عون: مواجهة الفتنة وتحصين السلم الأهلي خط احمر

2020.06.25 - 06:27
Facebook Share
طباعة

 أجمع المجتمعون في "اللقاء الوطني" الذي انعقد قبل ظهر اليوم، في قصر بعبدا، بدعوة من رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، وحضور رئيس المجلس النيابي الاستاذ نبيه بري ورئيس الحكومة الدكتور حسان دياب وقيادات، على "وقف جميع انواع الحملات التحريضية التي من شأنها إثارة الفتنة وتهديد السلم الأهلي وزعزعة الاستقرار الأمني الداخلي".

واعتبروا أن "حرية التعبير المصانة في مقدمة الدستور ومتنه، يجب أن تمارس بحدود القانون الذي يجرم الشتيمة والتحقير والمس بالكرامات وسائر الحريات الشخصية".

وإذ رأوا أن "الحياة الديمقراطية لا تستقيم من دون وجود المعارضة ولا سيما منها البرلمانية"، شددوا على أن "المعارضة العنفية التي تقطع أوصال الوطن وتواصل أبنائه وتلحق الضرر بالممتلكات العامة والخاصة لا تندرج في خانة المعارضة الديمقراطية والسلمية".

وأكد المجتمعون على "توحيد المواقف من السبل الآيلة الى معالجة الأزمة الاقتصادية والمالية والنقدية وتداعياتها الاجتماعية عبر اعتماد مسار نهائي للاصلاحات البنيوية في ماليتنا العامة واعتماد برنامج صندوق النقد الدولي في حال وافقنا على شروطه الإصلاحية".

وكان الرئيس عون استهل اللقاء بكلمة أوضح فيها انه كان يأمل ان "يضم جميع الأطراف والقوى السياسية"، معتبرا ان "ما جرى في الأسابيع الأخيرة يجب ان يكون إنذارا للجميع للتنبه من الاخطار الأمنية". وقال ان "هناك من يستغل غضب الناس، ومطالبهم المشروعة، من أجل توليد العنف والفوضى، لتحقيق أجندات خارجية مشبوهة بالتقاطع مع مكاسب سياسية لأطراف في الداخل".

وإذ أوضح ان "الاختلاف السياسي هو في أساس الحياة الديموقراطية"، شدد على ان "سقفه يبقى السلم الأهلي ومهما علت حرارة الخطابات لا يجب أن نسمح لأي شرارة أن تنطلق منها". واعتبر ان "أي انقاذ غير ممكن إن ظل البعض مستسهلا العبث بالأمن والشارع، وتجييش العواطف الطائفية والمذهبية، ووضع العصي في الدواليب، والتناغم مع بعض الأطراف الخارجية الساعية إلى جعل لبنان ساحة لتصفية الحسابات، وتحقيق المكاسب، عبر تجويع الناس، وترويعهم، وخنقهم اقتصاديا".

كما شدد على ان "الوحدة حول الخيارات المصيرية ضرورة، وعلينا ان نكون يدا واحدة في مواجهة الفتنة وتحصين السلم الأهلي كي لا ندخل في نفق لا خروج منه"، معتبرا ان "هذا هو الخط الاحمر الحقيقي والذي لن يكون هناك اي تساهل مع من يحاول تجاوزه".

من جهته، اعتبر الرئيس دياب ان "البلد ليس بخير لكن العلاج هو مسؤولية وطنية، ليس فقط مسؤولية حكومة جاءت على أنقاض الأزمة، او مسؤولية الحكومات السابقة التي كانت تخفي الأزمة، بل الكل اليوم معني بالمساهمة في ورشة الإنقاذ"، مشددا على ان "ليس لدينا ترف الوقت للمزايدات وتصفية الحسابات وتحقيق المكاسب السياسية".

وإذ رأى انه "لن يبقى شيء في البلد للتنافس عليه إذا استمر هذا الشقاق والقطيعة والمعارك المجانية"، دعا إلى أن يكون هذا اللقاء "بداية عمل وطني واسع، تنبثق منه لجنة تتابع الاتصالات تحت قبة المجلس النيابي، مع جميع القوى السياسية والحراك المطلبي وهيئات المجتمع المدني، على أن ترفع توصيات إلى هذا اللقاء مجددا برعاية رئيس الجمهورية".

وقد حضر "اللقاء الوطني" الى الرئيسين بري ودياب، الرئيس ميشال سليمان، نائب رئيس مجلس النواب ايلي الفرزلي، رئيس كتلة "ضمانة الجبل" النائب طلال أرسلان، رئيس الكتلة القومية الاجتماعية النائب اسعد حردان، رئيس كتلة "لبنان القوي" النائب جبران باسيل، ممثل كتلة "اللقاء التشاوري" النائب فيصل كرامي، رئيس كتلة نواب الأرمن النائب اغوب بقرادونيان، رئيس كتلة "الوفاء للمقاومة" النائب محمد رعد ورئيس كتلة "اللقاء الديمقراطي" النائب تيمور جنبلاط.

ومن غير القيادات السياسية المدعوة، شارك في الاجتماع مستشار رئيس الجمهورية الوزير السابق سليم جريصاتي، المدير العام لرئاسة الجمهورية الدكتور أنطوان شقير، والمستشار الإعلامي في رئاسة الجمهورية رفيق شلالا.

الرئيس عون
وكان المدعوون بدأوا بالوصول الى قصر بعبدا، عند العاشرة والنصف. وعند الحادية عشرة، انتقل الحضور من قاعة الانتظار الى قاعة 25 أيار ليترأس الرئيس عون اللقاء، مستهلا إياه بكلمة جاء فيها:

"أهلا وسهلا بكم وأشكر حضوركم هذا اللقاء الذي يحمل عنوانا واحدا وهو حماية الاستقرار والسلم الأهلي خصوصا في ظل التطورات الأخيرة.

لذلك كنت آمل أن يضم جميع الأطراف والقوى السياسية لأن السلم الأهلي خط أحمر والمفترض أن تلتقي جميع الإرادات لتحصينه، فهو مسؤولية الجميع وليس على همة فرد واحد مهما علت مسؤولياته، ولا حزب واحد، ولا طرف واحد.

إن ما جرى في الشارع في الأسابيع الأخيرة، ولا سيما في طرابلس وبيروت وعين الرمانة، يجب أن يكون إنذارا لنا جميعا للتنبه من الأخطار الأمنية التي قرعت أبواب الفتنة من باب المطالب الاجتماعية. وبدا جليا أن هناك من يستغل غضب الناس، ومطالبهم المشروعة، من أجل توليد العنف والفوضى، لتحقيق أجندات خارجية مشبوهة بالتقاطع مع مكاسب سياسية لأطراف في الداخل.

لقد لامسنا أجواء الحرب الأهلية بشكل مقلق، وأطلقت بطريقة مشبوهة تحركات مشبعة بالنعرات الطائفية والمذهبية، وتجييش العواطف، وإبراز العنف والتعدي على الأملاك العامة والخاصة وتحقير الأديان والشتم، حقا مشروعا للمرتكبين.

وإزاء هذا التفلت غير المسبوق، وشحن النفوس، والعودة إلى لغة الحرب البائدة التي دفع لبنان ثمنها غاليا في الماضي، كان لا بد لي إنطلاقا من مسؤولياتي الدستورية، أن أدعو إلى هذا اللقاء الوطني الجامع، لوضع حد نهائي لهذا الانزلاق الأمني الخطير.

إن الاختلاف السياسي صحي وفي أساس الحياة الديمقراطية، ولكن يبقى سقفه السلم الأهلي الذي لا يجوز تجاوزه. ومهما علت حرارة الخطابات لا يجب أن نسمح لأي شرارة أن تنطلق منها، فإطفاء النار ليس بسهولة إشعالها خصوصا إذا ما خرجت عن السيطرة. وهذه مسؤوليتنا جميعا، الحاضرين والمتغيبين.

يمر وطننا اليوم بأسوأ أزمة مالية واقتصادية، ويعيش شعبنا معاناة يومية خوفا على جنى أعمارهم، وقلقا على المستقبل، ويأسا من فقدان وظائفهم ولقمة العيش الكريم.

أقولها بالفم الملآن، ليس أي إنقاذ ممكنا إن ظل البعض مستسهلا العبث بالأمن والشارع، وتجييش العواطف الطائفية والمذهبية، ووضع العصي في الدواليب، والتناغم مع بعض الأطراف الخارجية الساعية إلى جعل لبنان ساحة لتصفية الحسابات، وتحقيق المكاسب، عبر تجويع الناس، وترويعهم، وخنقهم اقتصاديا.

إن اعتقدنا أن الانهيار يستثني أحدا فنحن مخطئون، أو الجوع والبطالة لهما لون طائفي او سياسي فنحن واهمون، أو العنف في الشارع هو مجرد خيوط نحركها ساعة نشاء ونوقف حركتها بإرادتنا، فنحن غافلون عن دروس الماضي القريب، كما عن دروس المنطقة والجوار.

وأمام التحديات المصيرية التي يعيشها لبنان، وفي ظل الغليان الإقليمي والأمواج العاتية التي تضرب شواطئنا، والمخاطر التي قد تنشأ عما يعرف بقانون قيصر، فإن الوحدة حول الخيارات المصيرية ضرورة.

وما هدفنا اليوم من هذا الاجتماع إلا تعزيز هذه الوحدة ومنع الانفلات.

نعم، إن الاختلاف في الرأي حق إنساني، ومحفز فكري، ولكن علينا ان نكون يدا واحدة في مواجهة الفتنة وتحصين السلم الأهلي كي لا ندخل في نفق لا خروج منه.

هذا هو الخط الاحمر الحقيقي والذي لن يكون هناك اي تساهل مع من يحاول تجاوزه.
والسلام".

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 6 + 2