.uk/arts-entertainment/films/features/kristen-stewart-new-movie-jean-seberg-suicide-fbi-venice-film-festival-2019-a9080366.html

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 7 + 5