كيف ترى إسرائيل إعلان اتفاقية السلام مع الإمارات؟

ترجمة : عبير علي حطيط

2020.08.14 - 06:34
Facebook Share
طباعة

 تحدثت صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية عن اتفاق التطبيع الذي أعلنه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، بين تل أبيب والإمارات العربية المتحدة.
وأوضحت الصحيفة أنه يجب الاستمتاع بالاتفاق مع الإمارات، وتهنئة بنيامين نتنياهو (رئيس الحكومة المتهم بالفساد) على إنجاز سياسي مثير للاهتمام بقدر الإمكان، قبل أن تتبدد الفرحة على هذه الانطلاقة، وقبل أن يحل مكانها "الغم".
ونوهت الصحيفة إلى أنه عندما يطبخ الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ونتنياهو عملية، يمكننا أن نكون واثقين من أن التضخيم سيدفن الحقائق، والمناورة ستطمس الوقائع، والتفاصيل الصغيرة والقاتمة خلف الصفقة ستظهر هذه التصريحات المنمقة بصورة سخيفة حول انفراج وتحول تاريخي.
وبعد الإعلان عن الاتفاق أمس، عمل ترامب ونتنياهو على تضخيم أبعاد الوهم التي تبدو الوقائع باهتة مقابله، بحسب الصحيفة التي قالت إنه في الواقع فإن الحديث يدور عن قرار شجاع بحد ذاته، كي يخرج على الملأ نظام علاقات قائم أصلًا، منوهةً إلى أن نتنياهو يعرف مثل معظم الإسرائيليين، أن كل مقارنة مع اتفاقات السلام التي وقعتها إسرائيل مع جاراتها (مصر والأردن) هي تضخيم متوحش.
ولفتت إلى أن نتنياهو سوّق الاتفاق، وكأنه يؤمن علاقات دبلوماسية كاملة بما في ذلك تبادل السفراء، الآن وعلى الفور، رغم أن إعلان البيت الأبيض، يوضح أن الأمر يتعلق فعليًا بعملية تدريجية ومشروطة، ورفض نتنياهو بشدة الادعاء بأن الاتفاق تم التوصل إليه بفضل التنازل عن الضم أو تأجيله.
وتابعت الصحيفة قولها إن اليساريون عبروا عن الأسف لدفع الفلسطينيين إلى الهامش، ولكن أحداً منهم لم يأسف على إزالة تهديد الضم، الذي أدى للإساءة لموقف إسرائيل الدولي، منوهةً إلى أن نتنياهو كشف أول أمس الحقيقة المرة بأن إدارة ترامب انسحبت من الموافقة المبدئية على الضم، ضمن أمور أخرى، بسبب جيرارد كوشنر، مستشار ترامب، الذي خاف من أن يتضرر ترامب.
وأكدت أن أصدقاء وشركاء ترامب الذي يعاني من وضعٍ صعب، في الإمارات، البحرين والسعودية. الأمير زايد بن سلطان وسفيره النشط في واشنطن يوسف العتيبي، هبوا لمساعدته، موضحةً أن نتنياهو، ومع انعدام الخيارات أمامه وفقدان القدرة على أن يرفض طلب صديقه ترامب، دفع نفسه إلى زاوية يصعب الخروج منها.
ورأت "هآرتس" أن إقامة علاقات رسمية مع إمارة خليجية ستسر بالتأكيد معظم مواطني إسرائيل، لكن الأمر يتعلق بإنجاز متواضع، أقل من أن يحتل العناوين لفترة طويلة، وهو بالتأكيد لن يدفع للهامش، المشاكل المشتعلة التي تقف ضد نتنياهو، وهي كورونا، الأزمة الاقتصادية والفساد الشخصي.
ونبهت إلى أنه من المشكوك فيه، أن نتنياهو نفسه يؤمن بالأوهام التي نثرها، موضحةً أن بعض رؤساء المستوطنين، عبروا عن غضبهم بشأن خطوات نتنياهو، وخيبة أملهم من خرق وعوده.
وقدرت أن الرابح الفوري، هو نفتالي بينيت الذي يمكن أن يحصل على دفعة أخرى من أجل صعوده المتواصل في الاستطلاعات.
وعن مدى تفاعل ترامب مع الاتفاق، بيّنت أنه وجد صعوبة في إخفاء الملل خلال حديثه في البيت الأبيض أمس، فهو يواجه العزل المحتمل، ولذلك سيفعل كل ما في استطاعته، من أجل إعادة انتخابه، كما أن نتنياهو سيفعل كل ما في استطاعته، بما في ذلك التنازل عن الضم والمسّ بمكانته في القاعدة اليمينية، لإرضاء ترامب، للتأكد من أن قصة غرامه مع ترامب لن تنتهي في 3 تشرين الثاني/نوفمبر.
كما رأت أن هذا الاتفاق قد يكون بشرى سارة لسببين، حيث أنه اتفاق التطبيع الثالث مع دولة عربية والأول مع الخليج، والسبب الثاني أنه يزيل عن جدول الأعمال فكرة الضم، منوهةً إلى أنه سيتعين على اليمين في إسرائيل، أن يعيد احتساب المسار، مثلما اضطر لأن يعيد احتسابه بعد الاتفاق مع مصر.
ونوهت إلى أن هذا السلام هو سلام نتنياهو بالدرجة الأولى، وإذا ما تطور وازدهر فهو له، وإذا تشوش وألغي فهو له. متسائلةً: هل سيقف نتنياهو عند كلمته؟ هل سيقف ترامب عند كلمته؟ هل أعطيا ابن زايد تعهدًا خطيًا بشأن سياسة إسرائيل في الضفة؟
وأشارت إلى وجود مسألة حساسة أخرى تتطلب جوابًا مرتبًا. فالإمارات تنكب على تطوير قدرة عسكرية، ورفعت إلى الإدارة الأمريكية قائمة طويلة من الطلبات لشراء عتاد عسكري متطور، وعلى رأسها طلب شراء طائرات إف 35، كما أن السعودية هي الأخرى رفعت قائمة، واستجاب ترامب وكوشنير بحماسة، فالمال أشعلهما، غير أن الكونغرس أوقف الصفقة؛ وكان أحد الأسباب إسرائيل واللوبي المؤيد لها.
وقالت إنه في الكونغرس، تخوفوا من أن توريد العتاد المتطور سيمس بالتعهد الأمريكي التاريخي بالحفاظ على التفوق العسكري الإسرائيلي، متسائلةً: هل يتضمن الاتفاق بنداً سرياً يغير سياسة المشتريات الأمريكية؟ هل يوجد تفاهم صامت في هذا الموضوع بين الشركاء الثلاثة؟
ونبهت الصحيفة إلى أن السلام الإقليمي لأي اتفاقات سلام مع دول الخليج، هو فكرة توجد على جدول الأعمال لسنوات عديدة، ويوجد نهجان في واشنطن تجاه هذه الفكرة. واعتقدت إدارة أوباما بأنها يمكنها أن تقنع إسرائيل بالتوقيع على سلام مع الفلسطينيين فيما يكون المقابل سلامًا إقليميًا، أما نتنياهو فقد اتخذ ترتيبًا معاكسًا. فأولًا السلام الإقليمي وبعد ذلك الفلسطينيون، وأقنع كوشنير بأن يقنع الإمارات، فمنح الاتفاق انتصارًا لخط نتنياهو.
وأكدت أن التطبيع الجزئي كان قبل ذلك بكثير، وفي حالة الإمارات، كفت العلاقات منذ زمن بعيد عن أن تكون سرية، حيث تحتفظ إسرائيل هناك بممثلية، تقيم علاقات دبلوماسية وأمنية، ورئيس "الموساد" هو ضيف مرغوب فيه، وعندما تورط الموساد في تصفية القيادي في حماس، محمود المبحوح في دبي 2010، رفض رئيس الموساد في حينه مئير داغان التأثر، لأنه عرف كيف يتدبر أمره مع المحليين (قادة الإمارات).
وقدرت أن إقامة علاقات دبلوماسية كاملة مع الإمارات، تفتح الباب لإقامة علاقات كاملة مع دول أخرى مثل البحرين، قطر أو السعودية والمغرب.
وأمام هذه "الخطوة الاستراتيجية"، شعر قادة المستوطنين أنهم أشخاص لا رأي لهم، لأن "نتنياهو خدعهم وهم خدعوا ناخبيهم، وبعد قليل سيتظاهرون في بلفور وهي مقر إقامة رئيس وزراء الاحتلال"٠
وتساءلت الصحيفة: "لماذا فعل نتنياهو هذا؟"، فكان الجواب البسيط وهو ينطوي في حساب الكلفة مقابل المنفعة. فقد فهم بأن الضم برعاية أمريكية لن يكون، فاختار في المقابل الذي عرض عليه.
ونبهت إلى أنه من المشوق معرفة كيف يشعر وزير الحرب بيني غانتس، فلقد أثبت نتنياهو له، أنه لا يثق به ولا بوزير الخارجية أشكنازي، كما أن نتنياهو لا يرى أنهم جزء من القيادة.

 

رابط المصدر: اضغط هنا

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 4 + 1