الأزمة تلقي بظلالها على "الخادمات الأجنبيات" : اللبنانيات يملأن الفراغ .. ولكن "بلا حماية"

غنوة طعمة _ وكالة أنباء آسيا

2020.07.09 - 11:52
Facebook Share
طباعة

 يبدو أن الوضع الاقتصادي والاجتماعي في لبنان ماضٍ نحو المزيد من التعقيد، وبات من الصعب تحديد مستقبل الاستقرار في البلاد بخاصة في ظل أزمة الدولار الخانقة إلى جانب أزمة فيروس كورونا.

في غمرة هذه التبدلات، شهد قطاع استقدام العاملات الأجنبيات تراجعاً واضحاً، فكان ارتفاع سعر صرف الدولار بمعدلات خيالية بمثابة ضربة قاضية له. في الوقت ذاته، فرضت الأوضاع الاقتصادية المستجدة حاجة ملحة إلى التغيير التدريجي والقسري في ذهنية اللبنانيين ونمط عيشهم ليتأقلموا مع الوضع الحالي. وبما أن الحاجة إلى عاملات المنازل مستمرة بسبب ظروف الحياة التي تفرض على الزوجين العمل خارج المنزل. فلا بد من بديل (محلي). ومن هنا باتت الأعمال المنزلية من الأعمال التي بدأت تلقى قبولاً على لائحة وظائف اللبنانيين كما بدا في الأسابيع الأخيرة.

الأجبنيات .. طرد تعسفي

حول الأزمة المستجدة للخادمات الأجنبيات المقدر عددهن بحوالى 250 ألف عاملة، يقول المسؤول النقابي كاسترو عبد الله بالسؤال، إن هذه الأزمات ألقت بثقلها على العائلات التي تستخدم عاملات أجنبيات وكذلك على المكاتب التي تتعاطى في هذا الشأن، بفعل عدم تمكن تلك العائلات من تأمين الدولار بسعره الرسمي، وبسبب حجز أموال المودعين في المصارف، بحيث بات راتب العاملة الأجنبية يتجاوز رواتب غالبية اللبنانيين بفعل انخفاض قيمة العملة الوطنية.

هذا الواقع انعكس بالطبع على مصير العاملات الأجنبيات في لبنان اللواتي كان البعض منهن يعاني أساسا ظروفا صعبة بسبب الأجور المنخفضة وساعات العمل الطويلة، وجاءت الأزمة الاقتصادية اللبنانية لتزيد من صعوبة هذه المعاناة، وزادت الأمور تعقيدا مشكلة فيروس كورونا والقيود التي فرضتها التعبئة العامة لمنع انتشار الفيروس، الأمر الذي جعل شريحة كبيرة من اللبنانيين عاجزة عن دفع رواتب العاملات الأجنبيات في منازلهم أو في مؤسساتهم، ما أدى إلى دفع العديد من العاملات الى اتخاذ قرار العودة إلى بلادهن.

من جهتها، تشرح مديرة "مشروع بناء قدرات العاملات في الخدمة المنزلية" في الاتحاد الوطني لنقابات العمال، المحامية فرح عبد الله، تداعيات أزمة الدولار على العاملات، عبدالله تحدثت عن الصرف التعسفي الذي تتعرضن له بسبب نظام الكفالة وعقود التوظيف الموجودة، التي تسمح لصاحب العمل بالتملص من المسؤولية الملقاة على عاتقه، فيدعي في بعض الحالات أن العاملة قامت بسرقته أو فرت من المنزل، كما وتطرقت المحامية عبد الله إلى القانون الذي لا يؤمن لهن الحماية، وأشارت إلى أن المطالبة الأساسية اليوم، تكمن في تحديد سعر صرف الدولار لرواتب العاملات على السعر الرسمي، كون هذا الأمر يصب في مصلحة العاملة وصاحب العمل في الوقت نفسه.

اللبنانيات.. مدبرات منازل

على خط مواز، وعندما أصبح الفقر مصير الكثير من الفئات الاجتماعية من اللبنانيين الذين يعتمدون على عملهم بشكل تام لإعالة عائلاتهم، انطلقت عبر مواقع التواصل الإجتماعي مبادرة تدعو اللبنانيات إلى الخدمة في المنازل، والتي أطلقتها في الوقت نفسه حرم رئيس مجلس الوزراء اللبناني، وفعلا قررت العديد من النساء بموافقة عائلاتهن العمل في المنازل كخادمات ومدبرات، إذ إن الوضع الاقتصادي لم يعد يسمح بالتشبث أكثر بذهنية الاستعانة فقط بالعاملات الأجنبيات للقيام بهذه المهام المنزلية.

ولا شك أن هذه الفكرة تعتبر جديدة بالنسبة للمجتمع اللبناني الذي تعود أن يعيش نمطا مترفا بعض الشيء، ولكن الفقر المدقع والأزمات المتتالية التي أغرقت اللبنانيين بالجوع والحرمان، أجبر العديد من المواطنات على سلوك هذا الدرب.

لكن، ثمة مشكلة تغيق عمل اللبنانيات في الخدمة المنزلية، كما يقول المحامي سامر حمدان، فقانون العمل اللبناني استثنى العاملات في الخدمة المنزلية من أية حقوق مكتسبة، سوى تلك التي نصت عليها شرعة حقوق الإنسان، وبالتالي عندما تتم دعوة اللبنانيات إلى العمل في خدمة المنازل، على الدولة أن تضع قوانين تحمي هذه الفئة من المستخدمين والعمال من باب المساواة مع مهن أخرى، باعتبار أن الدستور يعتبر أن جميع المواطنين سواسية أمام القانون.
ويؤكد هنا المحامي حمدان، أنه من الخطأ استبدال العاملات الأجنبيات باللبنانيات، طالما أنه لا وجود لقانون يحمي هذه الفئة من العاملات.
هذا الوضع المستجد مرشح أن يتفاعل أكثر خلال المرحلة المقبلة، فإما أن تجد الحكومة اللبنانية حلا لمسألة احتساب الدولار الخاص باستخدام العاملات الأجنبيات، ما ينعكس إيجابا على عملية استقدامهن من جديد إلى لبنان، أو الاتجاه إلى ايجاد تشريعات جديدة تنظم عمل العاملات اللبنانيات في المنازل.

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 2 + 4