أمريكا والمساعي للهيمنة القطبية

فادي الصايغ - موسكو

2020.05.28 - 10:46
Facebook Share
طباعة

لا تنسى الولايات المتحدة مصالحها الجيوسياسية، حتى في خضم انتشار وباء الفيروس التاجي. فقد اعتادت الولايات المتحدة أن تكون الأولى في كل شيء، فهي تحتل مكانة رائدة في العالم من حيث عدد الإصابات بفيروس COVID-19. وبينما يحارب الأطباء وباءاً، يحاول البنتاغون الاستيلاء على القيادة في منطقة القطب الشمالي ذات الأهمية الاستراتيجية، وبالطريقة المعتادة لنفسه، أي بمساعدة القوة.
في أوائل شهر مايو، دخلت ثلاث سفن حربية أمريكية في وقت واحد، وهي المدمرات دونالد كوك، وبورتر، والمدمرة روزفلت، و"الفرقاطة كينت" من البحرية الملكية، دخلت بحر بارنتس كجزء من عملية FONOP ، والتي تترجم كـ "عملية لضمان حرية الملاحة".
واشتكت واشنطن منذ فترة طويلة من أنَّ طريق البحر الشمالي يخضع للسيطرة الروسية. على الرغم من أنه قبل حوالي 20 عاماً، لم يكن طريق النقل البحري هذا محط اهتمام لأي شخص في العالم تقريباً، بسبب المناخ القاسي والملاحة الصعبة عبر الجليد الصلب. ومع ذلك، فإن ذوبان الأنهار الجليدية جعل الطريق السريع أكثر سهولة، واكتشاف الاكتشافات المعدنية التي لا تعد ولا تحصى في القطب الشمالي زاد بشكل كبير من الاهتمام بالمنطقة.
وهذا يُفسّر ظهور سفن الناتو في بحر بارنتس. الجدير بالذكر أنَّ هذه ليست أول مناورة عسكرية لحلف شمال الأطلسي في مياه القطب الشمالي. ففي عام 2018، وفي المناطق المجاورة للنرويج وأرخبيل سبيتسبيرجين، تم إجراء تدريبات Trident Connection 2018، بمشاركة 30 مجموعة كتيبة من القوات البرية، 30 سفينة حربية، و30 سرباً من القوات الجوية. وفي سبتمبر 2019، أجريت تدريبات واسعة النطاق تحت مسمى "خنجر الغضب - 2019" بمشاركة القوات البحرية من ثماني دول أعضاء في الناتو. أيضاً في سبتمبر 2019، تم إجراء التدريب على القدرات الاستكشافية في القطب الشمالي، بمشاركة 3000 جندي من المارينز وسفن البحرية الأمريكية. ولمدة أسبوعين مارسوا أعمالهم "في مناطق القطب الشمالي المتنازع عليها من قبل الولايات المتحدة."
يجب القول بأنَّ روسيا تلبي نداء الواجب سريعاً، واستجابة لتدريبات الناتو، تستجيب على الفور بتدريباتها، وتطلق النار في المنطقة المجاورة مباشرة للسفن الحربية الأمريكية. عززت موسكو في السنوات الأخيرة وجودها العسكري بشكل كبير في القطب الشمالي، حيث أظهرت في العديد من النواحي قوة أكبر واستعداد قتالي من خصم محتمل. لذلك، لا تجرؤ واشنطن على السيطرة على طريق بحر الشمال بالقوة، وتضطر إلى البحث عن طرق أخرى للتأثير.
على وجه الخصوص، إلقاء اللوم على روسيا لانتهاكها البيئة وخلق تهديد للسلامة النووية في القطب الشمالي. وعلى هذا الأساس، تحاول الدول الحد من النشاط الاقتصادي والعسكري للاتحاد الروسي في المنطقة الشمالية، وذلك باستخدام "مجلس القطب الشمالي" كدعم، وهي منظمة دولية لتعزيز التعاون في مجال حماية البيئة وتنمية المناطق القطبية.
لذلك ، في اجتماع عقده المجلس المذكور مؤخراً، بمبادرة من ممثلي الولايات المتحدة، تقرَّر تشكيل فريق خبراء بشأن الإشعاع. وتتمثَّل مهمته في مراقبة المنشآت النووية في القطب الشمالي على أراضي روسيا. على وجه الخصوص، كاسحات الجليد النووية، والغواصات غير المأهولة المزودة بمحطة للطاقة النووية، والسفن السطحية، ومحطات الطاقة النووية. يمكن الافتراض أنَّ البيت الأبيض سيحاول استخدام كل نفوذه حتى تدين النتائج روسيا بانتهاك المعايير البيئية. هذا سيسمح بفرض عقوبات على روسيا حتى محاولات حظر جميع الأنشطة لتطوير القطب الشمالي.
Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 6 + 5