"حياد لبنان".. استهداف للعهد أم صدام مع حزب الله؟

يوسف الصايغ - بيروت وكالة أنباء آسيا

2020.07.23 - 06:04
Facebook Share
طباعة

 لا تزال تداعيات مشروع "حياد لبنان" الذي أطلقه البطريرك الماروني بشارة الراعي على طاولة البحث ينعكس على الساحة السياسية اللبنانية، بظل تفاوت المواقف تجاهه بين مؤيد لتحييد لبنان، وبين من يرى ان هذا الطرح يؤسس لسلب لبنان مكامن قوته بوجه إسرائيل، ما يعيد إلى الأذهان الصراع بين قوى اليمين المسيحي والقوى اليسارية والقومية، وهو ما يطرح السؤال حول الهدف من إعادة إحياء مشروع "حياد لبنان" في هذا التوقيت والأهداف الكامنة خلف تبني بكركي لهذا الطرح، وهل هو يعبر عن تبدل في المزاج السياسي المسيحي عموماً في ظل الحصار الاقتصادي والسياسي؟

مسؤولة الإعلام المركزي في التيار الوطني الحر رندلى جبور تشير في حديث ل"وكالة أنباء آسيا" إلى أن "مسألة الحياد سبق وأن طرحت من قبل البطريركية المارونية، وهذا الطرح بغض النظر من الموقف منه هو يتطلب موافقة كافة المكونات اللبنانية، وفي حال وجود مكون أساسي غير موافق على هذا الطرح فهو يعتبر طرحاً ساقطاً حكماً".

وحول اعتبار البعض أن الطرح الذي تقدم به البطريرك الراعي يشكل إستهدافا للعهد وللتيار الوطني الحر، تقول جبور: "نحن اعتبرنا أن نية البطريرك الراعي صافية ولم نشكك في أهدافه ونواياه، ونحن لا نشعر أننا مستهدفين، لذلك تلقفنا المبادرة بإيجابية، لكن ضمن المعايير التي نراها من أجل تطبيق الحياد، ونحن نعتبر ان البطريرك الراعي ربما يحاول المساعدة في إيجاد حل للبنان".

كما تشير جبور إلى وجود جملة من الشروط للحياد، منها داخلي وبعضها خارجي، خصوصا وأن لبنان يشكل ساحة للصراعات الخارجية، فنحن نحمل قضية اللاجئين الفلسطينيين على أرضنا وموضوع النازحين السوريين، إلى جانب مشكلة ترسيم الحدود التي تدخل ضمن الصراع العربي – الإسرائيلي، وقضية الطمع بمياهنا وثروتنا النفطية والغازية وموقع لبنان الجغرافي، وهذه الأمور تتطلب حلها من أجل الذهاب إلى الحياد، وهذا الطرح ليس على القطعة حيث يمكن استخدامه مع دولة ونمتنع عن استخدامه مع دولة أخرى".

وتضيف جبور مشيرة إلى أن الحياد قرار استراتيجي يحتاج إلى توافق داخلي وحل الأزمات المتعلقة بموقع لبنان الجغرافي، وانعكسات الصراعات وأطماع الآخرين على أرضه، كما يحتاج إلى أن تلتزم الدول التي تضع أيديها على لبنان بالحياد، وإلا فنحن نكون أمام نوع من الترف الفكري، وعليه تسأل جبور عن مدى توافق هذا الطرح مع الظروف التي نعيشها في لبنان حالياً، ما يسمح بمناقشة هكذا طروحات، مشيرةً إلى أن طرح خيار حياد لبنان لا يعني تخليه عن نقاط قوته ومن ضمنها ثلاثية الجيش والشعب والمقاومة".

بالمقابل يرى عضو المكتب السياسي في حزب الكتائب اللبنانية سيرج داغر في تصريح خاص لوكالة أنباء آسيا أن "حزب الكتائب كان أول من أطلق طرح حياد لبنان رسميا في العام 1956 ، وهذا الأمر هو مشروع حياة أو موت في مجتمع تعددي كلبنان، لافتاً إلى أن انقسام اللبنانيين إلى أجزاء، كل جزء منها مع دولة، يعني أننا لا يمكن أن نعيش بسلام، لذا نعتبر أن الحياد هو موضوع حيوي".

وحول القوى والجهات التي يعبّر عنها طرح الحياد لا سيما على الساحة المسيحية السياسية، يعتبر داغر أن طرح الحياد يعبّر عن مزاج وطني عند اللبنانيين، ويضم غالبية المسيحيين وغالبية المسلمين، ويعرب عن اعتقاده أن "اللبنانيين يرغبون بأن يكون لبنان محيّدا عن الصراعات في المنطقة التي أدخل فيها عبر حزب الله باعتباره ذراع إيران في المنطقة".

ويؤكد القيادي الكتائبي أن "مسألة الحياد غير مطروحة في حال تعرض للبنان لاعتداء من قبل دولة معادية كإسرائيل أو غيرها، وهنا يطبق مبدأ الدفاع عن النفس، لافتا إلى وجود هدنة تحكم العلاقة بين لبنان و"إسرئيل"، ويشير إلى أنه لا مصلحة للبنان أن يكون جزءا من الصراعات، ويوضح أن الحياد لا يعني الضعف مستشهدا بالنموذج السويسري".

ويكشف داغر أن "الكتائب كانوا يتحضرون لتقديم مشروع من أجل ان تتضمن مقدمة الدستور بنداً ينص على حياد لبنان، لافتا إلى أن الدولة عندما تريد أن تكون محايدة تقدم طلبا إلى الأمم المتحدة، وعندما يصبح الحياد معترف به دوليا عندها يكون اي اعتداء تتعرض له هذه الدولة يستدعي تدخل الأمم المتحدة إلى جانب هذه الدولة للدفاع عنها، ما يجعل من لبنان دولة أقوى".

وعن إمكانية ان ينعكس طرح الحياد صداما بين بكركي والعهد، يرى داغر أن لا أحد لديه مصلحة برفض الحياد باستثناء حزب الله، حيث يمكن أن يصطدم هذا الطرح مع رؤيته ومشروعه السياسي، خصوصا وأن هناك شريحة كبرى من القوى السياسية والمذهبية ذهبت وتضامنت مع البطريرك بالإضافة إلى شخصيات شيعية".

كما يشير داغر إلى أن مسألة الذهاب إلى الحياد ستطرح مع حزب الله وتناقش معه، لكن ذلك يتطلب تقبل الأفكار لا أن يقوم الحزب بوضع استراتيجية وبحال تم رفضها نصبح خائنين، ويعتبر أنه على حزب الله أن يتوقف عن تخوين الآخرين، ويسأل داغر من يتحدثون عن تفاهم وطني حول مسألة الحياد، ألا يحتاج الدخول في الصراعات الإقليمية، وفتح المعارك وإقحام لبنان في سياسة المحاور وأخذنا نحو الشرق إلى تفاهم وطني؟، ويختم:"لذا علينا أن نتناقش ونتواضع ونفكر بمصلحة لبنان، وألا نذهب نحو مصالح وحدود إقليمية وانتماءات أوسع من لبنان لاأها ليست من مسؤوليته".

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 2 + 2