هل من مخاطر لتحالف ابو ظبي -تل ابيب على الاستقرار في لبنان؟؟

لبنى دالاتي _ بيروت وكالة أنباء آسيا

2020.08.16 - 10:56
Facebook Share
طباعة

 لم تفاجىء الإمارات العربية المتحدة وإسرائيل العالم الخميس الماضي، الثالث عشر من آب الفين وعشرين، بالإعلان عن اتفاق لتطبيع العلاقات بينهما، والارتقاء بها إلى مستوى تبادل السفراء، والتعاون والتنسيق في مجالات عديدة أبرزها السياسية والعسكرية.

لأن المفاجآت كانت دائماً موجودة في وجود التحالف الوثيق بينهما ولكن دون إعلان.
لكن كثيرين يتخوفون من نتائج ذلك الأمر على لبنان. فالإمارات متورطة في الداخل اللبناني و في تفاصيل السياسات المحلية عبر تمويلها السخي لمن أوقفت الرياض تمويلهم بعد اعتلاء محمد بن سلمان سدة الحكم في المملكة السعودية. أبو ظبي هي شريك الرياض في لبنان منذ عام ٢٠٠٠ و وكيلها على الأقل منذ العام ٢٠١٧.
فهل التعاون الأمني السياسي الإعلامي الإماراتي الإسرائيلي يشمل ساحة لبنان؟؟

الزميل خضر عواركة أجاب عن سؤال حول موقع لبنان من الاتفاقية فقال: "لا تأثير إضافي، ما نتخوف منه مستقبلا موجود في الماضي، أي أن التعاون الإماراتي الإسرائيلي موجود من سنوات لكن يستهدف حصراً حزب الله وبدرجة أكبر أدوات تركيا" . وفي المستقبل سيبقى هذا التعاون قائماً ولن يتصاعد لأنه قد بلغ في ٢٠٠٦ حده الأقصى وهو مستمر" .

هل لبنان الضحية لعدوان إسرائيل و سيصبح عدوا للإمارات؟

يجيب عواركة" لا أعداء للإمارات في لبنان قبل حرب اليمن، وفي زمن مضى حتى بعض الأحزاب اليسارية كان الشيخ زايد يمولها. علاقة الأخير مع جورج حاوي كانت علاقة صداقة وطيدة جداً وكان مال زايد هو ما انقذ الشيوعي مرات". إعلام الإمارات كان ملجأ القوميين وأنصار المقاومة ما حوربوا في أبو ظبي قبل حرب ٢٠٠٦. حتى حزب الله لم يستهدف الإمارات في أي من تصريحات قادته قبل حرب اليمن إلا لماما.

لماذا صالح الإماراتيون إسرائيل؟

يجيب عواركة: " مرحلة جديدة ظهرت في الإمارات مع السعي الجدي لتحويل القوة المالية الى دور عالمي في خدمة قوة دولية هي أميركا لضمان ثبات حكم الإمارات بوجود مصلحة أميركية عليا. علاقة الإمارات مع إسرائيل تنطلق من هذا الفهم ومن المحاولة لصنع هذا الدور.
الإمارات كانت مقتنعة أن التغيير قادم أميركيا منذ وصل باراك أوباما، وهي استبقت الاتفاق النووي مع إيران بالسعي لبناء "قوة عسكرية وأمنية وإعلامية واقتصادية عالمية لا يمكن لأي حاكم في واشنطن الاستغناء عنها حين تتبدل الدول وتطير رؤوس الحكام. تقديمهم خططهم التي كانت تجارية صرفة كمسعى إيجابي لأميركا في مواجهة الصين عبر ما يسمى خطة (المرافىء) الإستراتيجية يندرج في نفس الاطار. تدخلهم في اليمن وليبيا عسكريا لا يخرج عن إطار تأكيد أنهم أسبارطة التي يمكن لأميركا الاعتماد عليها. نقص العديد وقلة السكان عوضوه بشراء ولاء قوى مرتزقة محلية من السودان وليبيا الى مصر ولبنان أميركا نفسها.

افضل جواسيس أميركا و إسرائيل وبريطانيا يعملون في الإمارات. لكن باراك اوباما لم يرهم بعين العطف وقد جاءهم الفرج والاطمئنان النفسي مع رئاسة دونالد ترامب الذي يرى الشرق الأوسط بعين "المافياوي فارض الخوة وبعين المرابي" والإمارات تتقن فن إشباع الرغبات المالية لوحوش واشنطن. وفي سياق متصل، التعاون الأمني الإسرائيلي الإماراتي جزء من تعاون عربي اشمل مع العدو" .

عواركة يضيف: "التعاون الأمني الإماراتي مع اسرائيل قائم عبر الأميركيين وبرعايتهم منذ قمة شرم الشيخ عام ١٩٩٣، وهو يشمل كل الدول العربية الموالية لأميركا. فكم دولة لا تواليها؟

هل نلوم الامارات؟؟

يقول الزميل وناشر وكالة انباء اسيا " الإمارات دولة شقيقة وستبقى دولة شقيقة لكنها شقيق ظلم نفسه ويظلمنا، لا يتعلق الامر فقط بأصل الحق ولا بالمبدأ الذي يقول أن العدو المغتصب القاتل المجرم في فلسطين هو عدو ايضا للإمارات مهما قدموا له من "جزية".

معتبرا أن طبيعة النظام العنصري المتوحش في كيان العدو لا يقبل شريكا. هو يرى العرب مستعبدين، حكاما وشعوبا، هو يرانا بعين صياد البشر في إفريقيا القرون الماضية سيغدر بالإمارات ويستغلهم ويبتزهم ويقضي على دورهم في اي مجال كان وسيحولهم الإسرائيلي بابتزازه الى عمال "سخرة" لصالحه.

و يشير عواركة الى أن "الشعوب العربية ستبقى حتى في الامارات رافضة للتطبيع مع العدو. حتى جاريد كوشنر قلق من ذلك وصرح به يوم أمس ووصف الشعوب بان لها قناتين احدها شبابي يقبل التطبيع واخر كهل يرفضه" .

كما مصر كامب دايفيد التي بقيت دولة شقيقة وان ظلمت نفسها وإن نسيت الحق الإنساني للفلسطينيين ستبقى الإمارات دولة شقيقة بشعبها على الأقل وبكثيرين من مسؤولي اماراتها الذين يمكن تفهم صمتهم عن خيار ربما لم يفضلوا أن يكونوا جزءاً منه.

وفي سياق متصل يقول الكاتب والباحث السياسي "جوزيف أبو فاضل" عن تلك المرحلة : "بعد عام 2002 قرر الرئيس رفيق الحريري تنفيذ اتفاق الطائف ، الذي ينص على عدم وجود (ميليشيات) داخل لبنان، على اعتبار أن مزارع شبعا وقرية كفرشوبا من الجهة اللبنانية، وتلال الغجر من الجهة السورية، أصبحت جميعها منضوية تحت القرارات الدولية والتحكيم الدولي، وضمن الاعتراف السوري الخطي للأمم المتحدة".

ويضيف أبو فاضل في حديثه ل"وكالة أنباء آسيا"، بأن الرئيس إميل لحود واجه حينها قرار الحريري بالرفض، وشدد على أهمية دور المقاومة في لبنان؛ باعتبارها قوة الردع الوحيدة التي تستطيع التصدي لأي هجوم إسرائيلي، وأن الجيش اللبناني لا يملك السلاح المناسب الذي يخوله حماية الوطن من أي عدوان.

ويشير أبو فاضل إلى أنه، وخلال القمة العربية التي انعقدت في بيروت في 27 آذار-مارس 2002 في "أوتيل فينيسيا" تبنى العرب مبادرة ولي عهد المملكة العربية السعودية "عبدالله بن عبد العزيز" بشأن حق العودة وإقامة الدولتين.
صحيح أن إسرائيل كانت أول من أطلق النار على هذه المبادرة، حتى قبل أن يجف حبرها، مواصِلةً استهتارها بكل القوانين والقرارات العربية والدولية، لكن ذلك لم يمنع قطار التطبيع من السير بين دول الخليج وإسرائيل، حتى وصل إلى محطته الأخيرة.

وحول ذلك، يعلق أبو فاضل : "ما حصل اليوم بين الإمارات التي تعتبر دولة ناشطة عربياً ومتمكنة على الصعيد الدولي، لم يحصل إلا بعد مباركة أمريكية عبر الرئيس دونالد ترامب، وهذا أمر يطرح تساؤلات حول قرارات وتوجهات دول الخليج في المستقبل" على حد قوله، مضيفاً أن "قوى 14 آذار تدور في الفلك الأمريكي، والغربي، وفي فلك دول الخليج، ولكن من المستحيل، أن تعلن دعمها لاتفاق مع إسرائيل، لأن الوضع الداخلي لا يحتمل".

النائب السابق فارس سعيد يقرأ من جهته، التطبيع الإماراتي – الإسرائيلي من زاوية أخرى، فيقول في تصريحات خاصة بوكالة أنباء آسيا، إن "المنطقة تتأثر بإعادة ترسيم في الشكل والمضمون، والعالم العربي يحاول سلوك طريق معين من أجل الحفاظ على كيانه وعلى مصالحه".
ويضيف سعيد، وهو المنسق العام السابق لقوى 14 آذار، المقربة من السعودية والإمارات، أن" لبنان يحتاج اليوم إلى تضامن عربي" .

و يلخص سعيد ذلك بعبارة "إذا ذهب العرب مع السلام علينا أن نذهب معهم، وإذا ذهبوا إلى الحرب فعلينا أن نحارب معهم "، واضعاً الأمر في خانة انتماء لبنان إلى الهوية العربية، وإلى نظام المصلحة العربية، لأن لبنان جزء لا يتجزأ من العالم العربي"، على حد قوله.

ويدعو سعيد الدول العربية إلى رسم ما سماها "عروبة جديدة متصالحة مع الآخرين" معرباً عن يقينه بأن "كل من ينتقد اليوم هذا التطبيع، سيسعى في المستقبل إلى استنساخ تفاهم مشابه له"

النائب السابق والقيادي في تيار المستقبل مصطفى علوش يقارب موضوع الإعلان عن تطبيع العلاقات بين الإمارات وإسرائيل بعين المترقب لردود أفعال الفريق الآخر ، ويرى أن حلول لبنان ستظل مجتزأة إلى حين إيجاد حلول جذرية وكاملة للقضية الفلسطينية، بناءً على قرارات الأمم المتحدة"

ويشير علوش في حديثه ل"وكالة أنباء آسيا"، إلى أنه " بالرغم من أن مصر والأردن وفلسطين كانوا وقعوا اتفاقيات مع إسرائيل، إلا أن لبنان حافظ على علاقاته الطبيعية معهم، موضحاً أن العلاقات الدولية يجب أن تبقى مبنية على مبدأ "ما ينفع وما يضر".

ويرى علوش " أن اتفاقية التطبيع التي حصلت بين الإمارات وإسرائيل قد تدفع بقوى 8 آذار إلى تصريح يعبرون فيه بأنهم لطالما كانوا محقين بوجهة نظرهم وتقييمهم لسياسات دول الخليج لكن ذلك لا قيمة له واقعيا".

علوش يعتقد بالمقابل، أن فريقه "14 آذار" لن ينسى العلاقة غير المباشرة القائمة بين ما أسماه "أيقونة الثامن من آذار، الرئيس حافظ ثم بشار الأسد مع اسرائيل والتي تنص على تفاهم بعدم الاعتداء منذ سنة 1974 وحتى اليوم، وترك الجولان تحت السيطرة الإسرائيلية دون أي محاولة سورية لتحريره".

ويذكّر علوش أيضاً بما سماها "العلاقة الموجودة بين كل من إيران وإسرائيل منذ عام 1983، تحت عنوان "إيران غيت" والتي تنص على أن تشتري إيران أسلحة من إسرائيل لمواجهة صدام حسين".
ويختم علوش حديثه بالقول " اللي بيتو من قزاز لا يراشق العالم بالحجارة".

من جانبه، يعتبر رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المقاومة، الشيخ ماهر حمود، في تصريح خاص لوكالة أنباء آسيا، أن" التأثير الذي سينتج عن الاتفاق الإماراتي - الإسرائيلي سيكون محدوداً على لبنان، فالموضوع معنوي أكثر مما هو سياسي أوعملي، لأن هذا التطبيع موجود ومنذ عقود"، على حد قوله.

و يضيف حمود أن "هذا القرار سيرتد سلباً على الإمارات، لأنها لا تملك أي عذر للتطبيع"، ويوضح بأن مصر والأردن وفلسطين لم يوقعوا اتفاقات مع الإسرائيليين إلا بعد أزمات كبيرة وضغوطات طالتهم، وأثرت عليهم سلباً من جميع النواحي الاقتصادية والأمنية" .

بالمقابل- كما يقول الشيخ حمود- فإن "الإمارات العربية المتحدة تعيش بسلام، ولم توقع على هذه الاتفاقية إلا من باب التنافس الشخصي على النفوذ، وهذا يدور حول المحور الإسرائيلي - الأمريكي" على حد قوله.

يضيف حمود أن هذه الخطوة لن يكون لها أي تأثير داخلي أو خارجي على لبنان، للضغط في موضوع نزع سلاح المقاومة، خاصةً وأن قوى الرابع عشر من آذار يستندون على قطر و على المملكة العربية السعودية".

ويختم حمود حديثه لآسيا بالتساؤل: "كيف استطاعت الإمارات أن تنفرد بهذه الخطوة الناقصة، وهي دولة تابعة لدول مجلس التعاون الخليجي، وأن تخالف قرارات جامعة الدول العربية؟" متوقعاً على إثر هذا الخطوة ما قال إنها "مفاجآت غير سارة في حقها".

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 5 + 2