السوريون في لبنان.. انفجار بيروت ينكأ الجراح ويعمّقها

وكالة أنباء آسيا - غنوة طعمة

2020.08.15 - 01:56
Facebook Share
طباعة

 
تعرض اللاجئون السوريون إلى مأساة هي الأكبر منذ دخولهم إلى الأراضي اللبنانية، بعد سقوط عشرات الضحايا في انفجار بيروت المدمر، حيث سقط العشرات منهم في الانفجار، حيث كانوا يعملون، بينما قضى آخرون تحت ركام بيوتهم، وفقد قسم آخر أحباءه وسكنه، ورغبته في الحياة.
لا أريد مساعدات
أحمد عبد الرحمن، يقطن في الكرنتينا، يؤكد لوكالة أنباء آسيا أن الحياة منذ لحظة الانفجار لم تعد تعني له شيئاً، خاصةً بعد أن فقد زوجته وابنته تحت الركام.
ويتابع أحمد والدموع في عينيه: "حياتي خلصت في 4 آب، أنا حالياً عايش جسدياً، قلبي مات لما ماتوا بنتي ومرتي، بنتي الوحيدة اللي بقيت عايشة حاليا موجودة في المشفى بالعناية المركزة.. بقيت وحيد بحكي مع حالي متل المجنون، كل يوم بقعد حدّ بيتي اللي صار كومة حجر لشم ريحة عيلتي، يا ربي شو صار، شو هالمأساة".
ويتحدث أحمد عن الخوف الذي لم يفارقه في سورية من فقدان عائلته:"هربت من الموت مع عيلتي، وكان دائما عندي خوف إنه إفقد أحبابي بالمتفجرات بسوريا، فماتت عيلتي بالانفجار هون بلبنان، ومات قلبي معهن، كنت أركض من جمعية لجمعية لحتى أمّن المساعدات لعيلتي، ولنقدر ناكل ونشرب، بس ما كان حدا يسمعني وما حدا يرد عليي.. أما حاليا كل الجمعيات عم تزورني وتقدم كتير مساعدات ما كنت إحلم فيها.". 
يسخر أحمد من هذه الحال قائلاً "كأنو الإنسانية تأتي بعد الموت والدمار والوجع.. لما تفقد طعمتها.. كلو ما عاد ينفع بالنسبة إلي.. شو جايين يساعدوا وأنا اللي عايش كرمالن راحوا... شو بينفع يساعدوني وأنا فقدت أحبابي".
حال أحمد كحال العديد من العائلات السورية التي فقدت ذويها في الانفجار. يجلس صلاح عند مدخل الجميزة على حافة الطريق مكسور القلب وعيناه ذابلتان من شدة البكاء، يقول لوكالة أنباء آسيا: "فقدت عملي كناطور منذ عام، وضعي المالي سيء جداً، كنت لا أزال أبحث عن عمل حتى لحظة وقوع الانفجار، أما الآن، وبعد أن فقدت المأوى الذي كان يحميني، فلم أعد أريد سوى مكان أنام فيه، لا أريد مالاً، لا أريد سوى مأوى لي ولعائلتي، أنا المعيل الوحيد للعائلة، كيف سينام أولادي، تركتهم جالسين في مدخل بناية صارت نصفها ركام، يا رب فرجك".
أريد جثة زوجي
من المشاهد المحزنة التي تعبّر عن فداحة المأساة التي تعرض لها السوريون،  فقدان أي أثر لأفراد من عائلاتهم من دون الحصول على أي معلومة تثلج قلوبهم. ثمة مشهد لأم تقف يومياً إلى جانب موقع الانفجار، تبكي بحرقة ومعها طفلين ، تنتظر بلوعة خبراً عن زوجها الذي كان يعمل بحاراً ولا أثر له منذ وقوع المأساة.
تقول وصال محمد محمود: "زوجي لا أثر له، كل يوم بجي لشوف إذا لقيوا جثته، أنا خلص أكيدة إنه توفى، بس بدي لاقي جثته، ما بعرف شو أعمل وبرقبتي طفلين، كان هو سندي، ما إلي حدا هون، هربنا من الحرب بسوريا وتركنا أهلنا، بس كان يقلي راجعين قريبا على بيتنا، بس تحملي معي كرمال الولاد، وراح وتركني لا قادرة إبقى ولا قادرة إرجع".
أما طفلها فلم يتوقف عن البكاء بشكل هستيري وهو يقول للجندي: "مشان الله يا عمو لاقيلي بابا اتصل بالشرطة تفتش عنو.. ببوس إيدك عمو بدي بابا".
هل سألقى أبي مجددا؟
أما الشابة م.م التي رفضت ذكر اسمها، والتي تبلغ من العمر 19 عاماً فقالت لوكالة آسيا: "لم نكن ننوي أن نترك سوريا أبدا، ولم نكن ننوي الهروب إلى لبنان، ولكن تعرضنا للموت أكثر من مرة في وطننا وقررنا الهروب من جحيم الحرب بعد أن انقلبت كل حياتنا رأسا على عقب وأصبحت ظلاما".
وتابعت وهي تبكي: "ما كنا نخشاه قد حصل، أبي لا أثر له حتى هذه الساعة، هربنا من سوريا وجئنا إلى لبنان لنلقى المصير نفسه، دمار وسواد وحرب وبكاء، ليتني مت مع عائلتي هناك ولم أعش هذه اللحظات العصيبة، هل سألقى أبي مجددا؟ هل هو على قيد الحياة؟".
وقالت وهي تجهش في البكاء: "كان والدي يخاف أن اختطف في سوريا؛ أنا وأخواتي البنات من جراء الحرب، وكان حريصاً أشد الحرص علينا، من سيحمينا في غيابه، كيف سنعود إلى ديارنا من دونه، انا منهارة تماماً، فقدنا الأمل بالحياة مرة أخرى".
"إضاءة" .. على مأساتهم
وفي هذا السياق، أعلنت السفارة السورية أنها قدمت كل التسهيلات لنقل بعض جثامين الضحايا السوريين إلى ديارهم، والمساعدة في دفن البعض الآخر في لبنان.
وقامت "منظمة بسمة وزيتونة" غير الحكومية لإغاثة ودعم اللاجئين في لبنان، بإطلاق مبادرة إنسانية عاجلة، من خلال المساعدة في كل الإجراءات القانونية اللازمة لتأمين الأوراق الرسمية والقانونية للضحايا، بالإضافة إلى المساعدة الطبية والإغاثية والمادية.
وفي لبنان، أطلق ناشطون لبنانيون على مواقع التواصل الإجتماعي هاشتاغ بعنوان #saytheirnamestoo، في إشارة إلى الضحايا السوريين الذين سقطوا في انفجار مرفأ بيروت، لحقّهم في الإضاءة على مأساتهم.ً
Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 1 + 10