الازمة في لبنان, بين الفراغ والاقتصاد والاجندات الخارجية

2020.06.13 - 08:47
Facebook Share
طباعة

 من اهم الحقائق والوقائع التي تسعى بعض الاطراف الداخلية  والخارجية لطمسها واِبعادها عن المشهد السياسي في لبنان هي ان الازمة على كافة الصعد تعود الى 28 عاما وليست نتيجة المشاكل التي شهدتها البلاد في اخر ثلاث سنوات. 

هذه الحقيقة من المهم ابقاؤها ضمن دائرة الضوء في اي حوار او نقاش حول الازمة في لبنان. وبناء على هذا الواقع تتراوح الازمة بين الوضع الاقتصادي القريب من الانهيار وبين الفراغ الذي بدا يعمل عليها من قبل اطراف تسعى لتمرير اجندة خارجية بادوات داخلية.
 
لا يختلف اثنان على ان الوضع الاقتصادي وصل الى مرحلة حرجة جدا حيث خرجت تحضيرات في الايام الاخيرة من نفاد العديد من المواد الغذائية (حيث بدا الحديث عن نفاد البنزين لدى مؤسسات ومستشفيات في مناطق عدة). لكن للازمة الاقتصادية جذور تعود الى سنوات وليست وليدة الاشهر الستة والثلاثين الاخيرة. فسياسة اللجوء الى المؤسسات الدولية والاستدانة من هنا وهناك والخلط بين الدين بالدولار والدفع بالليرة والعكس، وجدولة الديون وصولا الى جدولة الفوائد على الديون. ( لجأ لبنان الى جدولة ديونه لعدم قدرة الحكومات على سدادها حتى وصل الامر الى عجز بيروت عن سداد فوائد هذه الديون). ومع بروز ازمة فيروس كورونا وتعطل الاقتصاد واغلاق الكثير من المصالح وبقاء مئات الالاف في منازلهم، تفاقمت الازمة ما وضع الحكومة امام تحدي صعب جدا.
 
كل هذا يمكن الاتفاق على الية لحله ومعالجته. لكن في الفترة الاخيرة برزت مشكلة لها عدة ابعاد ابرزها سعر الدولار واختفاء مبالغ كبيرة من "العملة الصعبة" اضافة الى رفض المصارف اعطاء المودعين اموالهم وتحديدهم للمبالغ المسموح بسحبها من البنوك. هذه الازمة اشعلت صراعا بين القوى السياسية اللبنانية. لتصل الامور الى حد المطالبة باقالة حاكم مصرف لبنان رياض سلامة.
 
وهنا لا بد من الحديث عن عدة نقاط مهمة:
 
اولا
 
الامور في لبنان وصلت الى مرحلة لا تسمح بالدخول في لعبة تصفية الحسابات السياسية على الساحة الاقتصادية والمالية، خاصة وان اقالة اي شخص في هذا التوقيت ستعني حربا سياسية بين الافرقاء على اسباب الاقالة وايضا على من سيخلف رياض سلامة او غيره.
 
ثانيا
 
هناك من يسعى لاخذ الامور باتجاه احداث فراغ في مكان ما يؤدي الى فراغ اكبر يطال الحكومة.
 
اقالة سلامة ستفتح الصراع وبالتالي ستكون هناك فرصة امام بعض الاطراف لدفع الناس الى الشارع ونقل المواجهة الى هناك وتحديدا ضد الحكومة. وذلك بشكل يؤدي الى الضغط لاستقالة حسان دياب رئيس الحكومة. سلامة كان قادرا على الحفاظ على قيمة الليرة طيلة 28 عاما. وهذا يعني ان ما يحصل الان هو سيناريو اقوى واكبر من سلامة وله ابعاد داخلية وخارجية (اميركية) لافشال الحكومة وما خلفها. وبالتالي الحل يجب ان يكون بمعالجة الاسباب التي تتخطى سلامة.
 
ثالثا
 
استقالة دياب ستعني فراغا على مستوى السلطة التنفيذية. ولان انقاذ الوضع بحكومة اخرى من شبه المستحيل في هذا التوقيت ( حتى حكومة دياب عانت الامرين حتى خرجت الى النور) فان البلاد ستدخل في مرحلة فراغ قد تطول مدته لاشهر او اكثر من عام.
 
رابعا
 
الفراغ سيشكل فرصة ذهبية لبعض الاحزاب والاطراف اللبنانية لتمرير اجندتها. الاجندة هذه مبنية على جعل الفوضى هي المسيطرة على الساحة. وبالتالي فان مشاريع عديدة ستكون جاهزة لتنفيذها في ظل هذا الواقع ابرزها العنف.
 
خامسا
 
حاولت هذه الاطراف تنفيذ تجربة لسيناريو العنف في ما يعرف بالسبت الاسود قبل ايام. وبالتالي فان الفراغ في لبنان سيعني فراغ الساحة للنزول الى الشارع بشكل عشوائي بما يحمله ذلك من مشاهد لجماعات متطرفة واخرى مدربة مسبقا على نشر الفوضى.
 
سادسا
 
الفوضى والعنف ونقل اللعبة الى الشارع، سيفتح المجال امام مشاريع خارجية وتحديدا اميركية عربية عبر استغلال هذا الواقع لقلب الصورة واظهار ما يحصل على انه ضد حزب الله من خلال التصويب على الحكومة وتحميلها المسؤولية كونها حكومة حزب الله كما روج لها منذ اعلانها.
 
 
وعليه، في ظل الازمة الاقتصادية والضغط على الحكومة مساعي ايجاد الفراغ والمشاريع المشبوهة التي تنتظر اي فرصة لتسيطر على الوضع في لبنان، فانه من الضروري في المرحلة الحالية الحفاظ على الواقع الحالي او (ستاتيكو) الحالي في لبنان، وهو ما يدركه المسؤولون اللبنانيون جيدا. (كان واضحا كلام رئيس مجلس النواب نبيه بري بان الوقت ليس للاستغناء عن الناس في اشارة الى اقالة رياض سلامة بل الحاجة حاليا هي لكل الناس).
 
الازمة الاقتصادية تستدعي حلولا وليس فراغا. والفراغ سينتج صراعا وليس هدوءا. والصراع سيجلب مشاريع خارجية مشبوهة ستفتح البلاد على سيناريوهات كثيرة ابسطها الفوضى.
 
العالم
Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 6 + 8