الجولاني يلعب بـ "ورقة الانقلابات".. هل تتفكك "أحرار الشام"..؟

محمود عبد اللطيف - وكالة أنباء آسيا

2020.10.29 - 12:41
Facebook Share
طباعة

 

 
تعيش حركة "أحرار الشام"، حالة من الفوضى الداخلية بعد ان قام "الجناح العسكري"، فيها بالانقلاب على قائدها العام "جابر علي باشا"، ليتم إعلان "حسن صوفان" في منصب القائد العام، الأمر الذي أثار الكثير من الجدل في أوساط المؤيدين للحركة المدعومة من قبل الحكومة التركية، لتقوم اﻷخيرة بالدعوة لاجتماع طرفي النزاع الداخلي في الحركة، وقدمت طرحاً نقلته وسائل الإعلام يتضمن استبعاد كل من "علي باشا" و "صوفان" من المشهد القيادي وحل ما يسمى بـ "مجلس الشورى" التابع للحركة، وتعيين لجنة مؤلفة من ٦ شخصيات قيادية من الحركة لها الحق بتعيين قائد جديد، وبالرغم من أن مهلة الـ ٤٨ ساعة التي منحها الجانب التركي لطرفي النزاع للقبول بالعرض قد انتهت، إلا أن الطرفين لم يبديا قبولهما حتى الآن، ما يشير إلى احتمال أن يتجه الموقف إلى صراع مسلح بينهما، يصب في مصلحة تنظيم "جبهة النصرة"، الذي تدخل يوم الجمعة الماضي بحجة "فصل النزاع"، ليسيطر على عدد من المقار التابعة للحركة ويقوم بتسليمها لاحقاً للمجموعات الموالية لـ "حسن صوفان".
تتهم قيادة "أحرار الشام"، زعيم "النصرة"، أبو محمد الجولاني بالوقوف وراء انقلاب الجناح العسكري على قيادة الحركة التي لعبت دوراً كبيراً في التمهيد للتدخل التركي المباشر في الأراضي السورية، وعملت قيادتها بجهد كبير على دفع الفصائل إلى إعلان التأييد للحكومة التركية والانخراط في تشكيل "هيئة التحرير الوطنية" أو "الجيش الوطني". وتعد "أحرار الشام" من أهم الفصائل المشكلة للأخير، وقد غاب ذكرها بشكل منفرد في العمليات القتالية التي شهدتها مناطق الشمال السوري منذ أن أعلنت انضمامها له، وهي فصيل يميل بشكل علني نحو "الإخوان المسلمين"، وعلى الرغم من حالة الصدام المسلح التي عاشتها أكثر من مرة مع "جبهة النصرة"، إلا أن حالة التهدئة بينهما غالباً ما تعود ليستمر واقع الحال في شمال غرب سورية على أساس اقتسام مناطق السيطرة والنفوذ بين الفصائل الجهادية المتعددة المسميات والولاءات.
الجولاني كان قد موّل ودعم عمليات انقلاب "هاشم الشيخ"، على من سبقه، ومن ثم عاد ليدعم "أبو صالح طحان" مطلع العام ٢٠١٦ لينقلب على قيادة الحركة التي كانت قد عزلته من منصبه كـ "قائد عسكري"، وبعد أقل من ٦ أشهر دعم "الجولاني" أبو عبد الله الشامي ليزيح الطحان من منصبه، وفي الحراك الانقلابي الذي تشهده الحركة اليوم، يقف زعيم النصرة مع "حسن صوفان"، و "عناد الدرويش" الملقب بـ "أبو المنذر" ضد قيادة الحركة التي تصر على الالتزام بالقرارات التركية وترى فيها ضرورة سياسية خلال المرحلة الحالية، الأمر الذي يراه الجولاني تهديداً لسطوة "النصرة" على شمال غرب سورية، إذ يرغب الأتراك بفتح الطريق "M4"، أمام حركة النقل التجاري بين محافظتي حلب واللاذقية تبعاً للتفاهمات مع روسيا والتي وقعت في ٥ آذار من العام الماضي خلال قمة "بوتين - أردوغان".
حاولت قيادة "أحرار الشام" استيعاب الانقلاب من خلال عزل كل من "حسن صوفان" و"عناد الدرويش" من منصبهما في الجناح العسكري، وتسليم "أبو صهيب الأنصاري" مهمة قيادة هذا الجناح، إلا أن الأمر لم ينهِ الخلاف أو يفقد المنقلبين قدرتهما على الاستمرار من خلال استمالتهما لعدد كبير من عناصر الحركة الراغبين بالخروج عن الأوامر التركية التي أوصلتهم حد القتال في الأراضي الليبية والأذربيجانية بعد أن كان من المفترض أن تكون المهام الموكلة إلى المقاتلين السوريين في كلا الدولتين "حراسة منشآت نفطية تركية"، كما أن العودة بالحركة إلى الاستقلالية والانشقاق عن "الجيش الوطني" سيعني بالنسبة لأنصارها العودة إلى السطوة السابقة التي كانوا يتمتعون فيها ضمن مناطق انتشار الحركة، الأمر الذي لن تسمح به الحكومة التركية نظراً لتهديده لمسار عملها ضمن الأراضي السورية، والذي يعتمد على الفصائل الموالية لها في تنفيذ أي عملة عسكري ضد "قسد"، أو ضد "الجيش السوري".
في حال نجاح الانقلاب، فإن حركة "أحرار الشام"، ستعاني من أزمة في التمويل إذا ما قررت الخروج من العباءة التركية، إذ أن الحركة التي انتقلت من التنسيق مع النظام السعودي إلى التنسيق المطلق مع تركيا وقطر، كانت تتلقى دعماً مالياً شهرياً يغطي نفقات الرواتب والتسليح، كما أن انخراطها ضمن "الجيش الوطني" مكنها من السيطرة على عدد من المعابر البرّية في الشمال السوري والتي تربط بين مناطق انتشار الفصائل الموالية للحكومة التركية من جهة، والمناطق التي تسيطر عليها "قسد" من جهة ثانية، ما أفضى لحصولها على جزء من إيرادات هذه المعابر التي تسمى بـ "الجمرك"، إضافة لدخول قادتها في عمليات تجارية لصالحهم الشخصي، وبالتالي فإن احتمال الانقسام هو الأكثر حضوراً، لتنفرد القيادة الحالية لـ "الأحرار" بالسيطرة على مناطق تواجدها في عفرين وجرابلس، بينما قد يحظى "حسن صوفان"، بالمناطق الواقعة ضمن أراضي محافظة إدلب، وبذلك يكون "الجولاني" قد حقق ما عجز عن تحقيقه خلال السنوات الماضية من خلال دعم محاولات الانقلاب السابقة ضمن هيكلية "أحرار الشام".
Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 5 + 7