"ذا أتلانتك": كيف تشبه إدارة ترامب المتردية للكوارث إدارة السلطات اللبنانية للبلد؟

ترجمة : عبير علي حطيط

2020.08.12 - 02:22
Facebook Share
طباعة

 
 
ذكرت مجلة "ذي أتلانتك" أن المأساة التي تعرض لها لبنان مألوفة لدى الأمريكيين، مشيرةً إلى أن هناك ملامح شبه بين انفجار بيروت وانتشار فيروس كورونا في الولايات المتحدة.
وقالت المجلة في المقال إن ما تحدث به الباحث في معهد أمريكان إنتربرايز مايكل روبن، في صحيفة "واشنطن إكزامينر" بشأن اللبنانيين محق، حيث قال روبن، إن "اللبنانيين يعانون الكثير لأسباب خارجة عن سيطرتهم، منها نزوات الطبقة السياسية لديهم، وعندما يتخلصون من النخبة الفاسدة والعاجزة، والثقافة السياسية التي يتصرف من خلالها الكثيرون دون خوف من العقاب، سينتعش البلد وأهله، ويحصلون على العدالة التي يستحقونها".
وأشارت المجلة إلى أن تاريخ لبنان الحديث هو تاريخ الحكم الفاشل، من بين عدة أسباب. وكان الانفجار في وسط بيروت هو تتويج لكل هذا. 
وأضافت أنه ليس من حق الأمريكيين إلقاء محاضرات على بقية الدول، وتذكيرها بأن خياراتها تسهم بالكوارث، مشيرةً إلى أنها لا تدافع عن طريقة معالجة اللبنانيين للسفينة التي حملة نترات الأمونيوم التي تسببت بالانفجار. ولفتت إلى أن المادة التي نجم عنها انفجار مرفأ بيروت، هي ذاتها التي أدت لتدمير المبنى الفيدرالي في مدينة أوكلاهوما عام 1995.
وأشارت إلى أن التحذيرات المتكررة للتعامل مع هذه المادة الخطرة لم تجدِ نفعًا، وكتب مدير الجمارك إلى القضاء اللبناني في أيار/ مايو 2016: "بناءً على الخطورة التي يمثلها الحفاظ على الشحنة في المستودع وبظروف غير مناسبة، فإننا نكرر طلبنا بأن تقوم مؤسسة الملاحة بإعادة تصدير المواد حالًا". إلّا أنه، وبحسب المجلة، على ما يبدو، فقد كان المسؤولون حريصين على احتجاز طاقم السفينة المدين حتى يتم دفع الفاتورة، أكثر من حرصهم على سلامة الشحنة التي ستدمر لاحقًا نصف بيروت، وقال كابتن السفينة لنيويورك تايمز: "كانوا يريدون المال الذي ندين به".
ولفتت إلى أن الولايات المتحدة بالتأكيد ليست لبنان، فالكارثة بأمريكا لم تتكشف من خلال موجة من الهزات وسحابة مثل الفطر تذكر بانفجار قنبلة نووية، لكنها ظهرت عبر حركة أبطأ. موضحةً أن فشل الحكم في أمريكا خلال الأشهر الماضية جلب عددًا من الجثث على قاعدة أوسع من الجثث التي سيتركها انفجار بيروت.
وأشارت إلى أنه ومع أن عدد الناس ممن فارقوا الحياة في بيروت سيزداد، لكنه سيكون أقل من عدد الموتى في أمريكا، حيث سيظل الأمريكيون يسجلون كل يوم ألفًا أو ألفي حالة وفاة. وأن الكثير من الأمريكيين سيعزون أنفسهم بأن الوضعين مختلفان، وهذا صحيح. لكن هناك أوجه شبه تثير العصبية، ومن أهمها الإهمال وفساد وعقم النخبة.
وذكرت المجلة بشأن طريقة معالجة الرئيس الأمريكي لأزمة كورونا، فقد قالت إن تعاون ترامب مع الرئيس الصيني، شي جين بينغ، وإخفاء التهديد، وعرقلة جهود الحكومة الأمريكية للرد، وإسكات من حاولوا تحذير الرأي العام، دفع الولايات لاتخاذ مخاطر صعدت من المأساة، وهو شخصيًا مسؤول عن وفاة عشرات الآلاف من الأمريكيين. كما أن تدخل الرئيس وإهماله من ناحية التحضير والتعبئة والتواصل العام والفحص والتخفيف وإعادة الفتح، أسهم في فشل الحكومة، وتفاقم مأساة انتشار فيروس كورونا.
وعلقت المجلة قائلةً إن السلطات الأمريكية مثل السلطات اللبنانية، فقد حصلت على تحذيرات متعددة، تمامًا كما كانت السلطات اللبنانية. حيث كان المسؤولون الأمريكيون يعرفون ما يجري في الصين. كما أنهم شاهدوا ما كان يحدث في إيران وإيطاليا. إلّا أن الموجة وصلت متأخرة لأميركا، مع أن الفيروس كان موجودًا قبل ذلك بفترة. وكان لدينا الوقت الكافي للتجهيز الصحي على خلاف الإيطاليين. وكان المسؤولون الصحيون في أمريكا  قد حذروا من خطورة الأمر تمامًا مثلما حدث مع مسؤولي الجمارك في لبنان، الذين حذروا من مخاطر إبقاء شحنة ضخمة من نترات الأمونيوم في وسط بيروت، فهم قد حذروا من ثمن التواطؤ. فالتحرك الفعال كان ممكنًا، لأن حكومات أخرى اتخذته. وقامت حكومات أخرى باتخاذ تدابير لدرء الخطر عن مدنهم وشعبهم، أما دونالد ترامب، فقد اختار مثل اللبنانيين، ألا يفعل.
ولفتت المجلة إلى أن إهمال إدارة ترامب تفوق على إهمال الحكومة اللبنانية، "فالانفجار يحدث فجأة ومرة واحدة، ولفترة محددة ويتوقف. في حين أن الوباء يحدث على فترات. وكل يوم يقدم فرصة للإهمال أو القيادة، لكن ترامب ومنذ وصول الوباء إلى أمريكا، صحا كل يوم على ما يمكن وصفه التزامًا متجددًا بالإهمال. وأوضحت أن هذا الإهمال يبدو أحيانًا على شكل إنكار، وفي أحيان أخرى يكون على شكل تحميل الآخرين المسؤولية على شاكلة "نظرية المؤامرة" أو "التفكير الواهم" و"التعلل بالأماني".
وأضافت المجلة أن مقارنة أداء الحكومة الأمريكية بطريقة ما مع أداء المسؤولين اللبنانيين هو أمر غير محبذ. فلبنان بلد تراكمت عليه المشاكل، فهو يعاني من انقسامات طائفية، وعانى من حرب طائفية قبل فترة ليست بعيدة، واحتلته دولتان جارتان له. وعليه التعامل أيضًا مع قوى سياسية داخلية وتدخلات قوى أجنبية في شؤونه الداخلية. كما أن لبنان استقبل مليون لاجئ سوري. وهذه هي مبرراته، ولكن ما هي مبررات أمريكا؟
وأشارت إلى أن الهتاف في لبنان كان الدعوة لتغيير النظام، وربما طالب الأمريكيون بنفس الشيء لو تكشفت الكارثة بشكل خاطف ومحت وجوه المباني ودفنت الأطفال، بدلًا من حدوث هذا بطريقة بطيئة وعلى مساحات واسعة. وأضافت أن العلاج الديمقراطي في الولايات المتحدة ما زال متوفرًا، ولم يتبق للانتخابات سوى ثلاثة أشهر، "ويمكن للأمريكيين تفريغ غضيهم".
وأوضحت، أنه وعلى افتراض عُقدت الانتخابات دون مشاكل، فلدى الأمريكيين الوسائل التي أثرت على سقوط النظام اللبناني، والذي يؤكد نظامه الانتخابي على حصول كل طائفة على حصة من السلطة، وحتى لو فعل الأمريكيون بعد ثلاثة أشهر نفس الشيء، وفاز جو بايدن بشكل ساحق، وتصرف بحزم لوقف الوباء وسيطر عليه، فستحتاج الولايات المتحدة إلى وقت طويل كي تكون في موقع من يحاضر على بقية الدول حول العلاقة بين حكومة مسؤولة والتجهز للكارثة والمنع والإدارة، لأنهم وضعوا البلاد في داخل الخطر، وتركوا أطنانًا من نترات الأمونيوم في وسط المدن.
 
 
المصدر: https://www.theatlantic.com/ideas/archive/2020/08/lebanons-tragedy-is-all-too-familiar/615142/
Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 2 + 3