قانون جديد للحفاظ على سرية المجني عليهن: التحرش الجنسي، قضية مزمنة تؤرق المجتمع المصري

أحمد عبد الحميد - القاهرة

2020.07.10 - 09:59
Facebook Share
طباعة

 قبل أعوام كثيرة، كانت إيمان أنس في عمر 6 سنوت فقط، وكانت في رحلة صيفية لأحد الشواطئ مع أسرتها كعادتهم كل عام، إلا أن حادث غرق كادت أن تقع فيه جعلها تمر بموقف هو الأصعب بالنسبة لها حتى الآن، تعبر عنه قائلة: "كانت هي المرة الأولى التي أتعرض فيها للتحرش، كنت ألعب على الشاطئ قبل أن تأخذني المياه وتلقيني وسط البحر، كنت أغرق وأكاد يغشى علي، حتى ظهر لي رجل في أوائل الأربعينات، بدى أنه يحاول إنقاذي، وهو ما نجح به بالفعل، إلا أنه لم يخرجني من المياه وتفاجأت به يقترب مني ويلامس كل جسمي بيديه، لم أكن أدري ماذا أفعل حتى صرخت في وجهه خوفًا، حينها تركني وذهب بعد أن أخرجني على الشاطئ مرة أخرى".

لم تنس "إيمان" هذا الموقف، ولا زالت ذكراه المؤلمة تلاحقها حتى الآن بعد أن بلغت من العمر 28 عامًا، تعرضت خلالها لحوادث تحرش مختلفة وكثيرة، إلا أن هذا الحادث كان أكثرها إيلامًا بالسبة لها، لتعبر عن ذلك قائلة: "هذا الموقف غير أنني لا أنساه أبدًا، إلا أن تأثيراته السلبية ما زالت حاضرة في حياتي، فهو دمرني لأكثر من 10 سنوات بعدها، وأعتقد أنني ما زلت أعاني من عقدة نفسية بسببه".

تعتبر ظاهرة التحرش في مصر واحدة من أكبر القضايا التي تؤرق المجتمع بصورة كبيرة، وخلال الأيام الحالية يعيش المجتمع المصري حالة من الفوران ضد حادث التحرش المعروف إعلاميًا بـ "متحرش الجامعة الأمريكية"، والذي اتهم فيه شاب بالتحرش بنحو 50 فتاة.

عادةً ما تطفو ظاهرة التحرش على السطح في مصر من وقت إلى آخر، ويكون الحديث عنها إما لحادثة أثارت جدلا كبيرا على مواقع التواصل الاجتماعي، أو بسبب نسب مرعبة صادرة عن إحصاءات حول الظاهرة، ومنها ما صدر عن تقرير لهيئة الأمم المتحدة قبل بضعة أعوام، يقول إن أكثر من 99% من النساء والفتيات في مصر تعرضن لنوع من أنواع التحرش.

التحرش في القانون

يقول المحامي محمد عصام، في تصريح خاص لوكالة "آسيا"، إن المادة 306 مكرر (أ) من قانون العقوبات، تنص على أنه "يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن 6 أشهر وبغرامة لا تقل عن 3 آلاف جنيه ولا تزيد عن 5 آلاف جنيه، أو بإحدي هاتين العقوبتين، كل من تعرض للغير في مكان عام أو خاص، بإتيان أمور أو إيحاءات أو تلميحات جنسية أو إباحية سواء بالإشارة أو بالقول أو بالفعل بأية وسيلة بما في ذلك وسائل الاتصالات السلكية واللاسلكية".

ويشير "عصام" إلى أن تكرار الفعل مرة ثانية من نفس الجاني يجعله معرضا لأن تكون العقوبة حبس لمدة لا تقل عن عام، وغرامة لا تقل عن 5 آلاف جنيه ولا تزيد عن 10 آلاف، أو بإحدي العقوبتين، موضحًا أن القانون بيّن أشكال التحرش في المادة 306 مكرر (ب) بأنه: "يعد تحرشا جنسيا إذا ارتكبت الجريمة المنصوص عليها فى المادة 306 مكررا (أ) من هذا القانون بقصد حصول الجاني من المجني عليه على منفعة ذات طبيعة جنسية، ويعاقب الجاني بالحبس مدة لا تقل عن سنة وبغرامة لا تقل عن عشرة آلاف جنيه ولا تزيد على عشرين ألف جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين".

التحرش في الأماكن العامة

تزداد ظاهرة التحرش في مصر داخل وسائل المواصلات العامة، وهو الأمر الذي اكتشفته الثلاثينية سارة فتحي (اسم مستعار)، عندما كانت قادمة إلى القاهرة لأول مرة لتدرس في جامعة القاهرة، تاركةً محافظتها في الدلتا، لتعبر عما كانت تتعرض له من مضايقات بقولها: "كنت لا أعلم كثيرًا عن القاهرة، وكانت أصعب الأوقات تمر علي وأنا أنتظر "الأتوبيس" في مواقفه المختلفة، حتى جاء إليّ في أحد المرات رجل كبير في السن يعرض علي أن يوصلني في طريقه، ظننته يفعل ذلك معي من باب الرحمة، إلا أن الحقيقة كانت غير ذلك، فبمجرد ركوبي السيارة حتى بدأ بالتحرش بي، لم أتمالك أعصابي وصرخت في وجهه وطلبت منه أن يوقف السيارة، ثم ترجلت منها مسرعة".

الإفتاء تجرم الظاهرة

في بيان لها قبل بضعة أيام، خرجت دار الإفتاء عبر صفحتها على موقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك"، لتؤكد على أن التحرش "جريمة وكبيرة" من كبائر الذنوب، بل إنها فعل من أفعال المنافقين الذي أعلن الإسلام عليه الحرب وتوعد فاعليه بالعقاب الشديد في الدنيا والآخرة.

سرية بيانات التحرش الجنسي.. خطوة مهمة

في خضم الأزمة الدائرة الآن بسبب "متحرش الجامعة الأمريكية"، خرجت الحقوقية نهاد أبو القمصان، الرئيس المصري لحقوق المرأة، في بيان لها أمس، تشيد بمشروع قانون تقدمت به وزارة العدل يفيد بسرية بيانات المجني عليهن في جرائم التحرش الجنسي والاعتداء الجنسي، وهو ما وافق عليه مجلس الوزراء، معتبرة أن هذا القانون سيكون حافزًا للعديد من الفتيات والنساء اللاتي تعرضن للتحرش الجنسي أن يبلغن عمن تحرش بهن ولا يتركن حقوقهن.

أزمة أخلاقية

يقول الدكتور جمال فرويز، أستاذ الطب النفسي، إن ما نحن فيه الآن يعتبر مرحلة منحدرة جدًا في الثقافة، يصاحبها هبوط كبير في المستوى الأخلاقي داخل المجتمع المصري، وهو ما نتج عنه ازدواجية دينية واضطرابات العلاقات داخل الأسرة الواحدة، فضلا عن الاضطراب داخل المجتمع ككل، مرجعًا ذلك إلى الإعلام المرئي والأفلام والمسلسلات التي تشجع على مثل هذه الظواهر، معبرًاً بقوله: إذا سكتنا على ما نحن عليه سيكون القادم أسوأ بكثير، والحل الوحيد هو أن تسعى الدولة للحفاظ على الثقافة المصرية الأصيلة من خلال تقديم أعمال فنية طيبة تحث على رفع مستوى الشخصية المصرية مرة أخرى".

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 2 + 7