التداعيات الاقتصادية لعرقلة المبادرة الفرنسية!

كتب جورج حايك

2020.09.30 - 01:46
Facebook Share
طباعة

 
كان متوقعاً حصول تداعيات اقتصادية اثر عرقلة المبادرة الفرنسية، وربما العرقلة تبقى أفضل من الفشل الكامل نسبياً لأن الرئيس ايمانويل ماكرون أبقى المبادرة حيّة ولم يقطع الأمل من اعادة احيائها اذا تراجعت القوى السياسية اللبنانية عن تشبثها بمواقفها ومكاسبها. لكن ثمة تداعيات اقتصادية قد تحصل يجب الاقرار بها إذا فشلت المبادرة بالكامل، لذلك أجرت وكالة أنباء آسيا حواراً مع المستشار الاقتصادي الدولي روي بدارو فقال:"ما نراه هو تثبيت لفقدان الثقة بالمنظومة السياسية الحاكمة، إذ بات رصيدها صفراً، ما سنراه اقتصادياً ومعيشياً في لبنان هو وجع وألم، وأول العلامات هو تراجع الدخل القومي من 52 مليار دولار إلى 20 مليار دولار في نهاية هذه السنة، يعني ترجمة هذا الموضوع سيكون اقبالا جنونيا على الهجرة من المواطنين، سنراهم في صفوف طويلة أمام السفارات الأجنبية، مما سيؤدي إلى تراجع عبء القطاع العام إلى ثلثه بالدولار، وسيفرغ لبنان من قواه العاملة التي كانت قيمة مضافة في تأمين المداخيل، يعني سنكون أمام نموذج لدول مفلسة كهايتي مثلاً التي تعرضت لكوارث طبيعية في الأعوام الأخيرة، مما أضر باقتصاد الدولة التي تواجه تهديدات من بينها التقلبات السياسية وعدم وجود حكومة مستقرة!".
 
 
لا مجاعة
ماذا عن سعر صرف الدولار؟ أجاب بدارو:"لن يعود هناك سقف لسعر صرف الدولار، لأن الليرة ستفقد قيمتها بالكامل، ومن الممكن أن يصل سعر الصرف إلى 50 الف ليرة لبنانية. واذا فشلت المبادرة الفرنسية ستنتهي الليرة بالكامل، ولن يتأخر هذا الأمر كثيراً، اننا نتكلم عن اسابيع قليلة!".
هذه مؤشرات خطيرة تنذر بالمجاعة، الا ان لبدارو رأي آخر:"من الصعب أن يكون في لبنان مجاعة إذا اردنا مقارنتها بمجاعة القرن الماضي، لأن حركة السفن ناشطة وممكن لمرفأ طرابلس وغيره استقبال السفن التجارية. وأود الإشارة الى ان هجرة مليون لبناني قد تؤدي إلى توازن بالمداخيل، يعني عامل اموال المغتربين قد يفيد بدعم المقيمين في لبنان وسد حاجاتهم ويبعد عنهم كأس المجاعة. اضافة إلى تغييرات سياسية قد تطرأ على المشهد قد تنقل لبنان من مكان إلى آخر كقبول حزب الله بتسوية معينة تجعله يقتنع بالحياد مما يعيد الاستقرار الاقتصادي إلى لبنان".
حذار المسّ بالاحتياط الالزامي
عن تراجع دعم المواد الأساسية كالمحروقات والطحين والدواء قال:"مصرف لبنان يملك الآن مليار و300 مليون دولار يمكن أن ننفقها خلال 3 أشهر أو خلال شهر ونصف، وفق سياسة حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، واذا صرفنا هذه الأموال قد نصل إلى قدس الأقداس أي الاحتياط الالزامي، وقد سمعت أحد نواب حاكم مصرف لبنان يقول ان الاحتياط الالزامي اليوم يقدّر بـ18 في المئة يمكن ان نخفضه إلى 10 في المئة أو 5 في المئة، أي يريد تحرير 10 او 5 مليار دولار اضافية مما يعني صرف المزيد من ودائع الناس وهذا ضرب من الجنون، بحيث لا نعود نملك سوى الذهب، واذا استمرينا بهذه السياسة سنضطر سنة 2022 إلى استخدام الذهب وهنا المصيبة الكبرى".
سيرفعون الدعم تدريجياً
لكن سألنا بدارو: يقولون انهم لن يرفعوا الدعم بالكامل انما سيبدأوا بالتراجع تدريجياً، فرد موضحاً:"يقدّر الدعم اليوم بـ700 مليون دولار شهرياً يمكن أن يخفضوه إلى 350 مليون دولار أي يُرفع الدعم عن البنزين ويَستمر على الدواء، وأنا أظن انهم سيرفعون الدعم عن البنزين تدريجياً وليس دفعة واحدة، وهذا لن يتأخر وقد نشهده في الأسبوع المقبل. وإذا لم يفعلوا ذلك سيكون البديل اعتماد أوسخ لعبة وهي استخدام الاحتياط الالزامي في مصرف لبنان".
وأكد بدارو "أن اسعار السلع سترتفع مع تراجع الدعم وبحسب نوع السلعة واحتكاراتها". ولفت إلى "أننا سنكون أمام فوضى اجتماعية وأمنية، وسيكون من الصعب على الدولة أن تؤمن مداخيل القوى العسكرية والأمنية والقطاع العام اذ تحتاج إلى 25 مليون دولار بالشهر، فكيف ستؤمنها؟".
الحل السريع
إذاً ما هي السبل المطروحة لحل سريع تفادياً للانهيار الكبير؟ ختم بدارو:"لا يهم أي رئيس حكومة سيأتي، فطالما لا تزال المنظومة الحاكمة نفسها لن ينهض البلد بتاتاً. الخطوة الأولى مطلوبة من حزب الله لتلقف فرصة المبادرة الفرنسية وانهاء ارتباطاته الاقليمية ومسألة سلاحه وانقاذ الوضع لأن الاميركيين والفرنسيين كانوا واضحين في هذا الأمر. والخطوة الثانية يجب القيام بالاصلاحات وتوقف بعض القوى السياسية من التمادي في الفساد. أصبحنا على آخر مفترق طرق، وأنا أقولها بصراحة حتى ولو تغيّرت المنظومة الحاكمة لن نخرج من الأزمة قبل سنة 2026".
Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 10 + 7