"آيا صوفيا" يعود مسجداً: الأتراك منقسمون واليونان "وريثة بيزنطة" غاضبة

إعداد – سامي شحرور

2020.07.10 - 06:35
Facebook Share
طباعة

 في قرار اعتبره معارضون أتراك ودول أوروبية غير قانوني، ألغى القضاء التركي، الجمعة 10 يوليو/تموز 2020، قرار مجلس الوزراء الصادر عام 1934 القاضي بتحويل مسجد آيا صوفيا إلى متحف، وفق ما ذكرته وكالة الأناضول الرسمية.

واستندت المحكمة الإدارية العليا التركية في قرارها إلى كون آيا صوفيا مدوناً في وثيقة سند الملكية بتوصيفه مسجداً ولا يمكن تغييره

كان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان قد اقترح إعادة تحويل المبنى إلى مسجد، وذلك في تصريح له في مارس/آذار 2019، قال فيه إن بلاده "تُخطط لإعادة آيا صوفيا إلى أصله وتسميته مسجداً"، كما كان عليه وضع البناء لمئات السنين.

يُعد متحف "آيا صوفيا" من مواقع التراث العالمي لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (يونسكو)، كما أنه ارتبط بالإمبراطورية البيزنطية المسيحية والإمبراطورية العثمانية الإسلامية، وهو اليوم أحد أكثر المعالم الأثرية التي يقبل الناس على زيارتها في تركيا.

وقالت منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة "يونسكو"، الخميس، إنه يجب إبلاغها بأي تغيير في وضع متحف آيا صوفيا في إسطنبول الذي يعود للقرن السادس، وربما يتعين على لجنة التراث العالمي التابعة لها مراجعة هذه التغييرات.

ووفق ما ذكرت اليونسكو لرويترز فإن آيا صوفيا على قائمتها لمواقع التراث العالمي كمتحف، وعلى هذا النحو لديها التزامات وتعهدات قانونية معينة.

وبينت المنظمة: "بالتالي، يجب على الدولة أن تتأكد من عدم إجراء تعديل من شأنه أن يقوّض القيمة العالمية البارزة لموقع مدرج، على أراضيها".

وأضافت أن "أي تعديل يجب أن تخطر الدولة يونسكو به وأن تراجعه إذا لزم الأمر لجنة التراث العالمي".

وأشارت اليونسكو إلى أنها عبرت عن مخاوفها للسلطات التركية في عدة رسائل، ونقلت الرسالة إلى سفير تركيا لدى المنظمة يوم الخميس.

وحثت المنظمة الدولية "السلطات التركية على بدء حوار قبل اتخاذ أي قرار يمكن أن يقوّض القيمة العالمية للموقع".

وكان الموقع المدرج على قائمة يونسكو للتراث العالمي يحظى بشأن كبير في كل من الإمبراطوريتين البيزنطية والعثمانية، وهو اليوم أحد أكثر المعالم الأثرية زيارة في تركيا.

وأثار احتمال تغيير وضع المتحف مرة أخرى إلى مسجد، حالة من القلق بين المسؤولين الأميركيين والفرنسيين والروس واليونانيين، وكذلك زعماء كنائس مسيحية.

وينقسم الشارع التركي بشأن هذه القضية الجدلية القديمة، إذ يفضل قسم كبير منهم أن يظل آيا صوفيا متحفا، باعتباره معلماً يجذب السياح ويدعم الاقتصاد، فيما يرى آخرون أن آيا صوفيا هو رمز فتح إسطنبول ورمز كل الأتراك.. ولذلك فالأفضل أن يعود مسجدا للصلاة.

وكات أحزاب المعارضة هاجمت قرار إردوغان بإعادة تحويل "آيا صوفيا" إلى مسجد، حيث هاجمه معظم رؤساء أحزاب المعارضة، على رأسهم حليفا الأمس خصما اليوم، أحمد داوود أوغلو وعلي باباجان. واتهم الاثنان الرئيس التركي، باستخدام المقدسات الدينية لأغراض سياسية وانتخابية.

وقال أحمد داوود أوغلو، زعيم حزب المستقبل: "من يمسكون بزمام السلطة يتعاملون مع رموزنا المقدسة كبطاقة للخروج من مشاكلهم الرخيصة".

وأضاف: "مؤخرا لاحظنا بوضوح كيف يستخدمون مكانا تاريخيا في دعايتهم السياسية.. أردوغان يستخدم هذا المكان المقدس كلما شعر بتراجع شعبيته".

وكان لنشاط الإسلامي داخل متحف آيا صوفيا قد تزايد في إسطنبول في السنوات الأخيرة، في عهد أردوغان، بحيث تتم داخله تلاوة القرآن في بعض المناسبات، وفي 31 مايو/أيار 2014، نظمت جمعية تسمى "شباب الأناضول" فعالية لصلاة الفجر في ساحة المسجد تحت شعار "أحضر سجادتك وتعالَ"، وذلك في إطار حملة داعية إلى إعادة متحف آيا صوفيا إلى مسجد.

وبنيت كنيسة آيا صوفيا في القرن السادس في عهد الإمبراطورية البيزنطية المسيحية، وكانت مقراً لبطريركية القسطنطينية، الاسم السابق لإسطنبول. وعندما غزت القوات العثمانية المدينة في 1453 أمر السلطان محمد الثاني بتحويل كنيسة آيا صوفيا إلى مسجد، وبنيت المآذن الإسلامية حول قبتها البيزنطية.

وبقيت آيا صوفيا مسجداً إلى ما بعد انهيار الإمبراطورية العثمانية، وفي منتصف الثلاثينيات أمرت السلطات التركية الجديدة في عهد مؤسسها العلماني مصطفى كمال أتاتورك بتحويل المسجد إلى متحف مفتوح للجميع.

ويعتبر مبنى آيا صوفيا صرحاً فنياً ومعمارياً فريداً من نوعه، وهو موجود في إسطنبول منطقة السلطان أحمد بالقرب من جامع السلطان أحمد. ومسجد آيا صوفيا كان من قبل كنيسة ضخمة بناها جستنيان الأول البيزنطي سنة 537، وقد سقطت قبتها عدة مرات، وآخر مرة أعيد بناؤها سنة 1346، وقد أجريت عدة تقويات وترميمات للمبنى في العهد العثماني.

وبقي المبنى على مدار 916 عاماً كاتدرائية، ولمدة 481 عاماً مسجداً، ومنذ عام 1935 أصبح متحفاً، وهو من أهم التحف المعمارية في تاريخ الشرق الأوسط.

وبعد قرار المحكمة الإدارية، يتوقع أن يتفاعل الجدل في الداخل التركي حول آيا صوفيا، وسيكون مصدراً لمزيد من التوتر بين تركيا ودول الاتحاد الأوروبي وتحديدا اليونان، التي تعتبر نفسها وريثة الإمبراطورية البيزنطية.

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 3 + 1