الدمج المصرفي: بين درء الإفلاس ومصير آلاف الموظفين

غنوة طعمة

2020.09.28 - 01:15
Facebook Share
طباعة

 

 
يبدو أن الأوضاع الإقتصادية في لبنان خرجت عن السيطرة، ويبدو أن البلاد انزلقت إلى انهيار ينذر بعواقب وخيمة في كل القطاعات، وأهمها القطاع المصرفي الذي يواجه حاليا أصعب التحديات منذ الحرب الأهلية، نظرا للوضع الكارثي الذي وصلت إليه المصارف من جهة حجزها لأموال المودعين، ومن جهة إمكانية استمرارها في ظل الخسائر وقلة الإيرادات بعد توقفها عن اعطاء القروض.
وفي ظل هذا الوضع المزري الذي تتخبط به المصارف، طُرحت فكرة "الدمج المصرفي"، كحل للأزمة المستجدة والإبتعاد قدر الإمكان عن خطر الإفلاس.
وفي هذا الشأن، أجرت وكالة أنباء آسيا مقابلة مع الخبير الإقتصادي الدكتور فادي غصن الذي قال في حديثه للوكالة: "عمليات الدمج ضرورية جدا في هذه المرحلة الصعبة التي يواجهها القطاع المصرفي، والدمج سوف يؤدي إلى تخفيض في عدد المصارف الموجودة وبالتالي تخفيض عدد الفروع والصرافات الآلية، الأمر الذي سوف ينتج عنه تخفيض للكادر المصرفي الموجود من موظفين ومدراء وغيرهم، في خطوة لدرء خطر الإفلاس".
وتابع الدكتور غصن قائلا: "ان التأخير الذي يحصل في عملية دمج المصارف سوف يؤثر سلبا على استمراريتها، لأن معظمها باتت تعاني من قلة الإيرادات بسبب عدم إعطاء قروض، وبالتالي تأثرت أرباح هذه المصارف بشكل ملحوظ، فمنها من بات يعمل بخسارة ومنها من فاقت خسارتها رأس المال، وباتت تغطي هذه الخسارة من الإلتزامات أي أموال المودعين، ما ينذر بخطر كبير بالوصول إلى مرحلة تمويل المصاريف التشغيلية من ودائع المواطنين، من هنا ضرورة البدء بتنفيذ عملية الدمج حتى تخف الخسائر التشغيلية في المرحلة المقبلة".
وأضاف غصن: "أدى العدد الكبير الموجود من المصارف وفروعها في بلد صغير كلبنان إلى مصاريف مضخمة، عمدت بعض المصارف على تغطيتها من خلال أرباح مسجلة وهمية، بمعظمها من عائدات سندات الخزينة التي فقدت معظم قيمتها السوقية، مع عدم وضع مؤونة لهذه الخسائر، وبما أن رأسمال المصارف يشكل ما معدله 10% من قيمة الأصول، ومع خسائر تفوق رأس المال، فمن سيتحمل المصاريف المضخمة والخسائر هو المودع".
وعن نتائج اتخاذ قرار "الدمج المصرفي" على الموظفين، قال غصن: "للأسف سيخسر عدد كبير من الموظفين عملهم بسبب هذه الخطوة، في وقت هم بحاجة ماسة إلى الإستمرار في العمل لتأمين متطلبات الحياة وأقلها الأساسية منها".
واستطرد غصن قائلا: "يوجد سياسيون في عدد كبير من مجالس ادارة المصارف، الأمر الذي سيدفع بالعديد من الموظفين الذين قد يخسرون وظائفهم إلى الإمتناع عن التصويت لهؤلاء السياسيين بإعتبار أنهم خسروا وظيفتهم بسببهم وسيصوتون بالتالي إلى الجهة المنافسة لهؤلاء في الإنتخابات المقبلة".
وأعرب غصن عن قلقه من الوضع المالي متسائلا: "بعد مرور سنة على الأزمة، هل يتوقف النزف قريبا، وبطريقة علمية وبناءة، أم أنه سيستمر لنصل إلى الإفلاس في ظل فقدان ثقة كبيرة طالت القطاع المصرفي، وشح في إيرادات المصارف؟".
وللوقوف على رأي الموظفين من قرار دمج المصارف، أجرت الوكالة مقابلة مع الموظفة أ.ج التي رفضت الكشف عن اسمها قائلة: "ينتابنا كموظفين خوف كبير من تفاقم الأوضاع سوءا وصرفنا في أي لحظة من العمل، وبالتالي فقداننا للوظيفة التي لطالما سعينا لإيجادها، لا أحد يعلم الوضع النفسي الذي يمر به موظفو المصارف الذين باتوا مهددين بأي لحظة بفقدان لقمة عيشهم، إن عملية دمج المصارف سوف تؤدي إلى آثار كارثية على المستوى المجتمعي بسبب ارتفاع معدلات البطالة مما سينعكس سلبا على مصير عائلاتنا، إنهم يولون كل الإهتمام لعدم إفلاس المصارف، ولكن ماذا عن وضع الموظفين؟ هل يفكرون بمصيرهم؟ أم أن المصالح أنست الجميع الجانب الإنساني ووضع آلاف الموظفين في ما لو باتوا بدون عمل ليضافوا إلى الآلاف ممن فقدوا وظائفهم".
وختمت آ.ج متمنية أن تعمد إدارات المصارف إلى اللجوء إلى حل آخر غير الدمج المصرفي، يتمثل بإجراء إصلاحات إدارية تجنب المصارف الإفلاس وبالتالي تجرع الموظفين كأس فقدان لقمة العيش.
Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 8 + 10