بعيداً عن "البروباغندا".. من هم فقراء "إسرائيل"؟

إعداد – رياض علم الدين

2020.07.02 - 06:31
Facebook Share
طباعة

 لطالما حرصت إسرائيل، على إعطاء الانطباع بأنها "الدولة الديمقراطية الوحيدة في الشرق الأوسط"، وبأن اقتصادها متين وشعبها ينعم بالرفاهية . لكن هذه الصورة تبددها تقارير متزايدة تفيد بارتفاع نسبة الفقر.

وتحدد الحكومة الإسرائيلية خط الفقر بنحو 1040 دولاراً للفرد كعائد سنوي. وتقوم مؤسسة التأمين الاسرائيلية بإصدار تقرير سنوي تحدد فيه معدلات الفقر في كل البلاد. وتبين أن نسبة الفقر في إسرائيل تتجاوز الـ 20 في المئة، وبهذا فإنها تحتل مرتبة متأخرة وفق معدلات منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية.

وقال التقرير إن عدد الفقراء الإسرائيليين وصل العام الماضي، إلى مليون و800 ألف شخص، وهو ما يعادل نحو 20.4 بالمائة من عدد الإسرائيليين البالغ نحو 8.8 مليون نسمة.

تقرير صحفي لموقع قناة "مونت كارلو" الدولية يسلط الضوء على المناطق المعوزة في إسرائيل، ويوضح أنه في بعض المدن الإسرائيلية، هناك أحياء كاملة تعيش فقراً مدقعاً. وهذه الأحياء الفقيرة موجودة في أكثر من منطقة ومدينة. ويمكن لكل من يزور تلك المناطق ويلقي نظرة على ساكنيها أن يلحظ الأزمة التي يعيشون فيها.

ويضيف التقرير : في حي "هتكفا" في تل أبيب تعيش 30 ألف عائلة في وضع من العوز والجوع وفي بيوت قديمة تكاد تنهار من العفن والرطوبة. وهناك عشرة آلاف عائلة تعيش في مبان عشوائية شُيدت بطريقة غير شرعية. ويوجد في الحي حمام شعبي يغتسل فيه نحو ثلث السكان بسبب عدم وجود حمامات في البيوت. وفي حي "نفي تسيدك" المجاور تكاد الأبنية تتعرض للانهيار، في حين تحولت الشوارع الضيقة إلى تجمعات لممارسة الجريمة.

وبحسب "مونت كارلو" إذا انتقل الزائر إلى مدينة القدس الغربية، وتجول في حي "موراش" أو حي "مصرارة"، فإنه سيرى شعارات "الفهود السود" على الجدران. وهي لافتات تطالب بتحويل النفقات الحكومية المخصصة للمستوطنات الجديدة لتطوير الاحياء الفقيرة القائمة. أما الأبنية فتشكو أصلاً من عيوب في البناء، وزاد في خطورتها تعاقب السنين والإهمال وعدم الصيانة. والملفت للنظر أن عدد المساكن أقل من عدد العائلات، مما يعني بوضوح أن الوحدة السكنية تضم أكثر من عائلة.

في حي "دال الرابع" في جديا يعيش 20 ألف نسمة. الأبنية الفقيرة والبيوت البشعة تطل من الهضبات العالية على بحيرة طبريا لتؤكد أن هذا الحي ليس جزءاً من المدينة الراقية. الأوساخ والنفايات تتجمع في باحات المنازل، وصناديق البريد محطمة في مداخل البنايات، والأولاد يتسكعون في الشوارع من دون عمل كما يؤكد التقرير .

بلدة "راس العين" نالت نصيبها في وصف لصحيفة عبرية جاء فيه:" لقد كُتب على السكان العمل الأسود، أي من دون تصريح. ذلك فهم يقبلون بأي شغل من أجل تأمين الضروريات".
يجمع بين سكان أحياء الفقر في إسرائيل كونهم من السكان الأكثر تواضعاً ولا يتوفر لهم عمل ثابت. وهم يكتفون بأعمال مؤقتة تؤمن لهم لقمة يومهم. ويعتمد معظمهم على المعونات الاجتماعية، كما يتدنى في تلك الأوساط مستوى التعليم، ويتقهقر الوضع الصحي، ويزداد معدل الجرائم وتعاطي المخدرات.

سبق وأن حصل في تلك الأحياء عدد من الحوادث كاد يهدد التركيبة الاجتماعية كلها. كأحداث وادي الصليب في حيفا، عام 1959 وقيام حركة "الفهود السود" عام 1971 ونشوء حركة الخيام "هؤهاليم". وفي فترات أخرى يسود شعور باليأس والخوف يُترجم إلى حوادث اعتداء وإدمان على المخدرات.

أما بالنسبة لأكثر الفئات فقراً، فإن المتدينون (الحريديم)، يشكلون الفئة الأكثر فقراً في إسرائيل، حيث تتراوح نسبة الفقر لديهم بين 50 إلى 59 في المئة. وتقل هذه النسبة إلى 12 في المئة بين اليهود غير المتدينين، فيما ينهش الفقر 37 في المئة من المهاجرين.

أما لدى عرب الداخل، أو عرب 1948، والذين يشكلون 21 في المئة من عدد السكان ويتوزعون على 470 ألف أسرة، فقد تزايد عدد الفقراء بينهم حسب إحصاءات مؤسسة التأمين الحكومية ليصل أيضا الى 50 في المئة، أي نصفهم. ولكن في الحساب وفقاً للنفقات فإن معدل الفقراء العرب هو 25.3 في المائة فقط. وفي وزارة المالية يعللون هذه الفجوة الكبيرة بمسألة التبليغ عن الدخل الحقيقي، وبالتوقعات لكسب أجر أكبر في المستقبل. ويعتبر سكان القدس الشرقية من الفلسطينيين الأكثر فقراً بين المدن والقرى العربية، ذلك أن ثمانية من أصل عشرة يعيشون تحت خط الفقر.

ويرى خبراء في الاقتصاد الإسرائيلي، أن "التمييز العنصري في التوظيف الذي تعاني منه العمالة العربية يعد من أسباب ارتفاع معدلات الفقر في البلاد. بينما يرفض اليهود المتدينون العمل لأسباب دينية". وبذلك يصل عدد الفقراء في إسرائيل إلى نحو من مليوني نسمة. وهو ما يعادل 21 في المئة من مجموع عدد السكان. وقد ارتفع عدد الأطفال الذين يعيشون تحت خط الفقر الى 850 ألف طفل.

هناك العديد من العوامل التي أثرت على التدهور الواقع داخل إسرائيل، ومن أبرزها: خفض مخصصات الأطفال، تباطؤ النمو الاقتصادي، تراجع الوضع الأمني، بالإضافة إلى التهميش الثقافي والمشكلات الداخلية في المجتمع التي تجعل من الصعب على النساء دخول سوق العمل، أو تجعل من الصعب على العائلات الانتقال إلى مناطق تتوفر فيها فرص العمل.

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 1 + 5