سورية: في ظل نقص الأطباء والمستشفيات.."القابلة" و"الداية" تستعيدان حضورهما في المنطقة الشرقية

محمود عبد اللطيف_ وكالة أنباء آسيا

2020.11.13 - 08:35
Facebook Share
طباعة

خلال سنوات الحرب، عادة القابلة القانونية لتوليد النساء داخل منازلهن في الكثير من مناطق المحافظات الشرقية، وبعض الولادات حدثت على يد نساء مسنات تعلمن التوليد من أمهاتهن في ظل القوانين التي فرضها تنظيم "داعش"، ناهيك على قيام "القابلات" بالعمل في ظروف صعبة خلال أيام حصار مدينة دير الزور الذي امتد لأكثر من ثلاث سنوات، مع حالات ولادة سجلت داخل خيام النزوح في أماكن نائية.
حكايا..
في المناطق التي خضعت لسيطرة تنظيم "داعش"، كانت أغلب النسوة يفضلن الولادة داخل منازلهن، على الانتقال إلى المشافي التي يسيطر عليها التنظيم آنذاك، وفي ظل انعدام وجود قابلات في بعض المناطق، كانت المسنات بالعمر هن من يقمن بالتوليد، بالاعتماد على خبرتهن في ذلك، وتقول السيدة "منى" إنها ولدت ابنها الأول على يد أم زوجها حينما كانت تعيش في بلدة "السوسة"، بريف دير الزور الجنوبي الشرقي، إذ حضر موعد ولادتها بشكل مفاجئ ولم يكن ثمة إمكانية للانتقال إلى منطقة فيها قابلة قانونية، فعملت "حماتها"، التي تبلغ من العمر نحو 70 عاماً على توليدها، وكانت عملية صعبة بكونها "بكرية"، وقد تعرضت لنزف شديد، إلا أن الأمر مرّ بسلام، وتشير خلال حديثها لـ "وكالة أنباء آسيا" إلى أن عدد الولادات المماثلة قليل، فغالباً ما كانت الأسر تقوم بنقل "الولّادة" إلى مكان إقامة "القابلة"، أو إحضارها إلى منزلها.
تضيف بالقول: لم يكن من الممكن معرفة وضع الجنين أو جنسه قبل أن تتم عملية الولادة، فلا أجهزة إيكو متوفرة، ولا عدد كافٍ من الطبيبات المختصات بالأمراض النسائية موجود، والخروج من مناطق انتشار التنظيم كان مستحيلاً خلال تلك المرحلة، وتشير إلى أن "القابلات" مازلن يسجلن حضورهن بقوة في مشهد الولادات التي تتم في مناطق ريف دير الزور الواقع إلى الشرق من نهر الفرات، فلا جسور يمكن من خلالها الانتقال بالمرأة إلى مناطق سيطرة الدولة السورية، والعبارات غير جاهزة في كل حين، كما أن تكلفة الانتقال فيها مكلفة للغاية، ناهيك عن كون المناطق التي تسيطر عليها "قسد" تفتقر إلى النقاط الطبية المؤهلة بشكلٍ كافٍ، وبأعداد كافية، فما تزال على سبيل المثال مستشفى السوسة بين أخذ ورد بين السكان و"قسد" التي حولتها إلى مقر عسكري حتى وقت قريب.
تتحدث "سمية"، عن فترة وجود تنظيم "داعش"، في مدينة الرقة لـ "وكالة أنباء آسيا"، وتقول: "خلال احتلال المدينة من قبل التنظيم كان من الطبيعي أن نلجأ إلى القابلات في حال عدم تمكننا من التوجه إلى المستشفى الوطني الذي كان يسيطر عليه "داعش"، كما أن المشافي الخاصة التي كانت تعمل في المدينة في ذلك الحين كانت تؤمن وجود أطباء وقابلات، لم تكن المسألة شائكة كثيراً، لكن لم نكن نجرؤ على طلب صورة إيكو لمعرفة جنس الجنين بشكل علني، فالأمر كان محرماً وفقاً لشرائع التنظيم، أما حالياً فيمكن القول إن الاطباء المختصين بالأمراضي النسائية عاودوا العمل ضمن مناطق انتشار "قسد" دون أية إشكالية، وعمل القابلات في المنازل قلّ بشكلٍ كبير خلال المرحلة الحالية.
بالأرقام.. حالة طبيعية
يقول رئيس جمعية "سورية اليمامة"، إن القابلات العاملة مع الجمعية نفذن عدداً كبيراً من الولادات في المخيمات ومراكز الإيواء الواقعة في مدينة الحسكة، ويشير خلال حديثه لـ "آسيا"، إلى تنفيذ 168 ولادة في "مخيم الهول"، و ثلاث ولادات في "مخيم العريشة"، إضافة إلى 13 حالة ولادة طبيعية في مراكز الإيواء بمدينة الحسكة، لافتاً إلى أن الأطباء الاختصاصيين نفذوا 147 عملية قيصرية في مخيم الهول، إضافةً لـ 33 عملية قيصرية لنازحات مقيميات في مراكز الإيواء في المخيم، وهذه الأرقام سجلت قبل إنشاء المستشفيات والنقاط الطبية العاملة في مخيم الهول حالياً مثل "مستشفى الصليب الأحمر النرويجي – مستشفى دير مار يعقوب المقطع".
من جانبه، يعتبر مدير الصحة في محافظة الرقة، الدكتور جمال العيسى أن عمل القابلات داخل المنازل طبيعي، وحالات الولادة التي تنفذ من قبلهن تتم وفقاً لمعايير صحية نظامية، فالقابلة القانونية مؤهلة لكي تمارس مهنة التوليد، ولا تمنح الشهادة العلمية إلا بعد الدراسة في المعاهد الطبية المختصة في سورية، كما أن الحاجة إلى وجود القابلات خلال فترة الحرب وخلال المرحلة الحالية تأتي من بعد بعض المناطق عن المراكز الصحية التي أنشأت أو رممت في مناطق الريف المحرر من محافظة الرقة.
تقول "أم جهاد"، والتي تعمل كقابلة قانونية في مدينة البصيرة منذ ما قبل الحرب، إنها تعمل على الانتقال إلى المنازل لتقوم بعمليات التوليد للنساء الحوامل، الأمر بالنسبة لها لم يكن خطراً كثيراً في مرحلة سيطرة تنظيم "داعش"، فكل ما يلزم هو أن يرافقها زوجها أو أحد أولادها خلال التوجه إلى منزل من ستتم ولادتها، أما حالياً فالأمر يحمل الكثير من الخطورة خلال التنقل ليلاً نتيجة لانتشار مجموعات تنظيم "داعش" ليلاً عل الطرقات الواصلة بين المناطق الواقعة إلى الشرق من نهر الفرات، وتخشى أن يتم اعتبار توليد أي من نساء عناصر "قسد" جريمة تستوجب إيقاع العقوبة عليها من قبل خلايا التنظيم التي تنشط كثيراً في المنطقة، لذا فضلت أن يتم الاستعاضة عن اسمها بلقب خلال حديثها لـ "وكالة أنباء آسيا".

    

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 6 + 7