قسد نحو "دولرة الشمال" .. فهل يحدث "نزوح تجاري" ؟

وسام دالاتي - وكالة انباء اسيا

2020.06.18 - 03:51
Facebook Share
طباعة

 أعلنت ما تسمى بـ "الإدارة الذاتية"، رفع رواتب عناصر "قوات سورية الديمقراطية"، وموظفي ما تسميه بـ "الهيئات الإدارية بنسبة ١٥٠%، وذلك بعد أيام من تسعير المشتقات النفطية بـ "الدولار الأمريكي"، ليقف عند ٦٠ سنتاً أمريكياً، فيما كانت قد سعرت استلام مادة القمح من الفلاحين بـ ١٧ سنتاً أمريكياً، الأمر الذي يشير نحو اتخاذ "قسد"، المزيد من الخطوات فيما يخص استخدام العملة الأمريكية في تسعير المواد الأساسية، الأمر الذي من شأنه أن يزيد الطلب على الدولار الأمريكي في سوق تصريف العملات بما يؤدي إلى رفع سعره أكثر.

الخطوة التي اتخذتها "الإدارة الذاتية"، المعلنة من طرف واحد من قبل "قوات سورية الديمقراطية"، من شأنها أن تتكامل مع ما اتجهت إليه كل من "حكومة الإنقاذ"، المعلنة من قبل تنظيم "جبهة النصرة"، في إدلب، و "الحكومة المؤقتة"، التابعة لـ "الائتلاف المعارض"، من تسعير للمواد الأساسية بـ "الليرة التركية"، وإدارة العمليات التجارية الكبرى بـ "الدولار الأمريكي"، وهذا ما يجعل من الأطراف الخارجة عن القانون السوري لصالح القوى المشغلة لها وتحديداً كل من "الإدارة الأمريكية"، و "النظام التركي"، ضالعة في زيادة فاعلية "قانون قيصر"، الذي دخل حيز التنفيذ وفقاً للإعلان الأمريكي، إذ ذهبت "قسد"، نحو إعلان التزامها بـتطبيق القانون الأمريكي وكأنها ليست طرفاً يدعي بأنه جزء من الأطراف المعارضة للحكومة السورية.

"دلورة الأسواق في الشمال الشرقي من سورية"، من شأنها أن تجعل من المواد الأساسية في الأسواق المحلية أن ترتفع بشكل أكبر، فزيادة الضغط على سوق الصرف سيؤدي إلى رفع سعر الدولار الأمريكي حتماً، ونتيجة لإدارة العمليات التجارية ما بين التجار سيكون من الطبيعي ان تتضاعف اﻷسعار المعمول بها حالياً للمواد الأساسية التي تنقل من الشمال الشرقي من سورية إلى بقية المحافظات عبر تجار يمتلكون شيئاً من التنسيق مع "قسد"، وإن كانت الأخيرة قد أعلنت إنها تلتزم بـ "القانون الأمريكي، فإن الخيارات الضيقة بالنسبة لها في التعاملات التجارية، مع ما يشهده العالم من ركود اقتصادي سيدفعها نحو خرق القانون الأمريكي وإن بالسر، والإدارة الأمريكية تمتلك هذا التقدير ولا يمكن لها أن تقدم بديلاً مناسباً لـ "قسد"، فمسألة تهريب النفط إلى إقليم شمال العراق تتم بكميات لا يمكن تجاوزها، وذلك لأن "كردستان"، ملزمة بتصدير كميات محددة من المواد النفطية عبر ميناء جيهان التركي وفقاً للعقود التي وقعت بين "أربيل"، و "أنقرة"، في العام ٢٠١٤ وأفضت إلى أزمة دستورية وتشريعية في العراق آنذاك.

كما إن المعابر البرّية التي تهرب من خلالها "قسد"، المواد النفطية والحبوب والمواشي إلى "تركيا"، لا يمكن أن تستجر أكثر من الاحتياجات الحقيقية لأسواق الشمال السوري، ولن يقبل الأتراك بتجارة نفطية تؤثر على الأسواق المحلية في الجنوب التركي، وبالتالي سيكون لدى "قسد"، فائض من النفط المسروق من الحقول السورية لا يمكن تصريفه، ما سيؤدي إلى عجزها عن دفع الرواتب الخاصة بعناصرها وموظفيها، الأمر الذي يجعلها مجبرة على التعامل مع التجار السوريين الذين ينقلون هذه المواد إلى اسواق المحافظات السورية، وعليه فإن المسألة باتت مركبة ومعقدة جداً، إذ تجد "قسد" نفسها ملزمة بأن تكون جزءً من منظومة تطبيق العقوبات الأمريكية على الدولة السورية، وتعمل على دلورة الشمال لتكون أحد اﻷطراف المهاجمة لـ "الليرة السورية"، لكنها في الوقت نفسه بحاجة للتعامل مع التجار السوريين الأمر الذي قد ينعكس على علاقتها مع اﻷمريكيين.

الأخطر في "دلورة الشمال السوري"، هو ما سيواجهه المواطن من صعوبة في الحصول على المواد الأساسية نتيجة لارتفاع أسعارها المتوقع بنتيجة تحول "الدولار"، إلى سلعة يزداد سعرها كلما ازداد الطلب عليها، وبالتالي ستكون ممتلكات المواطن من الليرة السورية معرضة لفقدان قيمتها أكثر مع كل ارتفاع لسعر صرف الدولار الأمريكي، ما سيجعل من السعر الحقيقي لـ "ربطة الخبز"، في المناطق التي تحتلها "قسد"، يرتفع بشكل جنوني خلال الأيام القادمة، الأمر الذي قد يشكل ضغطاً أكبر على المناطق التي تسيطر عليها الدولة السورية في المنطقة الشرقية بموجة "نزوح تجاري"، إن صح التعبير نحو اسواق هذه المناطق التي ستبقى فيها أسعار المواد المدعومة مثل الخبز ثابتة، فمن غير المتوقع أن تذهب الحكومة السورية نحو رفع أسعار هذه المواد في الوقت الحالي، الأمر الذي قد يفقد "قسد"، الكثير من أسهمها أمام الحاضنة الشعبية لها نتيجة لدخولها في لعبة "الحرب على الاقتصاد السوري".

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 6 + 4