كتبَ عبد الفتاح الجبالي: الإعلام المصري وحرية المعلومات

2020.11.25 - 09:31
Facebook Share
طباعة

 أقدر العاملين فى الصحافة والإعلام لبذلهم جهودا للحصول على المعلومات.. بهذه العبارة التى جاءت على لسان د. مصطفى مدبولى رئيس مجلس الوزراء خلال افتتاحه المؤتمر الافتراضي: مستقبل الإعلام فى العالم ، الذى أقامته وزارة الدولة للإعلام ، أوضح أهمية المعلومات فى العمل الإعلامى والصحفي، مشيرًا إلى أن عدم استخدام المعلومات الدقيقة يضعف القوى الناعمة للدولة، وهو ما أكده وزير الدولة للإعلام مشيرا إلى أنه: لا يمكن ان يعيش عاقل بدون معلومات.


وللأسف فهذا الفكر لايوجد لدى العديد من صناع القرار فى المجتمع، بل إن التوصيات الختامية للمؤتمر لم تشر من قريب أو بعيد لهذه المسألة!. وهو ما يطرح العديد من التساؤلات، يأتى على رأسها مصادر المعلومات التى تعتمد عليها وسائل الإعلام المختلفة، و كيفية التأكد من صحة المعلومة ؟ وغيرها من الأمور التى يجب أن تكون الشغل الشاغل لجميع المهتمين بالعمل الإعلامى والصحفي، فى ظل ما نشهده من حولنا من تطورات ومتغيرات سريعة ومتلاحقة، خاصة مع الصعود الهائل لوسائل التواصل الاجتماعى فى الحياة العامة.


يأتى ذلك انطلاقا من الإيمان العميق بالدور المحورى والأساسى للإعلام والصحافة فى المجتمع ككل، فحرية الإعلام والصحافة هى إحدى الدعامات الأساسية للديمقراطية ومحاربة الفساد، وهو ما يتطلب العمل على توفير جميع الضمانات والإمكانات التى تساعد على أداء الممارسة الإعلامية والصحفية بحرية تامة دون اى ضغوط او قيود، يمكن ان تؤثر عليها.


وتساعدها على لعب دورها المنوطة به خاصة فيما يتعلق بإنارة الرأى العام والمجتمع وتوعيتهما بجميع الحقائق وتعقب الانحرافات، لكى تصبح وبحق نبضا صادقا للمجتمع. ولهذا تم وصف المعلومات بانها أوكسجين الديمقراطية. من هنا تأتى أهمية حرية المعلومات التى أصبحت ضرورة أساسية لضمان ممارسة العمل الاعلامى بصورة صحيحة، لذلك اهتمت المؤسسات الدولية بهذه المسألة وتزايدت الدعوة الى نشر المعلومات بطريقة سهلة ومبسطة، خاصة ان توفير المعلومات والبيانات ذات الجودة العالية لم يعد ضرورة فقط، وإنما أضحى أمرا تلقائيا فى ظل ما تفرضه المستجدات على الساحتين الإقليمية والعالمية، وما يشهده العالم من ثورة فى تكنولوجيا الاتصالات والمعلومات وعصر السماوات المفتوحة والشبكات الإلكترونية المتعددة، فقد أصبح من الطبيعى أن تقل سيطرة الدولة، بأجهزتها الرسمية، على مدى إنتاج وتدفق هذه المعلومات فى ظل انعدام الحدود بين الدول وتغير المفهوم التقليدى لسيادتها، بما يقصر دور الدولة على تعظيم وتنظيم الاستفادة من تلك المعلومات والحيلولة دون إساءة استخدامها بما يتعارض مع الصالح العام أو الخصوصية.


وهنا يرى البعض أن الحديث عن المعلومات يتناول فقط البيانات الاقتصادية للدولة مثل الناتج القومى او أوضاع ميزان المدفوعات والموازنة العامة وغيرها، وهو تصور خاطيء بالاساس، إذ إن المقصود بالمعلومات هو جميع البيانات والإحصاءات التى يحتاجها المواطن وتشمل بذلك التشريعات المنظمة لعمل جهات الدولة، وكذلك اللوائح والقرارات الوزارية والإدارية، جنبًا إلى جنب مع الأوضاع المالية للمؤسسات مثل الميزانيات العمومية وتقارير مراقبى الحسابات، بالإضافة الى السيرة الذاتية للقائمين على الإدارة بالمعنى الواسع لهذه الكلمة.


وقد أجمعت المواثيق والاتفاقات الدولية والأعراف المنظمة لعملية تداول المعلومات على عدد من المبادئ العامة التى يجب توافرها لكى تتحقق المعرفة التامة، وأهمها الكشف المطلق عن المعلومات، إذ إن المبدأ الأساسى هو حق المواطن فى الحصول على المعلومات التى يطلبها،ولا يجوز المنع إلا فى حالات محددة فى القانون على سبيل الحصر.


وبالتالى يعد حجب المعلومات من الجرائم التى يعاقب عليها القانون. ويتطلب ذلك النشر التلقائى للمعلومات بحيث يصبح الأصل هو الإتاحة، على أن يكون النشر فى صيغ مبسطة يسهل فهمها للجميع. كما يجب ألا تقف التكلفة حائلا دون الحصول على المعلومات، فالأصل هنا هو الحق فى الحصول على المعلومة بالمجان، او بتكلفة محدودة للغاية، مثل تكاليف تصوير المستندات، شريطة ألا تتجاوز مبلغا محددا من المال.


ويرتبط بما سبق ان ينظم القانون سبل حصول الأفراد على المعلومة إما بإنشاء جهاز مستقل يتولى هذه المسألة او يضع الإجراءات القانونية التى تمكن الأفراد من الحصول على المعلومة واللجوء إلى القضاء فى حال عدم التمكن من ذلك، شريطة أن يتم كل هذا فى غضون فترات زمنية قصيرة منصوص عليها فى القانون.


ويتفق الجميع على ضرورة محدودية الاستثناء، ويعد هذا المبدأ من أكثر المبادئ التى تتعرض للجدل والنقاش إذ يخشى البعض أن يمثل ذريعة للدول لإفراغ القانون من مضمونه، عن طريق وضع الكثير من المسائل المهمة فى إطار الاستثناء، ولهذا السبب تم وضع العديد من القيود على هذا المبدأ بحيث تضمن استخدامه فى الأغراض التى خصص لها، والتى تستهدف حماية المصالح السرية المشروعة فى مجالات الأمن القومى والنظام العام والأخلاق العامة، إلى جانب الحق فى الخصوصية وحقوق وسمعة الآخرين.


وبالتالى فإن الاستثناءات تكون فى الحالات التى سيكون فيها للإفصاح ضرر كبير على المصلحة الوطنية او سيؤدى إلى إلحاق الضرر بمنع وقوع جرائم، وكذلك الأسرار التجارية او المعلومات التى يؤدى الكشف عنها إلى تعريض حياة او صحة شخص للخطر أو تلك التى من شأنها الإضرار بالمصالح التجارية للعملاء، مع مراعاة ضرورة النص على هذه الأمور صراحة وعلى وجه التحديد والقطع وليس على سبيل المثال.


كما ينبغى ان تخضع المعلومات إلى مراجعة دورية كى تأخذ بعين الاعتبار التغييرات فى طبيعة المعلومة المحتفظ بها، أو التطورات الدولية والإقليمية. ومن هنا يمكن تصنيف المعلومات الى درجات سرية معينة بحيث يتم الإفراج عنها وفقا لمدد زمنية محددة طبقا لدرجة السرية هذه.


لكل ما سبق أصبح من الضرورى العمل على سرعة إصدار قانون حرية تداول المعلومات يتيح الفرصة كاملة للأفراد وغيرهم للحصول على البيانات والمعلومات الصحيحة، لإعادة تنظيم المشهد الإعلامى من جديد، مع العمل على تنقية القوانين القائمة من جميع المعوقات التى تحول دون تدفق المعلومات بطريقة صحيحة.

المقال لا يعبّر عن رأي الوكالة وإنما يعبر عن رأي كاتبه فقط

 

 
 
Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 7 + 1