للسوريين "خط فقرهم" الخاص: "طفيليات الحرب" و"البركة" ترسمان مساراً وهمياً للفقر!

هيا صالح حمارشة_دمشق وكالة أنباء آسيا

2020.08.15 - 05:35
Facebook Share
طباعة

 إذا كنت مواطناً حلمه المتيقظ دائماً تأمين حاجاته الأساسية كالطعام لعائلته، وإذا كنت موظفاً لدى القطاع العام أو الخاص، تتقاضى في نهاية الشهر ما يقارب 50 دولاراً، أقل أو أكثر قليلاً، ما يدفعك للعمل جاهداً في عمل ثاني وثالث، وإذا كنت أيضاً تعاني من حرب لتسع سنوات، فكل ذلك يرشحك وبنسبة مئة بالمئة لتكون مواطناً سورياً، و90 بالمئة أنت تحت خط الفقر، كما تفيد تقارير عالمية متواترة، آخرها صدر عن منظمة الصحة العالمية.

لكن رغم ذلك، ثمة ما يثير التساؤل والاستغراب، عند رؤية أعداد غير قليلة من السوريين في الأسواق والمقاهي والمطاعم، وفي أماكن لا يبدو أن من هم تحت خط الفقر قادرين على ارتيادها أو التسوق منها، فمن هم هؤلاء، وهل يندرجون ضمن ال10% الناجين من تحت خط الفقر أم هناك ما هو أكثر؟

وكالة أنباء آسيا، تحدثت إلى خبيرين اقتصاديين لشرح هذا التناقض ما بين المصرّح عنه، وما بين الواقع، بالأحرى لمحاولة رؤية موضوع خط الفقر بعين سوريّة، والذي تم تحديده حسب معايير الأمم المتحدة بدولار وربع للفرد الواحد يومياً، ليأتي البنك الدولي ويرفعه إلى دولار وتسعين سنتاً باليوم عام 2015، أي نحو 5000 ليرة سورية للمواطن السوري.

في هذا الخصوص، يوضح الخبير الاقتصادي، عمار يوسف، هذه المعادلة الرياضية، والتي تقول: " اذا كانت العائلة مكونة من خمسة أشخاص، فحسب معايير خط الفقر بجب أن تستهلك وفي الحد الأدنى 25000 ليرة يومياً، ما يعني 750 ألف شهرياً، وهذا لا ينطبق أبداً على العائلة السورية بالمطلق".

طبقة "متعيّشة"

وبالنسبة لمعدل خط الفقر الذي أطلقته ممثلة الصحة، يوضح يوسف أنه إذا تم إجراء دراسة في سورية، فستكون النسبة 95%، وهذه "فضيحة" على المستوى العالمي، (على حد قوله)، ويضيف "إن هذه النسبة تنقسم بين الطبقة الفقيرة، وهي الطبقة الغالبة التي حلّت مكان الطبقة الوسطى، فيما حدد نسبة طبقة النخبة الاقتصادية والتي تصل إلى 3%، وأشار إلى نشوء طبقة "متعيّشة" أو طفيلية، تتغذى على فساد الكبار تصل نسبتها إلى 3% أيضاً، مؤكداً أن هذه الطبقة لا تؤثر على معاناة الطبقة الفقيرة، سواء سلبياً أو إيجابياً.

قطبة خفيّة

للمجتمع السوري خصوصية كبيرة، أو (قطبة خفية)، تحدث عنها الدكتور يوسف، كمشكلة يصعب على الخبراء الاقتصاديين حلها لحصر دخل المواطن السوري، قائلاً: "على الرغم من سوء الوضع المعيشي، إلا أن المواطن ما زال متفائلاً، وقادراً على العمل بثلاثة أعمال في اليوم، حيث من الممكن القول إن هناك "بركة" في دخل المواطن السوري، يعيش اليوم بقدرة الله وحدها، كما لا ننكر شرعنة الفساد، ونشوء الطبقة المتعيشة."

خصوصية المجتمع السوري

من جهته، الخبير الاقتصادي، الدكتور عبد القادر حصرية، له رأي مغاير نوعاً ما، إذ يؤكد أنه لا يمكن إعطاء النسب والمعدلات دون إجراء دراسات دقيقة وموضوعية، مشيراً إلى أن نسبة الفقر في ارتفاع، لكن وفي ظل الظروف الحالية يجب عدم دراسة معدلات خط الفقر من حيث معدل الاستهلاك، بل من حيث متوسط الدخل المعيشي للعائلة وليس للفرد، فالمجتمع السوري له خصوصية تختلف عن أي مجتمع آخر.
وأكد حصرية أن معايير الأمم المتحدة تنطبق على المجتمع السوري، ولكن المشكلة في طريقة القياس، بالإضافة إلى وجوب اتخاذ الحرب في عين الاعتبار، والتي أثرت بشكل كبير، حيث كان أحد مفرزاتها طبقة طفيلية تقع ضمن منظمة اقتصاد الظل، والتي من المتوقع تقلصها مع بداية عودة الدولة إلى نصابها.

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 7 + 6