كتبَ صلاح حرب: المجتمع المصرى فى خطر

2020.10.27 - 07:26
Facebook Share
طباعة

من المتناقضات الخطيرة التى تعيشها مصر فى السنوات الأخيرة أنه على الرغم من الإنجازات العظيمة التى تحققت فى زمن قياسى غير مسبوق فى عدة مجالات، فإننا على الجانب الآخر من الصورة نجد تراجعا ملحوظا وخطيرا فى سلوكيات المجتمع وأخلاقياته، وكذا فى المفاهيم والقيم التى كانت تميز المجتمع المصرى بصورة تدعو إلى القلق والخوف على مستقبل هذا الوطن.. وليس هذا تشاؤما بقدر ما هو دعوة إلى كل مسؤول وكل ذى فكر بضرورة التوقف لدراسة الصورة بكل أبعادها قبل فوات الأوان.. والأمثلة كثيرة.


أولا.. نوعية الحوادث

أصبح من الصعب على أكثرنا أن يتحمل رؤية هذا الكم من الحوادث الغريبة تماما عن مجتمعنا حيث تقتل الأم رضيعها ويقتل الرجل زوجته ويضعها فى الثلاجة ويقتل الشاب جدته لسرقتها، وغيرها مما لا يمكن إعادة سرده وانتهاء بالحادث المؤلم لفتاة المعادى مؤخرا.. وأتفق تماما مع الكاتب القدير سليمان جودة الذى أشار إلى الجانب الاقتصادى فى الكثير من هذه الجرائم وأضيف إليه ظاهرة ما يسمى مسجل خطر والذى يتواجد بيننا دون أن ندرى حتى نكتشفه بعد إتمام فعلته، وهو أمر خطير أطالب وزارة الداخلية بسرعة دراسته لمنع تواجد هذه الكائنات فى الشارع المصرى وخاصة بين سائقى الميكروباصات والتى يبدو أنها أصبحت خارج السيطرة.


ثانيا.. مظاهر الانتخابات

أسفت وحزنت لمنظر الشارع المصرى فترة الانتخابات والذى لم يتغير منذ وعيت عليه فى عهد الزعيم الراحل عبد الناصر.. ولذلك أطالب كل مصرى يتوجه إلى لجنة الانتخابات- وهو واجب وطنى- ألا يعطى صوته لمن ملأ الشوارع والميادين بصورته البهية، وأطالب اللجنة العليا بقصر الدعاية على المؤتمرات لنقاش الأفكار وتبادل الآراء وليس للتباهى بالثروة والجاه، خاصة بعد ما سمعت من أحد المرشحين أن وجود ملاءة مالية كافية أصبح ضرورة للترشح!!.


ثالثا.. تراجع فقه الأولويات

ليس من المقبول ولا المعقول دينيا ومجتمعيا أن ننفق الملايين على بناء مساجد جديدة لا حاجة لنا لها فى الوقت الذى نقترض فيه لبناء المدارس والمستشفيات، وإصلاح البنية التحتية، فالقاهرة على سبيل المثال التى اشتهرت تاريخيا باسم مدينة الألف مئذنة منذ شيدها عمرو بن العاص وبنى فيها أول جامع فى مصر فى مدينة الفسطاط، أصبحت تعج بالمساجد والحمد لله ولا توجد مدينة فى مصر تحتاج إلى المزيد خاصة أن رسولنا الكريم عليه الصلاة والسلام يقول (جعلت لى الأرض مسجدا وطهورا)، والأمر نفسه ينطبق على أداء العمرة والحج عدة مرات فى الوقت الذى تحتاج فيه الدولة ويحتاج فيه الناس إلى هذه الأموال المهدرة بلا طائل، ولنا فى رسولنا الكريم قدوة حيث لم يحج أو يعتمر فى حياته إلا مرة واحدة.. فهل يظن البعض أنهم أفضل منه؟!. لقد آن الأوان لأن نوقف هذا التزيد المقيت والتمسح بشكليات الدين ونحن فى الحقيقة أبعد ما نكون عن جوهر الإسلام الحقيقى.


رابعا.. الاهتمام بالتربية قبل التعليم

لا تعليم بغير تربية.. ولذلك انتشرت الدروس الخصوصية وظاهرة الغش وأحيانا بمباركة الأسرة!، وأصبحنا نسمع عن اعتداء الطالب على مدرسه وانتهاك المدرس لحرمة تلميذاته وانتشار ظاهرة التدخين فى المدارس والجامعات ذكورا وإناثا.. فماذا يا ترى ننتظر من هذه الأجيال؟. أعلم أن التربية تبدأ من الأسرة وتنتهى عند وسائل الإعلام بأنواعها ولكنها ترتبط وثيقا بالمدرسة والمدرس. ولذلك أطالب د طارق شوقى وهو يجاهد لإعادة الاحترام للتعليم وللمدرسة أن يوصى بالتركيز على التربية أولا وإعمال مبدأ الثواب والعقاب على الطالب فيما يخص علاقته بزملائه ومدرسيه ومجمل تصرفاته.


خامسا.. مظاهر الفرح والحزن

هل تدرك عائلة المتوفى أن إنفاق الآلاف على إعلان الوفاة فى الصحف لن يفيد المتوفى شيئا وأن ما يفيده حقا هو التصدق على الفقراء والمساكين بصدقة جارية تسهم إن شاء الله فى رفع أسهمه فى الحياة الآخرة، وقد تزيل عنه بعض معاصيه؟. وهل تدرك عائلتا العريس والعروس أن ما ينفق على العرس ببذخ ممقوت من الممكن التبرع به للمساعدة فى زواج غير القادرين أو إعطائه للعروسين لمساعدتهما على أعباء الحياة؟. إننا يجب ألا ننسى أن المال هو مال الله وكلنا مستخلفون فيه، فلماذا لا ننفقه فيما يرضى الله ويسعد المحتاجين؟.

المقال لا يعبّر عن رأي الوكالة وإنما يعبر عن رأي كاتبه فقط

 

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 2 + 4