منع أغنية "يا بلح زغلول" من عرض مسرحي بمصر

2020.08.27 - 12:07
Facebook Share
طباعة

 لم يعد سرا أن بعض المعارضين المصريين أطلقوا على الرئيس الحالي عبد الفتاح السيسي لقب "بلحة" كنوع من السخرية الشعبوية، لكن المثير أن كثيرا من الناس خارج مصر وحتى داخلها ربما لم يعلموا بالأمر إلا عبر إجراءات غاضبة وانتقامية من جانب السلطة في هذا الشأن.

وعلى مدى نحو عامين ونصف شاهد نحو 6 ملايين شخص أغنية بلحة الناقدة للسيسي على موقع يوتيوب، علما بأن ما زاد من شهرتها ودفع الكثيرين للبحث عنها هو موقف السلطة منها حيث لاحقت المشاركين فيها؛ لكن المغني رامي عصام كان قد غادر مصر، بينما اعتُقل مخرجها الشاب العشريني شادي حبش في مارس 2018 ليظل خلف القضبان حتى توفي في مايو/أيار الماضي ضحية لإهمال علاجه داخل السجن رغم تكرار استغاثاته.

وأصبحت مواقع التواصل الاجتماعي ساحة للسخرية، التي لم يجد كثير من المعارضين بيدهم سلاحا غيرها للنيل من السيسي، الذي ينقمون عليه منذ قاد انقلابا عسكريا في يوليو/تموز 2013 عندما كان وزيرا للدفاع أطاح خلاله بالرئيس المنتخب محمد مرسي، وأعقب ذلك فضا دمويا لاعتصام مؤيدي مرسي راح ضحيته مئات القتلى، ثم حملة ملاحقة للمعارضين انتهت بوضع عشرات الآلاف منهم في غياهب السجون.

ومنذ تولى السيسي السلطة رسميا في 2014 لم تتوقف مآخذ المعارضين على ما رأوه إضعافا لمصر وإفقارا لشعبها، فانتقدوا ارتفاع الأسعار المتكرر، كذلك التقارب مع إسرائيل، ثم التخلي عن جزيرتي تيران وصنافير المصريتين للسعودية، نهاية بالتفريط في حقوق مصر التاريخية في نهر النيل عبر توقيع اتفاق مع إثيوبيا قنّنها فيه لبناء سد النهضة العملاق، الذي يتوقع أن يؤثر كثيرا على حصة مصر المائية.

ونظرا لأهمية النيل لمصر ومن قبله قضية تيران وصنافير مالت انتقادات المعارضين على مواقع التواصل إلى مزيد من الجدية في النقد، قبل أن تتدخل السلطة وأتباعها مجددا، وكأنها هي من تريد تذكيرهم بالسخرية التي كادوا ينسونها.

فلم تمض أسابيع على بداية عرض مسرحية سيد درويش على مسرح البالون بالقاهرة، حتى فوجئ رواد العرض بمنع الرقابة لأغنيتين كانتا ضمن أحداث المسرحية الغنائية الاستعراضية، بلا سبب مفهوم.

والأغنيتان هما "يا بلح زغلول"، و مقاطع من أغنية "أهو ده اللي صار"، وكلاهما من تراث الأغاني المصرية المستمرة في الوجدان؛ بسبب ارتباطهما بمقاومة الاحتلال الإنجليزي لمصر إبان نهايات القرن قبل الماضي حتى منتصف القرن الماضي.

واستفز الأمر حتى مؤيدي السلطة، حيث وصف الناقد الفني طارق الشناوي ما جرى بأنه "عبث من المستحيل التجاوز عنه"، حيث تدخلت الرقابة بـ"عنف"، وحذفت، أغان مثل (يا بلح زغلول) التى رددها الوجدان المصرى فى تحديه للسلطة الغاشمة آنذاك.

وتساءل الشناوي في مقال له نشره في إحدى الصحف المحلية اليوم "من الذى ينصب من نفسه رقيبا على تراث موسيقى ردده المصريون قبل نحو 100 عام أو أكثر؟ كيف يجرؤ على حذف أغنية ما تزال لها مساحة على خريطة الإذاعة والتليفزيون، وكل الفرق الموسيقية التراثية فى مصر تقدمها؟".

وأكد الناقد الفني المعروف أنه لم يحدث فى أى مرحلة زمنية أن دار الأوبرا المصرية أصدرت مثلا تعليمات بمنع ترديد هاتين الأغنيتين أو غيرهما.

وتعبر كلمات الأغنية الأولى الممنوعة -وهي يا بلح زغلول- عن إشارة لسعد زغلول باشا زعيم ثورة 1919، التي اندلعت قبل قرن واستمرت لفترة، ضد الاحتلال الإنجليزي، حيث تحايل صاحب الأغنية الموسيقار الراحل سيد درويش لذكر اسم سعد زغلول، الذي منعته سلطات الاحتلال، بالتغني بواحد من أفضل أنواع البلح المصري المسمى بـ"زغلول".

وأكد الشناوي أن ماجرى لم تشهده مصر في تاريخها، لافتا إلى أن عام 1959 منع الرقيب تداول أغنية (يا مصطفى يا مصطفى)، التي قرأها الرقيب أنها ضد ثورة 52، وأن صناعها يترحمون على زمن مصطفى باشا النحاس زعيم الوفد بهذا المقطع (سبع سنين فى العطارين وإنت حبيبى يا مصطفى)، وكان قد مضى على ثورة 52 بالفعل 7 سنوات، وتدخل نجيب محفوظ مدير الرقابة فى ذلك الزمن، وقال ساخرا يعنى بعد مضى 8 سنوات نستطيع السماح بالأغنية".

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 6 + 10