الشرق السوري.. بين احتمالات الانسحاب الأمريكي و الأهداف التركية!

نضال الفارس - وكالة أنباء آسيا

2020.11.16 - 05:20
Facebook Share
طباعة

 
تنفي مصادر كردية، الأنباء التي تتحدث عن احتمال انسحاب القوات الأمريكية بشكل كامل من الأراضي السورية، وتشير إلى أن واشنطن تقوم بتدبيل عناصرها العاملين في الأراضي السورية بين الحين والآخر ضمن خطة عملها القائمة حالياً على حماية المنشآت النفطية والسيطرة عليها، إلا أن القوات الأمريكية قامت خلال الأيام الثلاث الماضية بسحب دفعات من مقاتليها من قواعد شمال وجنوب محافظة الحسكة نحو الأراضي العراقية.
بحسب المعلومات التي حصلت عليها "وكالة أنباء آسيا"، من مصادر متعددة، فإن الأمريكيين سحبوا نحو ١٢٠ عربة مصفحة و٢٢ شاحة محملة بمعدات عسكرية من قاعدتي "مطار المالكية"، و"الشدادي"، بريف الحسكة نحو الأراضي العراقية من خلال معبر غير شرعي أنشأ بالقرب من "معبر اليعربية"، بريف الحسكة الشرقي، دون أسباب واضحة، إلا أن الأمر يرتبط بالتصريحات الصادرة عن واشنطن بضرورة سحب الجيش الأمريكي من أفغانستان والشرق الأوسط، الأمر الذي يتزامن مع حشود عسكرية تركية تنقل إلى الداخل السوري، وبدء الحديث عن احتمالية ذهاب القوات التركية نحو عملية عسكرية جديدة ضد "قوات سورية الديمقراطية"، تحت مسمى "درع الربيع".
الحراك اﻷمريكي العسكري في شمال شرق سورية يأتي بشكل اعتيادي خلال الأيام التي ترافقت بسحب الآليات من الأراضي السورية، إذ شهدت مدينة "رميلان" النفطية خلال اليومين الماضيين تسيير دوريات أمريكية لمراقبة الواقع الأمني في محيط المنشآت النفطية، كما سيرت اليوم، الإثنين، دوريتين في محيط مدينة المالكية لتفقد الواقع الأمني في محيط قاعدتها العسكرية في قرية "روباريا" المعروفة باسم "مطار المالكية"، وهي واحدة من القواعد الأمريكية الأكبر حجماً في الداخل السوري ومزودة بمهبط للمروحيات ومدرج لإقلاع الطائرات المسيرة، كما تحتوي معتقلاً يضم شخصيات من قيادات الصف الأول في تنظيم "داعش"، إضافة إلى معتقلين آخرين تسلمهم "قسد" بين الحين والآخر.
خروج القوات الأمريكية من الأراضي السورية إن حدث، فالأمر سيؤدي إلى فراغ أمني لن تقوى "قسد" على سده بشكل منفرد، لكونها تمتلك العديد من الخصوم أبرزهم القوات التركية ومن ثم خلايا تنظيم "داعش"، إضافة إلى الرفض العشائري لوجودها في مناطق شرق الفرات، كما أن الإدارة الأمريكية الحالية لن تذهب نحو الإخلاء الكامل لقواعدها في الشرق السوري لأن الاستراتيجية الأمريكية لا ترتبط بإدارة بعينها، وبالتالي فإن السيطرة على الحقول النفطية ومحاربة ما تسميه واشنطن بـ "الوجود الإيراني" في سورية يتطلب البقاء العسكري في الداخل السوري لأطول فترة ممكنة، وعلى هذا الأساس فشل الرئيس الأمريكي الحالي "دونالد ترامب"، في تنفيذ وعوده وقراره بإخلاء القواعد الأمريكية في سورية آواخر العام الماضي، وعلى ذات الأساس لن يقدر على تنفيذ مثل هذا الأمر في نهاية ولايته الرئاسية.
بماذا يفكر الأتراك؟
تؤكد مصادر أهلية في مدينة "رأس العين" أن القوات التركية والفصائل الموالية لها نقلت تعزيزات إضافية إلى خطوط التماس مع "قوات سورية الديمقراطية"، جنوب المدينة، كما تفيد المعلومات الواردة من مناطق ريف الرقة الشمالي بأن تعزيزات عسكرية وصفت بـ "الضخمة" نقلت إلى خطوط التماس جنوب وغرب مدينة "تل أبيض"، بالتزامن مع استهداف نقاط لـ "قسد" في محيط بلدة "عين عيسى"، الواقعة بريف الرقة الشمالي الغربي.
 وتشير المعطيات الأولية إلى أن أي عملية عسكرية في الشمال السوري ستكون بهدفين استراتيجيين بالنسبة للقوات التركية، الأول يتمثل ببلدة "تل تمر"، بريف الحسكة الغربي، بما يؤدي إلى السيطرة على عقدة طرق حيوية في المنطقة تقطع الطريق الدولية "M4"، كما أن بلدة "عين عيسى"، الواقعة بريف الرقة الشمالي والوصول إلى ضفة نهر الشرقية لنهر الفرات بريف محافظة حلب، تعد الهدف الثاني الأكثر استراتيجية في الحسابات التركية، بما يحقق هدفين؛ أولهما السيطرة على جزء إضافي من الطريق "M4"، إضافة لعزل كل من مدينتي "عين العرب" و "منبج" وإدخال كل منهما في طوق مستقل يعزلها عن بقية المناطق التي تسيطر عليها "قوات سورية الديمقراطية"، وهذا السيناريو يعد الأكثر خطورة في حسابات "قسد"، السياسية، إضافة لحسابات أمن الطريق "M4"، وسلامة النقل البرّي عبرها، الأمر الذي قد لا يعجب الحكومة الروسية التي تضمن اتفاق وقف إطلاق النار الساري المفعول حالياً بين الجانب التركي و"قسد".
يعتبر أحد الصحفيين المقربين من قوات سورية الديمقراطية خلال حديثه لـ "وكالة أنباء آسيا" أن مهاجمة الجيش التركي لكل من "عين عرب" أو "منبج" مسألة مستبعدة، وذلك لكون "عين عرب"، المعروفة أيضاً باسم "كوباني"، محمية بالنسبة لـ "قسد"، بوعود أمريكية، إذ تعد المدينة من مراكز الثقل السياسي والعسكري بالنسبة لـ "قسد"، وهي واحدة من المدن التي تحولت لـ "إيقونة مقاومة"، بالنسبة للكرد بعد أن واجهت تنظيم "داعش" خلال العام ٢٠١٥، كما أن مدينة "منبج" محمية بالوجود الروسي الكثيف نتيجة لحيوية المدينة في عملية النقل البرّي بين المحافظات الشرقية وبقية المناطق السورية، ومن المستبعد أن تقوم القوات التركية بمهاجمتها على الرغم من كون خطوط التماس في ريف حلب الواقع إلى الغرب من نهر الفرات تشهد خروقات مستمرة من كلا الطرفين (قسد - تركيا) لاتفاق وقف إطلاق النار، وهو أمر يحدث أيضا في ريف الحسكة والرقة.
 
Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 8 + 1