هل تنجح واشنطن في تكريس معادلة الكاظمي في لبنان؟

يوسف الصايغ- آسيا

2020.08.11 - 03:50
Facebook Share
طباعة

 
"سقطت حكومة حسان دياب بعيد لقاء الرئيس ماكرون ورئيس كتلة الوفاء للمقاومة محمد رعد"، هكذا يختصر أحد االسياسيين المشهد في سياق توصيفه لسيناريو إستقالة الحكومة، إلا أن هذا الكلام لا يعني أن الوضع بات تحت السيطرة بل بالعكس، إذ يعكس مضمون الوضع القائم حالياً، حيث يبدو أن استقالة حكومة دياب أول غيث المرحلة المقبلة التي لا يملك أحد حقيقة ما سيشهده لبنان بعد الرايع من آب.
ما بات مؤكداً أن لبنان دخل في عين وقلب العاصفة التي تضرب المنطقة من اليمن الى العراق وسوريا، وما تفجير المرفأ إلا عبارة عن عمل أمني بغض النظر عن كيفية وقوع التفجير والطريقة التي استخدمت لتفجير نيترات الأمونيوم، سواء عبر صواريخ موجهة أو من خلال ما يُسمى بـ"القنابل الإلكترومغنيطيسية" كما يقول خبراء، وهي قادرة على إحداث هذا الكم من الدمار الهائل.
وبحسب المطلعين فإن اللافت أن تفجير مرفأ بيروت يوم الرابع من آب جاء بعد أسبوعين فقط على قيام جهاز أمن الدولة بتحريك ملف العنبر رقم ١٢ في ٢٢ تموز، فجرى تفجير العنبر في 4 آب، فهل سيكشف المحققون أي خيوط في هذه المسألة؟ الجواب يبدو مستبعداً في الوقت الراهن، حيث أن الجميع يلتزم الصمت، وربما يندرج ذلك في سياق محاولة التعمية على الحقيقة، والتغطية على الأسباب الحقيقية للانفجار، وعدم الإعلان عن حصول اعتداء إسرائيلي من أجل عدم الدخول في مواجهة عسكرية حقيقية، خصوصا ًفي ظل الوضع الحالي على مسافة أشهر قليلة من الاستحقاق الإنتخابي الرئاسي في الولايات المتحدة الأميركية، حيث أن الرئيس ترامب مأزوم والأرقام تظهر تقدم منافسه جو بايدن عليه بعدد من النقاط، وبالتالي هناك من يرى أن ترامب الذي نجح في تطبيق سياسة الحصار، يواجه في الوقت الراهن محاولة استدراج واضحة من رئيس الوزاراء الإسرائيلي نتنياهو، الذي يسعى هو الآخر للخروج من أزمته من خلال التصعيد في وجه المحور الإيراني ومحاولة إدخال ترامب في حرب مع إيران".
بالمقابل، وفي ظل محاولة نتنياهو لاستفزاز المحور الإيراني، يجد ترامب نفسه أمام خيارين أحلاهما مُر، فإما أن يرضخ لرغبة نتنياهو ويدخل إلى جانبه بمواجهة مع إيران ومحورها، أو يخسر الانتخابات الرئاسية، رغم الوعود التي أطلقها بإبرام اتفاق مع إيران وكوريا الشمالية بحال فوزه بولاية رئاسية ثانية.
وترى المصادر أن "المحور المقابل لتحالف واشنطن - تل أبيب لا يبدي حماسة أمام سيناريو الحرب الشاملة، ومن أجل تفادي استفزازات نتنياهو والفريق المؤيد له في الإدارة الأميركية، وتدلل المصادر على ذلك بأن محور إيران قدم تنازلات في السياسة، انطلاقا من الساحة العراقية، فتم تأليف حكومة برئاسة مصطفى الكاظمي، وهو ما يشكل انتصاراً سياسياً لواشنطن على حساب إيران وحلفائها العراقيين، فهل تسعى واشنطن إلى تكريس معادلة حكومة الكاظمي في لبنان؟
الإجابة على السؤال السابق لا يمكن لأي جهة حسمها بظل التطورات الحاصلة، وعدم وضوح الرؤية واحتمال نجاح التسوية.
وبالعودة إلى زيارة ماكرون إلى لبنان، تشير المعلومات إلى أنه حمل خلالها مطلباً واضحاً لجهة العمل على تعديل النظام القائم (system) بضوء أخضر أميركي، وأولى الخطوات، العمل على تأليف حكومة جامعة، واجتماع قصر الصنوبر كان خطوة في هذا الاتجاه، ولقاء ماكرون بالنائب رعد كممثل عن حزب الله ليس عرضياً، إنما جزء من التسوية التي يتم العمل على إنضاجها وبالتوافق مع الأمريكي، واللافت أن نائب رئيس مجلس النواب إيلي الفرزلي دعا قبل حوالي شهر لإسقاط حكومة دياب، وكان أول من روّج لعودة سعد الحريري لرئاسة الحكومة تحت عنوان التوازن والميثاقية الدستورية".
ومن هنا ووفق بعض المتابعين، فإن التعاطي مع تفجير المرفأ يأتي على قاعدة أن الرسالة التي تم إيصالها من خلال تفجير بيروت عنوانها الأساسي "إستعداد لضرب لبنان بقنبلة نووية لردع حزب الله عن استهداف جبهة إسرائيل الداخلية، لا سيما بعد تكاثر الحديث عن رد منتظر من الحزب على استهداف أحد كوادره في سوريا".
وتختم المصادر بالإشارة إلى أن "المرحلة الحالية في لبنان، لا سيما بعدما هدأت وتيرة الحرب في سوريا، تتمثل في سعي محور واشنطن – تل أبيب إلى تدجين سلاح الحزب وليس نزعه، وترى في ذلك استنساخاً للسيناريو السوري، حيث تم العمل من خلال الحرب على مدى عشر سنوات من أجل تجريد دمشق من عناصر قوتها، حيث أنه لم يعد باستطاعة الجيش السوري أن يطلق صاروخا واحداً نحو إسرائيل في ظل توازن الردع الذي بات قائماً في المنطقة، وانطلاقا من هذا المشهد يمكن النظر إلى تفجير مرفأ بيروت والتسوية السياسية التي يتم العمل على إنضاجها، لكن شروط نجاحها حتى اللحظة لاتزال غير مضمونة.
Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 9 + 8