سورية: أمهات ومعلمون يرفضون قرار فتح المدارس في أول أيلول

نور ملحم _ دمشق وكالة أنباء آسيا

2020.08.19 - 09:41
Facebook Share
طباعة

 
تتخوف أنعام من إرسال أطفالها الثلاثة إلى المدارس، في ظل انتشار فيروس كورونا في سورية. تتساءل متعجبةً :"لم يمت أطفالنا بسبب الحرب والقذائف، فهل تنوي الحكومة قتلهم بفيروس كورونا؟" . وتؤكد في حديث مع وكالة أنباء آسيا "أنا ضد فتح المدارس في هذا الوقت، فالوباء بات منتشراً في دمشق وريفها بشكل كبير، ولا توجد لدينا أي معايير صادقة للصحة بهدف العلاج، كما أن الاستعدادات في المدارس غير متوفرة قبل فيروس كورونا، فما بالك مع وجود داء بلا دواء".

افتتاح المدارس أم لا، أحد أكثر المواضيع جدلاً في الأوساط السورية هذه الأيام، حيث تم إطلاق حملة عبر وسائل التواصل الاجتماعي تحت عنوان " لا لافتتاح المدارس في سوريا" .

من جهته، يقول وائل ( 40 عاماً )، وهو مدرس لغة عربية في إحدى مدارس دمشق "إن سلامة الطلاب والمدرسين أهم من فتح المدارس في زمن أصبح فيه الوباء منتشراً بشكل كبير، فلا أحد يعلم من الذي يحمل المرض ومن لديه المناعة الكافية للمقاومة والنجاة"، لافتاً إلى أن وزارة الصحة كانت قد صرحت بعدم قدرتها على معالجة الجميع، وأن المستشقيات غير قادرة على استقبال عدد إضافي من المصابين.

وكانت وزارة التربية، حددت موعد بدء العام الدراسي في جميع المدارس السورية، الرسمية والخاصة، يوم الثلاثاء الواقع في 1 أيلول المقبل، مبينةً أن موعد بدء العام الدراسي مرتبط بالوضع الصحي في سورية، وأي تأجيل متعلق بما يقره الفريق الحكومي المعني بإجراءات التصدي لفيروس كورونا.

وكان مغظم السوريين يتأملون صدور قرار بتأجيل افتتاح المدارس، إلى ما بعد هذا التاريخ، مبررين ذلك بتفشي الفيروس بشكل غير قابل للسيطرة منذ شهر وحتى الآن، إلا أن وزارة التربية قررت عدم التأجيل.

ولم يكن واقع المدراس في سورية أفضل قبل هذا الوباء، لذلك لا يوجد أي ثقة من قبل الأهالي بالإجراءات التي تتكلم عنها الوزارة، بحسب تعبير سناء، معلمة للمرحلة الابتدائية . تقول لوكالة آسيا "الصفوف مكتظة، وكل شعبة فيها من أربعين إلى خمسين طالباً، يجلس كل ثلاثة منهم في مقعد واحد كتفاً إلى كتف، يتنفسون ويعطسون بوجه بعضهم بعضاً، ووزارة التربية أرسلت تعميماً للمدارس بمنع أنشطة هي أساساً قليلة جداً في مدارسنا، مثل الرياضة والموسيقى والحفلات والرحلات والمعارض، والاقتصار على العملية التربوية داخل الغرف الصفية" .

وأكدت المعلمة غياب وسائل النظافة والتعقيم في غالبية المدارس، لا سيما الحمامات وصنابير شرب المياه، قائلةً إن أكثر المناطق خطورةً في سورية فيما يخص نشر الفيروس الجديد هي المدارس، لا سيما المدارس الابتدائية الحكومية، التي تعاني من قذارة منقطعة النظير.

بالمقابل، أصدرت وزارة التربية تعميماً بالإجراءات الصحية المقرر اتباعها في إطار التصدي لوباء فيروس كورونا خلال الموسم الدراسي، وفقاً للإرشادات الوقائية الصادرة عن "وزارة الصحة السورية والمنظمات الدولية "حول تدابير الصحة المتعلقة بالمدارس.

وقالت مديرة الصحة المدرسية في الوزارة، هتون الطواشي لآسيا "هناك عدة خطط مطروحة أمام الفريق الحكومي بما يخص العام الدراسي، منها تقسيم الدوام على مرحلتين لتخفيف عدد الطلاب.

ومن الخيارات المتاحة، بحسب الطواشي، اختصار بعض المواد الدراسية وتدريسها كأوراق عمل، أو التعليم عن بعد، وإلزام المدرسين بالكمامات، وتخصيص دروس خاصة بالتوعية، ومرشدًا صحيًا في كل مدرسة، أو حتى تأجيل العام الدراسي.

ووفقاً لطواشي، هناك مشرف صحي في كل مدرسة، من مهامه التأكد من توافر الصابون بشكل دائم على المغاسل وفي الحمامات، وقيام المعنيين بالتنظيف المستمر للمرافق، وتعقيم مقابض الأبواب والمقاعد، ونظافة الباحة والحديقة والغرف يومياً، وتهوية الصفوف دائماً، والالتزام بالشروط الصحية في المقصف المدرسي، وارتداء عمالها للباس الخاص بالمقصف، وخاصة القفازات.

كما سيتم توثيق عدد الطلاب ذوي الإعاقة في المدرسة، والذين يعانون أمراضاً مزمنة أو مضعّفة للمناعة، وتحرّي الغياب المرضي يومياً، والتأكد من الوضع الصحي للطلاب، ومتابعة المرضى منهم، وإبلاغ أولياء الأمور بالإجراءات المتخذة من إدارة المدرسة في اجتماع مجالس الأولياء، مع إحاطتهم بالإجراءات الواجب اتخاذها في حال كان أحد أفراد الأسرة يشتبه في إصابته بكورونا، حيث يجب إبقاء التلميذ في المنزل وإبلاغ إدارة المدرسة.

وفي الوقت الذي تحاول التربية القيام بإجراءات التعقيم للمدارس، تشير الدكتورة آمنة الحج، الاختصاصية في علم الاجتماع بجامعة دمشق، في تصريحها لوكالة آسيا، إلى أن الأطفال هم الأكثر تضرراً ضمن الظروف الراهنة، فهم الحلقة الأضعف والأكثر عرضة للمخاطر الناجمة عن الوباء، صحياً واجتماعياً واقتصادياً وتعليمياً.

وبحسب الحج فإن فيروس كورونا غيّر من عادات الناس، فبدل الذهاب إلى المدرسة أصبح التعليم عن بعد ومن المنزل، كما تغيرت الأدوار وأصبح على المعلم الاجتهاد من أجل تعليم تلامذته وأبنائه على حد سواء، والتدريس من المنزل عبر الإنترنت، هذا هو الروتين اليومي لملايين الأطفال في مرحلة التعليم الإلزامي.
مؤكدةً أنه ينبغي ألا يُعاد فتح المدارس إلا عندما تكون آمنة للطلاب، لذلك فإنه من الأهمية الحاسمة أن يبدؤوا بالتخطيط لذلك الآن، للمساعدة على ضمان سلامة الطلاب والمعلمين والموظفين عند عودتهم، وضمان اقتناع المجتمعات المحلية بإعادة الأطفال إلى المدارس.

وشهدت الأسابيع الأخيرة ارتفاعاً ملحوظاً في أعداد الإصابات بفيروس كورونا في مختلف محافظات سورية، ليبقى موقف معظم الأمهات مساند لموقف أنعام؛ بعدم إرسال أطفالهم للمدارس، إلا بحال تواجد لقاح يحميهم من الفيروس الذي أصبح شبحاً يرافق يوميات السوريين في زمن بات فيه الموت هو الحاضر الدائم .

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 2 + 1