العام الدراسي على الأبواب: "كورونا" يفرض طرق تعليم جديدة على المدارس اللبنانية

وكلة أنباء آسيا - غنوة طعمة

2020.08.28 - 08:15
Facebook Share
طباعة

 تمثل الأيام والأسابيع القليلة القادمة أكبر تحدٍّ للقطاع التربوي، الذي يسعى للتصدي بكل الوسائل الممكنة لتفشي فيروس كورونا، ويحاول بشتى الطرق إيجاد توازن بين سلامة الطلاب والإداريين والمعلمين والأهالي، وبين ضرورة التعلم، إن كان عن طريق الحضور في المدرسة، أو عن طريق التعلم عن بعد.
وها هي الأيام تمضي، والكوادر التعليمية والأهالي في حيرة من أمرهم، بين أهمية التعليم وبناء شخصية الطلاب، وبين خطر اسمه كورونا قد يعيش معهم لسنوات.
وللإضاءة على هذه المعضلة، قال المسؤول التربوي مازن شعبان لوكالة أنباء آسيا أن "المدارس ستفتح أبوابها في 28 من شهر أيلول، ولكننا كجهاز تربوي لا ننكر أبداً تخوفنا الشديد من انتشار فيروس كورونا بين الطلاب والمعلمين والإداريين في المدارس الرسمية والخاصة، وبالتالي فإنه على نظامنا الصحي العمل الدؤوب في هذا الصدد، تماماً كأنظمة الدول التي استطاعت الحد نوعاً ما من انتشار الفيروس، والسعي إلى فتح المدارس بطريقة تضمن سلامة الجميع".
وأضاف شعبان قائلا: "علينا اتباع كل الإجراءات اللازمة لعودة آمنة، لأن القطاع التربوي كان الأكثر تضرراً بسبب كورونا، وفي كل دول العالم نرى القيمين على القطاع التربوي يسعون جاهدين للحفاظ على التعلم و المعرفة، وذلك من خلال حضور الطلاب والتلامذة إلى المدارس، ونحن نأمل أن تتحسن الأوضاع بشكل كبير بين ليلة وضحاها حتى لا يكون أولادنا الضحية الأولى، والأكثر تأثرا من هذه الأزمة".
واستطرد شعبان قائلا: "مبدئياً، وحسب قرار الوزير، التعليم في العام الدراسي القادم سيكون مدمجاً بين الحضور الصفي والتعليم عن بعد، حيث سينقسم الصف إلى فريقين، يأتون يومين أو ثلاثة في الأسبوع إلى المدرسة، وذلك حوالي 3 ساعات يومياً دون استخدام الملعب والمحافظة على التباعد الاجتماعي، وبعد ثلاثة أسابيع سيتم تقييم العمل للمضي بهذه الخطة أو العودة إلى التعليم عن بعد حصراً".
وللوقوف على رأي المدارس الخاصة والرسمية في هذا الشأن، كان لوكالة أنباء آسيا سلسلة من المقابلات مع مسؤولين ومعلمين في هذه المدارس.
المسؤولة عن الروضات في مدرسة البيان الخاصة، فرح فريد قالت لآسيا: "التعليم عن بعد هو طريقة تعليمية جديدة فرضت نفسها على كل المدارس في العالم مع بداية العام 2020، بسبب انتشار فيروس كورونا المستجد، دون الإستئذان من الهيئات التعليمية أو التلاميذ أو الأهل، وبالحديث عن وطننا لبنان وعن قطاعه التربوي، فقد دخل نظام التعليم عن بعد إلى كل المدارس الرسمية والخاصة.
وبالنسبة لمدرستنا، تقول فريد "اعتمدنا بالطبع التعليم عن بعد، وذلك عبر استخدام تطبيق (whatsapp، microsofot teams،...)، ورأينا تسابقاً بين إدارات المدارس الخاصة على تقديم أفضل طرق هذا النموذج والتسويق له عبر مواقع التواصل الاجتماعي، كما تم تدريبنا على بعض أسس هذه الطريقة المستجدة.
وبالنسبة للسنة القادمة، ستعتمد إدارة المدرسة طريقة التعليم عن بعد، في مختلف المراحل التعليمية (التمهيدية - الأساسية - المتوسطة والثانوية)، إلى جانب التعليم الحضوري في حال أقرت وزارة التربية ذلك".
وعند سؤالها عن التحديات التي تواجه المرحلة التمهيدية التي تعتبر المرحلة التأسيسية الأهم بالنسبة للأولاد، قالت فريد: "لقد كانت المرحلة التمهيدية هي الأصعب من ناحية التعليم عن بعد، فتقنياً أطفال هذه المرحلة بحاجة إلى تواجد أحد الأهالي، أو شخص كبير قادر على مساعدتهم على تشغيل تطبيق zoom أو غيره، وهذا متعذّر لانشغال بعض الأهالي بوظائفهم، وكما نعلم أن الأطفال غير قادرين على التركيز والالتزام بأصول المحادثات عبر هذه الوسائل، لذا فقد اقتصر التعليم بأغلبه على التسجيل الصوتي للمعلمات، وعلى صور الدرس، من خلال برامج powerpoint و screencastomatic وeschool، وبعض البرامج الالكترونية التعليمية، كما قامت المعلمات بتصوير فيديوهات شخصية لهن تشرح وتقوم ببعض النشاطات للتلاميذ، وهنا عانينا من مشكلة عدم قدرة الأهالي للتواجد مع أولادهم online، بعكس المرحلة الأساسية، إذ يسهل على الطلاب التواجد أمام شاشة ال laptop بسبب تدريبهم المسبق وتعليمهم في المدرسة العمل على الحاسوب".
وتابعت فريد قائلة: "من ناحية أخرى، كان على الأهل تقديم ومناقشة كل ما ترسله المعلمات لأولادهم، ممّا شكل عبئاً مادياً إضافياً من أجل تأمين كافة المواد للقيام بالأنشطة، خاصةً أن تلاميذ هذه المرحلة لا يكتسبون المهارات إلا بالنشاطات الملموسة".
من جهتها، مديرة مدرسة العلامة الدكتور صبحي الصالح، نجوى طعمة، تقول لوكالة أنباء آسيا إن "المدرسة قامت بتقييم نظام التعليم عن بعد المفاجئ، ووجدت أن فيه إيجابيات ولكن يتخلله سلبيات، فإيجابياً؛ استطاع التلاميذ الذين كانوا يجدون صعوبةً في فهم الدروس أن يقوموا بإعادة مشاهدة الفيديو المسجل عدة مرات، كما أن التعليم عن بعد كان جدّ مثمر مع التلاميذ الخجولين الذين وجدوا طلاقةً في الحديث والاستجابة أكثر من تواجدهم في الصف، أما من ناحية ضبط الصف والمحافظة على الهدوء كان الأمر أسهل على المعلمة كونها قادرة على وضع حد للنقاشات والأحاديث التي قد تشتت البعض، خاصةً بوجود الأهل.
أما بالنسبة للسلبيات وكما حددها مسؤولو هذه المراحل، كانت وعلى الرغم من كل الجهود المبذولة، تتلخص بحاجة بعض التلاميذ إلى تواجد المعلمة بوجههم ليكتسبوا المهارات، وقد تعذر ذلك، وأيضاً في المراحل التمهيدية والأساسية، كان الأولاد بحاجة إلى الأعمال الجماعية ضمن فرق لتنمية شخصية مبادرة مشاركة فعالة قادرة على المناقشة والوصول إلى الحلول المناسبة".
وتابعت طعمة قائلة: "تقنياً في لبنان لدينا مشكلة في الإنترنت والكهرباء، الأمر الذي كان خارجاً عن إرادة المدارس، أما عملياً وبالنسبة للمعلمين، فهم لم يستطيعوا في أكثر الأحيان تحديد مدى فهم واكتساب تلاميذهم للمهارات المرجوة، خاصةً وأن جميع الامتحانات والفروض كانت تتم بمساعدة الأهل، وما أكّد هذا العمل هو التباين في العلامات عندما كانوا في المدرسة عما كانوا عليه في البيت".
أما بالنسبة للأهالي، فتقول ساندرا الأتات، وهي أم لثلاثة أولاد: "نحن لا نشبه أية دولة في العالم من ناحية التجهيزات وتأمين السلامة العامة لطلابنا، وتوفير الاحتياطات اللازمة لمنع تفشي فيروس كورونا"، مضيفةً " أنا كأم أسأل نفسي من الذي سيضمن تأمين الحماية للتلاميذ لحضور الدروس في المدرسة، ومن الذي سيؤمن الكمامات والمعقمات الضرورية لعودة آمنة للطلاب، وهل ستلتزم المدارس بموضوع التباعد بين طلابها؟".
كل هذه التساؤلات لا تفارق ساندرا التي تؤكد على أنها لا تنام الليل من كثرة التفكير في عودة أطفالها، وفي مستقبلهم المجهول، على حد قولها.
ومن جهتها، عبرت سارة حكيم عن قلقها الشديد قائلة: "الكورونا، المدرسة، التعليم عن بعد... ثلاث كلمات باتت مرتبطة ببعضها البعض، لا يمكننا ذكر أي كلمة دون الحديث عن الأخرى، إلا أنه وكما نعلم أن غالبية تلاميذ المدارس الرسمية هم من الأسر ذات الدخل المحدود، وأولادي هم من ضمن هذه الشريحة الاجتماعية، بإختصار، أولادي لا يملكون حاسوب أو هاتف خاص بهم، ولأكون صريحة، كنت أحمل هم دفع فاتورة الإنترنت العالية، ولكنني أنوه بالنسبة للمعلمين، وعلى الرغم من عدم تدريبهم على طريقة التعليم الحديثة، إلا أنهم قد حاولوا قدر المستطاع متابعة التلاميذ، وتحقيق الهدف التربوي المرجو على الرغم من كل التحديات".
وتابعت حكيم قائلة: "ينبغي على الدولة قبل بدء العام الدراسي حل معضلة الكهرباء، وتأمين التيار بشكل ثابت، والعمل على التأمين المجاني والثابت للإنترنت حتى يتمكن أولادنا من متابعة الدروس ككل تلامذة لبنان".
بناء على ما تقدم، يبدو أن العام الدراسي المقبل سيواجه صعوبات كثيرة، وعلى الدولة تذليل كل العقبات لضمان عودة آمنة للتلاميذ.

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 4 + 1