عن حرائق سورية، من القمح الى مستقبل المواطنين

حبيب شحادة – وكالة أنباء آسيا

2020.05.29 - 07:57
Facebook Share
طباعة

 فاعل مجهول -وسط تباين الاتهامات بين أطراف عدة- يحول ألاف الهكتارات المزروعة بالقمح لرماد. حرائق متكررة تحصد محصول القمح السوري في السنوات الأخيرة، وتلتهم الذهب الأصفر للمزارعين والفلاحين وتبقي لهم الرماد بعد أشهر من العمل والتعب.

تأكل النيران منذ حوالي الشهرين بشكل متقطع مساحات كبيرة من الحقول، خاصة في شمال سورية وجنوبها إضافة للوسط منها. حيث احتراق أكثر من 2500 دونم من الحقول المزروعة بالقمح والشعير في منطقة الحسكة قبل أن يتمكن السكان من السيطرة عليها بحسب صفحة وزارة الزارعة على الفيس بوك.

ويشير خبراء اقتصاديين إلى أن القمح هو الأساس لتأمين لقمة عيش السوريين بسعر مناسب، وبالتالي القدرة على الحفاظ على الاستقرار في سورية خلال الأشهر المقبلة، خصوصاً مع تزايد العقوبات الاقتصادية الغربية ودخول قانون قيصر حيز التنفيذ مطلع الشهر القادم.

كما أنه وفقاً للمسح الديمغرافي الاجتماعي المتكامل المتعدد الأغراض لعام 2017- فأن28,7% من السوريين غير آمنين غذائياً أي أن 1 من أصل 4 ينامون كل ليلة ليس لديهم ما يكفي من الغذاء الذي يحتاجونه ليعيشوا حياة نشطة وصحية. حيث يفاقم احتراق القمح من أزمة الأمن الغذائي على المستوى السوري.

وأشار مزارعون بحسب مواقع محلية إلى أسباب مختلفة لارتفاع ألسنة النار، تتراوح بين الأعمال الانتقامية الداعشية، وتطاير شرارات الوقود السيئ، بالإضافة إلى الإهمال.

بدوره أكد مدير الإنتاج النباتي في وزارة الزراعة عبد المعين قضماني لوكالة "آسيا" أن معظم الحرائق مجهولة المصدر، وأن أسبابها تعود لموجة ارتفاع الحرارة. وتترافق مع موسم الحصاد السنوي، موضحاً أن بعض الحرائق قد يكون مفتعل أو غلط من شخص ما، او نتيجة تطاير الشرار من آلة الحصاد.

كما بين أنه منذ فترة ما قبل العيد لم يسجل أي حريق في محاصيل القمح، حيث بلغت مساحة الاحتراق 1196 هكتاراً، في حين لم تحصى بعد الخسائر. إنما اقتصر الإحصاء على عدد المتضررين من الفلاحين والمزارعين.

وتشكل توعية الفلاحين هاجساً لدى وزارة الزراعة وفقاً لقضماني الذي قال " إن على الفلاحين أخذ الاحتياطات اللازمة عند الحصاد عبر وضع صهريج مياه أو مقطورة قريبة من موقع الحصاد للحد من بؤر الحرائق وضبطها بحدها الأدنى".

وكشفت "وزارة الزراعة والإصلاح الزراعي" خلال العام الماضي، عن وصول إجمالي مساحات القمح والشعير المتضررة من الحرائق على مستوى سورية إلى 50,268 هكتاراً، حتى تاريخ 11 حزيران الماضي.”

من جهته يؤكد الدكتور سعد بساطة، خبير اقتصادي أن تأثيرات حرق المحاصيل الزراعية كبيرة؛ اقتصاديا واجتماعـياً عـلى الريف قبل المدينة؛ وعـلى المواطن قبل الدولة. وهي تأثيرات مباشرة تشمل الأقماح؛ وغـير مباشرة تشجع الهجرة للمدينة.

ويشير بساطة إلى أن تلك الحرائق ليست نتيجة صراعـات محلية؛ بل محاولات سافرة للضغط على سورية اقتصادياً، عازياً مصدرها إلى الأمريكان.

وكان تنظيم داعش تبنى مطلع العام الحالي الحرائق التي حصدت قوت المزارعين في مناطق سيطرة قسد، لتبقى بقية الحرائق مجهولة المصدر وسط تبادل الاتهامات بين عدة أطراف.

كما نوه بساطة إلى أن سورية كانت تشكل سلة الغـذاء للمنطقة؛ وبشكل خاص بالقمح والبقول والخضروات والفواكـه. وهي ليست مكتفية فحسب؛ بل هي البلد العـربي الوحيد؛ الذي يصدّر الأقماح، بعد أنّ حقق الاكتفاء الذاتي الذي كان يعتبر أهم خطوات الأمـن الغـذائي.

وتقدر حاجة سوريا من القمح سنوياً بين 2.7 و3 ملايين طن، حيث أن إنتاج القمح ليس ثابتاً في البلاد، وصل في العام 2001 إلى 4.5 مليون طن، لكنه تراجع منذ سنوات نتيجة الحرب، ووصل في العام 2018 إلى 1.2 مليون طن، في حين كان من المتوقع أن يصل إلى نحو مليوني طن هذا العام". وفقاً لتقديرات خبراء اقتصاديين.

يذكر أن سوريا كانت من الدول المكتفية ذاتيًا بمادة القمح الاستراتيجية منذ أواخر القرن الماضي وحتى السنوات الأولى من القرن الواحد والعشرين، ووفق التقديرات الرسمية بلغ متوسط إنتاج القمح قبل عام 2008 أربعة ملايين طن، تكفي لحاجة الإنتاج المحلي ويصدّر الفائض.

ومع بداية الحرب، وخروج مساحات زراعية واسعة عن سيطرة الحكومة، انخفض محصول القمح بشكل كبير وتفاوتت كميات الإنتاج خلال سنوات الحرب الماضية، لتبلغ العام الماضي 1.2 ميلون طن فقط، ليكون أدنى إنتاج منذ 29 عامًا، بحسب منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة (فاو).

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 8 + 10