سياسات زراعية فاشلة تحول سورية من بلد منتج إلى مستهلك

حبيب شحادة - وكالة أنباء آسيا

2020.07.08 - 05:33
Facebook Share
طباعة

تسير سورية اليوم بفعل الحكومات المتعاقبة على إدارتها، نحو التحول إلى بلد مُستهلك لكل السلع، بعد أن كانت معظم احتياجات سكانها من المنتجات تنتج محلياً عبر سياسة الاكتفاء الذاتي.
ورغم أنّ سورية تملك أراضي زراعية مزروعة بنبات عباد الشمس والذرة الصفراء بمساحات واسعة، إلا أنّ الحكومة تتجه حالياً لاستيراد زيت عباد الشمس بمبلغ /30/ مليون دولار، لتغطية احتياجات السوق المحلية.

وفي هذا السياق عَبّر وزير الزراعة الأسبق نور الدين منى عن استيائه لغياب التخطيط الاستراتيجي عن القطاع الزراعي منذ زمن، وليس اليوم فقط. معتبراً أنّ أهم نقطة في العملية الزراعية، أنها تعتبر عملية تكاملية واصفاً وزارة الزراعة بأنها يجب أن تشكل وزارة أمن غذائي في كل بيت في سورية عبر سلسلة متكاملة.

وقال منى في حديثه لوكالة "آسيا" إنّ الاستغناء عن محصول استراتيجي يكون في حال توفر بدائل أكثر جدوى اقتصادية، ولكن هذا لم يحصل في الحالة السورية". حيث تخلت الحكومات عن عدة محاصيل استراتيجية ليس أخرها محصول عباد الشمس، ولم يكن أولها محصول الشوندر السكري، وما رافق عملية التخلي عنه من ارتفاع أسعار السكر بشكل كبير.

وهنا يشير منى إلى أن إنتاج الزيت النباتي كان يتم من بذور القطن، حيث كانت البذور بعد الحلج تُستخدم لإنتاج زيت القطن، وكان يباع للدراويش وفقاً لتعبير منى. ويقول "لأسيا" إنه في الثمانينات كانت مؤسسة اكثار البذار تستورد بذار مُحسّن عالي الجودة، وعالي نسبة الزيت، وكان يتم توزيعه للمزارعين، ولكن دون معرفة أين يُزرع؟ وكيف؟ ما خلق إهمالاً للعملية الإنتاجية انعكست سلباً على المزارع وعلى المستهلك.

ويتابع منى أنّه فيما بعد توقفت عملية استيراد بذار الزيت الُمحدّث. ولا أحد يعلم لماذا توقفت العملية، ما أدى لتراجع اهتمام المزارعين كنتيجة لضعف التسويق، وأدى لظهور الاهتمام بزراعة عباد الشمس الذي أصبح ينافس زيت القطن الذي تدنى إنتاجه.

كما أنه في الفترة اللاحقة لم تعمل البحوث الزراعية على تطوير زيادة إنتاجية بذور عباد الشمس الذي يُزرع في سورية، حيث كان من الصنف الفاقد للنسبة العالية من الزيت. وفقاً لمنى، الذي قال إنّ "عباد الشمس ما كان حدا يشتريه"، وفي ظل ضعف تسويقه أيضاً، أتى هنا دور التجار كي لا تقف معامل التكرير، فتحولوا لشراء الزيت الخام لعباد الشمس. كي يكرروه. وكل ذلك حدث في ظل الخيرات الزراعية في سورية، حيث لم ينتبه أحد لذلك فتدنت مساحاته المزروعة، رغم أن العباد تنجح زراعته في أي مكان".

واليوم الزيت يستورد من روسيا وأوكرانيا كزيت خام، ويكرر هنا ويباع بأسعار عالية، كما قال منى "لأسيا"، واصفاً ما حدث بأنه عبارة عن استغناء عن الزراعة بمقابل الحصول على صواريخ ودبابات في ظل غياب المحاسبة وتضرر القطاع الزراعي الذي كان يشكل الأمن الغذائي للسوريين.

ويستغرب منى ذهاب سورية للاستيراد وإنفاق القطع الأجنبي على منتجات يمكن انتاجها محلياً، خصوصاً في ظل وجود الأرض والمناخ الممتازين لكل المحاصيل والمواسم.

ويختم حديثه لوكالة "آسيا" بأنّ قانون قيصر لم يشكل مفاجأة، وسورية مأزومة، لذلك لم يكن هناك تخطيط زراعي اثناء الحرب، والزراعة أهم من الدبابات والصواريخ، والحكومة لم تتخذ الإجراءات الكافية للتعامل مع العدو وهم يفاقمون مشكلة قيصر، بدلاً من حلحلتها.

من جهته انتقد الصناعي السوري عاطف طيفور قرار الحكومة السورية باستيراد 30 مليون لتر زيت نباتي واعتبر أن الـ 30 مليون دولار المخصصة لاستيراد الزيت كفيلة بزراعة سوريا بالكامل بعباد الشمس واستخراج الزيت منه.

وكتب على صحفته على "فيسبوك"30مليون دولار تكفي لزراعة سوريا بالكامل بذور دوار الشمس واستخراج الزيت وتشغيل الفلاح والعامل والاستفادة من القيمة المضافة وبعد الاكتفاء الذاتي التوجه للتصدير".

وارتفعت أسعار زيوت القلي ضمن سورية منذ نهاية العام الماضي، حتى تجاوز سعر ليتر دوار الشمس حالياً في الأسواق 2500 ليرة، بينما سعره في آخر نشرات التموين 1,200 ليرة، وكان يباع بـ 800 ليرة عبر البطاقة الذكية.

يذكر أن سوريا كانت ومازالت تستطيع أن تنتج محلياً كل حاجتها من الزيت النباتي والسكر والأسمدة والأعلاف من خلال زراعة فول الصويا والذرة وعباد الشمس والشوندر السكري، إلا أنها اصبحت تستورد كل هذه البنود بسبب السياسات الاقتصادية التخريبية التي انتهجتها الحكومات السورية المتعاقبة لصالح جيوب قلة قليلة من المستوردين الكبار ومن وراءهم.ومن وراءهم.

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 7 + 4