درعا بعد عامين على التسوية "الهشة": اغتيالات وفوضى .. واحتمالان لا ثالث لهما

ألبير حسواني _ وكالة أنباء آسيا

2020.07.13 - 07:29
Facebook Share
طباعة

 على وقع الاغتيالات والفوضى الأمنية وتدهور الأوضاع المعيشية والاقتصادية، تُكمل محافظة درعا السورية في تموز / يوليو 2020 عامها الثاني في ظل اتفاق "التسوية"، والذي جرى توقيعه بين القوى والفصائل المسلحة في المحافظة مع الحكومة السورية بوساطة روسية، عام 2018، وذلك عقب العمليات العسكرية التي قادها الجيش السوري بدعم من حليفيه الروسي والإيراني، واستمرت لأكثر من شهر ونصف.

وتؤكد مصادر محلية في درعا لـ"آسيا" أن اتفاق "التسوية" وإن كان ناجعاً بشكل مؤقت في خفض التصعيد العسكري وإنهاء العمليات القتالية الواسعة، إلا أن المشهد يبدو اليوم بعد مرور هذه الفترة الزمنية أكثر تعقيداً، في ظل هشاشة الوضع الأمني واستمرار عمليات الاغتيالات والتصفية، وعدم تحقيق تقدم بالملف الخدمي كما يشتكي أهالي المحافظة.

وكانت مصادر إعلامية تحدثت أمس عن اغتيال القيادي السابق في "الجيش الحر" ياسر إبراهيم الدنيفات الملقب بـأبو بكر الحسن، على يد مجهولين بريف درعا الشمالي الغربي.
وشغل القتيل قبل ذلك منصب الناطق باسم "جيش الثورة"، وكان أحد أبرز القادة العسكريين فيه.

ويقول أحد المعارضين المحليين (رفض الإفصاح عن اسمه) في حديث إلى "آسيا" إنه على مدار قرابة عامين "تعرضت الاتفاقية في محافظة درعا لهزات كبيرة، كادت أن تُنهي العمل بها؛ بعد وصول الاحتقان الشعبي إلى حد الانفجار، وانتشار المظاهر المسلحة مجدداً، وصعوبة الوضع المعيشي، وتصاعد عمليات التجنيد الإجباري في صفوف شباب المحافظة على عكس ما جرى الاتفاق عليه".

وبحسب المعارض الذي كان من ضمن الرافضين لتسليم السلاح الخفيف والذهاب إلى شمال البلاد فـ"إن السيطرة في محافظة درعا تنقسم اليوم بين قوى متعددة، بعضها منضوٍ ضمن الفيلق الخامس الذي تأسس قبل ثلاث سنوات وتدعمه روسيا، وبعضها الآخر يعتبر بمثابة أذرع محلية إيرانية، بالإضافة إلى جماعات مستقلة مناهضة للنظام السوري" وفق تعبيره.

ولايزال الآلاف من المقاتلين السابقين في صفوف فصائل المعارضة السورية في درعا يحتفظون بسلاحهم الفردي والخفيف، ويستحوذون على بعض البقع الجغرافية.

ومن أبرز المناطق التي يتمركز فيها هؤلاء المقاتلون هي منطقة درعا البلد، بالإضافة إلى مناطق في غرب المحافظة وخاصة: طفس ومزيريب وتل شهاب ونوى وحوض اليرموك.
المصدر المعارض وصف الواقع الأمني في محافظة درعا بـ "الهش" و"المعقد" في آن واحد، بالنظر إلى تعدّد الفاعلين الذين يؤثرون في الملف الأمني، ونتيجة تحول الصراع على المحافظة من عسكري مباشر إلى أمني خفي.
وبحسب المصدر "يتصف المشهد في درعا منذ توقيع اتفاق التسوية باستمرار عمليات الاغتيال والاستهداف التي لا يتبناها أي طرف.

وخلال العامين الماضيين، أي منذ توقيع اتفاق التسوية حتى اليوم، بلغ عدد عمليات الاغتيال التي شهدتها محافظة درعا ما مجموعه 355 عملية محققة، إضافة إلى 32 محاولة اغتيال فاشلة، بمعدل يبلغ 18.5 عملية اغتيال ومحاولة في الشهر الواحد .

وتركزت العمليات في مناطق: الصنمين وجاسم وطفس وحي درعا البلد وتل شهاب واليادودة ونوى ومزيريب ونصيب.

كما تعرضت النقاط العسكرية والمراكز الأمنية التابعة للجيش السوري خلال الفترة الزمنية المذكورة إلى (26) هجوماً، توزعت على مناطق: الصنمين وطفس والشيخ سعد ونوى وسحم الجولان والمليحة الشرقية وداعل.

وتعاني محافظة درعا من تدهور الوضع الاقتصادي بسبب البطء الشديد في عجلة الإنتاج الزراعي الذي يُعدّ بمثابة العمود الفقري للاقتصاد في جنوب سورية، إضافة إلى صعوبة انتقال السكان للعمل خارج المحافظة، حيث يقول المصدر المعارض بأن الملاحقات الأمنية والخشية من الاعتقال منعت الكثير من الشباب من السفر خارج المحافظة للعمل، ومنعت العديد من التجار من التنقل لشراء البضائع من المحافظات المجاورة وخاصة دمشق، الأمر الذي انعكس على الأسعار وجعلها ترتفع بشكل مستمر.
كما أن الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي تواجهها بقية المناطق السورية، لا تُساعد كثيراً في انتعاش الوضع في درعا.

وأدّت هذه الأوضاع إلى ارتفاع معدلات البطالة في المحافظة، وبات الرافد الاقتصادي الأهم للعوائل فيها تحويلات أبنائهم المغتربين في الخارج، بالإضافة إلى بعض المشاريع التجارية الصغيرة كمحلات بيع الجملة والتجزئة، والتي تُعاني بدورها من مشاكل تقلب سعر صرف الليرة السورية أمام العملات الأجنبية.

وحول مستقبل المحافظة في ظل التوتر الأمني واستمرار الاغتيالات وتردي الأوضاع الاقتصادية يقول المصدر المعارض لـ "آسيا" إن ثمة احتمالان للوجهة التي قد تتخذها الأمور، الأول : أن يستمر الواقع في محافظة درعا على الشكل الحالي إلى حين التوصل لحل سياسي نهائي في سورية"، بينما تتجه الأمور فقاً للاحتمال الثاني إلى ما يشبه ما حدث في الصنمين عندما شن الجيش السوري عملية عسكرية أجبرت المقاتلين الرافضين للتسوية على المغادرة إلى الشمال السوري في آذار / مارس 2020.

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 2 + 6