المسلسل الذي أثار الجدل قبل عرضه: "شارع شيكاغو .. نقطة فارقة في الدراما السورية؟

زينا صقر - دمشق وكالة أنباء آسيا

2020.08.17 - 10:45
Facebook Share
طباعة

 أثار مسلسل "شارع شيكاغو" الجدل قبل أن يتم عرضه، فالمسلسل الذي حمل معه عبق الزمن العتيق، و تناقضات المجتمع القائم في تلك الحقبة الزمنية، جاء مفاجئاً، بل و صادماً للبعض، من خلال عرض شخوص مختلفة، واستخدام أدوات جديدة عما قدمته الدراما السورية سابقاً.
لمقاربة "شارع شيكاغو" من نواحٍ عدة.

تحدثت"وكالة أنباء آسيا" إلى مخرجه محمد عبد العزيز، الذي أكد أن العنوان العريض للعمل قدمه منتجو المسلسل"فاخترت تلك الحقبة، لما تحمل من غنى وملامح وتحولات كانت تشبه الوقت الحاضر، وكأن بذور واقعنا الحالي زُرعت في تلك الحقبة، فالعمل تدور أحداثه بين زمنين، وكأن الزمن هنا يماثل مرآتين متقابلتين تقومان بعكس الأحداث وتكرارها مراراً. إلى جانب كل ذلك، فإن حقبة الستينات توفر فرجة ممتعة للمتلقي، لما تحمله من أبعاد جمالية على كل المستويات الحياتية".

شخصيات العمل بين الواقع و الخيال..

عبد العزيز أكد بأن القصة مؤلفة، و ليس للشخصيات الموجودة فيها أية صلة بالواقع، و تم اختيار الممثلين كما تجري العادة "بعد الانتهاء من النص أبدأ بالبحث عن الممثلين المناسبين للأدوار شخصيا؛ لا أحبذ اختيار أو تخيل ممثل ما لدور أثناء الكتابة" .

وحول العراقيل التي واجهت العمل، يقول مخرج العمل"تكمن العراقيل بداية في أُسس صناعة الصورة والإنتاج، التي تكاد تكون شبه معدومة في سورية، على الرغم من أننا منذ نهاية عشرينات القرن الماضي نقوم بإنتاج الدراما، لكن في كل مرة تصور فيه عملاً فنياً تجد نفسك وكأنك تصور لأول مرة بذات الوسائل البائسة، إنها مشكلة حقيقية تتحملها الجهات الإنتاجية وباقي المشتغلين في القطاع الدرامي" .

بوستر العمل و الضجة التي أثيرت حوله ..

عبد العزيز أشار إلى أنه بات مفهوماً كيف أصبحت القبلة تشكل خطراً على المجتمعات، بينما هناك أحداث تنتج عنفاً لايصدق، نجد لمنتجي هذا العنف بيئة حاضنة من شريحة واسعة في مجتمعاتنا، التي باتت مصبوغة بمزاج التيارات الأصولية والسلفية، التي أتاح لها الربيع العربي الظهور أكثر من ذي قبل، وهو أمر مفهوم ومتوقع ومجابهتها والصدام معها أيضا أمر حتمي كما حدث معنا في العمل .

و يضيف "أعتقد أنه في المستقبل البعيد، نعم هناك تحولات لا مفر منها، وهذه المجتمعات التي تعاند التغيير والتقدم بحجة الأصالة والحفاظ على التقاليد والهوية، ستجد نفسها في نهاية المطاف أمام أمر لامفر منه، لأن التغيير أمر طبيعي في سياق تطور المجتمعات البشرية نحو الأنسنة والعلاقات الصحية والحريات فيما بين أفرادها وشرائحها. مشيراً إلى أن ما تتمسك به بعض المجتمعات من مفردات متزمتة هي في الحقيقة ليست من جوهرها؛ إنها مجرد رواسب من الدولة العثمانية وما سبقها من تجارب دينية تصل جذورها إلى العهد الأموي، نتيجة الصراع الدموي على السلطة ومراكز القوى آنذاك، ومازال صداها يتردد حتى الآن، وهي تجد آذاناً صاغية لها، لكن مع التقدم العلمي والتحولات البنيوية التي ستفرضها تكنولوجيا المستقبل ستنحسر هذه الأصداء ثم ستبدأ بالتلاشي في المستقبل البعيد لهذه المنطقة، عندما ستكتشف صوتها الحقيقي في يوم ما وقت ذاك .

تعاطي الرقابة مع العمل ..

يقول عبد العزيز :"حصل العمل على موافقة الرقابة بشكل رسمي، لأنه حان الوقت لنتكلم دون إخفاء الحقائق والتستر على مكامن الفساد والخلل على كافة المستويات، وأعتقد أن هذا يكمن في جوهر مصلحة المجتمع والدولة، فلا يعقل بعد هذا الاستحقاق الدموي منذ عشر سنوات أن تأتي الرقابة وتغلف الواقع وتقف في صف اللصوص والقتلة والفاسدين والسلفيين، بحجة الرقابة والخوف من قول الحقائق المرة .
و عن نهاية "شارع شيكاغو" صرح محمد عبد العزيز بأنها ستكون صادمة .

شكران مرتجى: وقعتُ بغرام ستيلا

الفنانة شكران مرتجى تحدثت بدورها إلى وكالة أنباء آسيا، معتبرةً أن أهم العوامل التي تساهم بقبولها لدور ما هو أن تقع بغرام الشخصية "بغض النظر عن حجم الشخصية في العمل، و عدة تفاصيل يمكن أن يقف عندها الممثل عادةً، حبي للدور أساس قيامي به، بالإضافة إلى عامل مهم و هو هوية مخرج العمل" .

وأضافت : "في شارع شيكاغو لم أفكر مرتين، بمجرد أن تلقيت اتصالاً من المخرج، أجبت بنعم، لإيماني المطلق بمشروعه الفني، ولأنني أعرف ما يمكن إضافته إلى الشخصية أثناء التصوير".
وأضافت شكران بأنه يكفي أن يكون محمد عبد العزيز من كتب النص، ما يمنحني الثقة و الأمان، و هذان عاملان مهمان لأي ممثل لدخول موقع التصوير، و مع إضافات و اقتراحات مني خرجت ستيلا بشكلها النهائي.

توضح الفنانة مرتجى "أكثر الأشياء التي شدتني للشخصية أنها آتية من حقبة الستينيات المفعمة بالإثارة، حيث تتيح هذه الفترة للخيال بأن يجمح فيما يتعلق بالملابس و الشكل الخارجي و تفاصيل أخرى. أما الأدوات الأكثر "جراة" و التي تطلبتها الشخصية، فتم الاشتغال عليها بحرفية تتماهى مع ما يتطلبه السياق الدرامي دون تجاوز الحدود حد الابتذال، والممثل عليه أن يتوقع عند أدائه أي دور ألّا يحظى بإعجاب الجميع و" أعتقد أن ستيلا حصلت على نسبة كبيرة من إعجاب المتلقي، و لكنني أحترم كل وجهات النظر التي انتقدتها" .

هل سيشكل شارع شيكاغو نقلة نوعية للدراما السورية ؟

اعتبرت شكران بأن المخرج و الشركة المنتجة قدما من خلال "شارع شيكاغو" نموذجاً نأمل بأن يحدث فرقاً في الدراما السوري، مؤكدةً أنه ليس بالضرورة أن تكون الأعمال جميعها مشابهة لشارع شيكاغو، و إنما المسلسل طرح أسلوب جديد في تناول نص من نوع آخر، أنتج مشروعاً جديداً من خلال الأداء و الممثلين، و "برأيي سيكون نقطة فارقة، حيث تم بذل الجهد و الاشتغال على أدق التفاصيل".

ماذا بعد شارع شيكاغو

تقول شكران: "نحن عادة نخيّر و لا نختار، و لكن هناك تريث يجب ألا يطول، لأن أي فنان يطمح -بعد أدائه لدور مهم- أن يتلقى عروضاً مهمة، و لكن الظروف التي نعيشها و الوضع الإقتصادي في سورية يؤثر بشكل مباشر على الدراما"، بالإضافة إلى أن الكارثة التي حصلت في لبنان الشقيق بانفجار مرفأ بيروت، لها تأثيرها على الجانب الفني ايضاً، "ضمن هذه الظروف نسعى جاهدين لنكمل بالأفضل وأنا من المحظوظات، لأنه عرض عليّ دور في مسلسل حارة القبة مؤخراً ، و هو نص جميل من تأليف أسامة كوكش و إخراج رشا شربتجي، هو دور مختلف و حاليا أقرأ نص بيئة شامية أيضاً مختلف عن العملين، و لكنني لم أحسم الأمر بشأنه بعد" .

و اضافت مرتجى :"شارع شيكاغو سيكون نقطة فارقة في حياتي الفنية، و لكنني لن أقف عند هذه النقطة ، سأذهب إلى نقطة أخرى لأصنع منها علامة فارقة أخرى تعلق في أذهان الناس" .

بركات: توليفة ذكية و مشوقة لمخرج العمل

الناقد الفني تمام بركات رأى أن شارع شيكاغو أتى ليقدم حكاية شارع عريق من شوارع دمشق، بعد فترة ليست بقليلة من دراما الأعمال الشامية و دراما العشوائيات، وليروي لنا قصة حب ضمن سياق رومانسي_بوليسي في توليفة ذكية و مشوقة من المخرج محمد عبد العزيز .

و اعتبر بركات في حديثه لآسيا بأن عاملاً أهم ساهم في نجاح "شارع شيكاغو "، و هو حسن اختيار الممثلين، الذي هو أساس أي عمل درامي " حيث أبدع كل من تم اختياره بدقة و حسن الأداء".

وأشار بركات بأن مخرج العمل آتٍ من عوالم سينمائية، لذلك طغى على "شارع شيكاغو" المفردات السينمائية ، و التي يصعب إخراجها بطريقة إبداعية" و من خلال المتابعة على مواقع التواصل نجد بأن العمل أصبح ترند و حقق نسبة مشاهدة عالية، على الرغم من أن عرضه حصري، إلا أن نسبة المتابعة لحد هذه اللحظة كبيرة .

بركات ختم قائلا: "الحكم كقيمة مطلقة على عمل ما يطلق عند انتهاء عرضه، شارع شيكاغو لحد هذه اللحظة جيد جداً، و لكننا بانتظار حيثيات تطور الشخصيات و القصة و الحبكة. لذلك لابد من انتظار الحلقة الأخيرة، لأن الناقد يرى بعين مغايرة عن الجماهير، فهو يشرح لماذا هذا العمل إيجابي أو سلبي، بينما المشاهد العادي يحكم دون التعمق بشرح التفاصيل".

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 2 + 5