من الفساد إلى الخيانة، توقعات بفشل حكومة غانتس-نتنياهو

ترجمة: عبير علي حطيط

2020.05.07 - 03:38
Facebook Share
طباعة

 تُسابق المحكمة العليا الإسرائيلية الزمن للتداول والوصول إلى قرارٍ بشأن منع "رئيس تحالف اليمين"، بنيامين نتنياهو، من تشكيل حكومةٍ جديدة، على خلفية اتهامه بثلاث قضايا تتعلق بفساد، وخداع، وخيانة أمانة، وكذلك البتّ بقانونيَّة الاتفاق الذي توصل إليه مع منافسه بيني غانتس. 


وفي تقريرٌ منشور في صحيفة «واشنطن بوست» الأمريكية يتم مناقشة أبعاد القرار الذي ستصدره المحكمة ومعنى تدخُّل السلطة القضائية في هذا المجال.


ووفق التقرير، فقد أُجري تدقيقٌ قانوني هذا الأسبوع فيما يخص "المسار الديمقراطي الإسرائيلي"، ومصير رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو؛ إذ تنظر المحكمة العليا في البلاد فيما إذا كان ينبغي السماح لشخصٍ متهم بارتكاب جرائم خطيرة بتشكيل حكومة، وعن قانونية الاتفاق الذي حصل بين نتنياهو ومنافسه الرئيسي، ويأتي هذا الاتفاق بعد عامٍ من الجمود السياسي.


قد تجرُّ هذه الإجراءات تبعاتٍ خطيرة وراءها وفقًا إلى التقرير، ليس فقط للسياسي الإسرائيلي الذي بقي رئيسًا لوزراء إسرائيل لأطول فترة في تاريخها، بل أيضًا للسلطة القضائية والنظام السياسي بصورة عامة، وذلك في حال تعطيل الحكم النهائي للحكومة التي يحاول نتنياهو تشكيلها مع بيني جانتس، منافسه السابق.


يوافق القادة الإسرائيليون على تشكيل حكومة وحدة وإبقاء نتنياهو رئيسًا للوزراء في الوقت الحالي، ويحذر مؤيدو نتنياهو وأعضاء حزبه، الليكود الحاكم، من أن قرار المحكمة برفض أي جزء من اتفاق الحكومة الائتلافية الموقَّع مع حزب غانتس (أزرق أبيض) بوصفه غير دستوري أو غير قانوني، يمكن أن يؤدي إلى حدوث انتخابات عامة أخرى (لتكون الانتخابات الرابعة منذ شهر نيسان/أبريل 2019) . 


ويحذر الخبراء السياسيون أيضًا من أن حدوث ذلك قد يعرِّض دور القضاء وعلاقته الحساسة بالفرعين؛ التنفيذي والتشريعي، لانتقاداتٍ شديدة في ظلِّ الاضطرار لإجراء الانتخابات الجديدة في زمن جائحة فيروس كورونا.


على غرار المحكمة العليا الأمريكية التي بدأت يوم الاثنين بثَّ جلسات الاستماع عبر الإنترنت، متيحةً إياها أمام الجمهور، تبثُّ المحكمة العليا الإسرائيلية أيضًا مراجعتها الماراثونية مباشرةً على الهواء وللمرة الأولى؛ وذلك بسبب ظرف الجائحة. وخلال جلسات الاستماع يومي الأحد والاثنين، استمعت لجنة مكونة من 11 قاضيًا – يرتدي كل منهم قناع وجه ويحتمي بزجاجٍ واقٍ – إلى الحجج المؤيدة والمعارضة لمسألة السماح لمشرِّعٍ يواجه اتهامات جنائية بأن يصبح رئيسًا للوزراء.


وفي 21 تشرين الثاني/نوفمبر الماضي، وجَّه المستشار القضائي للحكومة الإسرائيلية أفيخاي مندلبليت، لائحة اتهام رسمية ضد نتنياهو في ثلاث قضايا فساد، ليكون أول رئيس وزراء توجه له لائحة اتهام وهو ما يزال في منصبه. ليواجه نتنياهو ثلاث تهم، أخطرها الرشوة، إضافة إلى تهمتي خيانة الأمانة، والاحتيال، لكن المحاكمة تأجلت من شهر آذار/مارس حتى أيار/مايو بسبب تفشي الفيروس كورونا.


كما كتب المدعي العام أفيخاي مندلبليت يوم الخميس في رأيٍ إلى المحكمة، أن نتنياهو لا يواجه أي عائق قانوني أمام تكليفه بتشكيل الحكومة، شارحًا أن القانون الأساسي للحكومة – والذي يمثل صميم دستور إسرائيل – واضح بهذا الشأن: لا يمكن إنهاء ولاية رئيس الوزراء إلا بعد إدانته واستنفاد جميع الطعون. وفي جلسة الاستماع يوم الأحد حاجج محامي نتنياهو بأن المحكمة تجاوزت حدودها بمجرد مناقشتها من هو الشخص المناسب لتشكيل الحكومة.


تنقل صحيفة هآرتس عن مايكل رابيلو قوله: «أرى أنه لا يمكن الاحتكام للقضاء بشأن هذا الأمر، وأن القانون لا يمنح المحكمة سلطة التدخل بهذه المسألة. كيف يمكن القول بإمكانية أن تحلَّ هذه اللجنة محلَّ الناخبين؟ أن نتمكن نحن المحامون من استبدال جميع قادة الدولة الذين حاولوا إقناع القاعدة الانتخابية ثلاث مرات». وبالمثل، ينقل التقرير عن محامٍ للكنيست الإسرائيلي محاججته بعدم جواز تقرير السلطة القضائية تعيين رئيس الوزراء، بل هو دور المئة وعشرين عضو في الكنيست الذين انتخبهم الجمهور.


لكن دافنا هولز ليتشنر – وهي محامية مكلفة بتقديم الحجج نيابة عن الأفراد وجماعات حقوق الإنسان والأحزاب السياسية التي تقدمت بطلبات ضد نتنياهو – تضغط على المحكمة لإصدار حكم في الأمر، موضحة لتقارير إعلامية السبب وراء ذلك بقولها: «النظام القانوني المستقل هو آخر حصنٍ لحرية الإنسان في عصرنا. إذا سقطت القلعة، لن يبقى هناك من ينقذ من يقع بين أحجار السلطة التعسفية».


وينقل التقرير عن المحاضر البارز في كلية فيدرمان للسياسة العامة، في الجامعة العبرية في القدس، غادي توب، قوله إن واضعي القانون الذين يسمحون ببقاء رئيس الوزراء في منصبه قد نظروا في مثل هذا التدخل من قبل السلطة القضائية، وأن التشريع كُتب لمنع محاولة أقدمت عليها الخدمة المدنية «لاغتصاب الانتخابات»، ويضيف توب: «حقيقة تداول المحكمة في هذا الأمر حتى يدل على وقاحةٍ فذَّة ومدهشة. إذا أبطلوا نتائج الانتخابات –وهو أمر مبالغ فيه – فسيكون هناك انتخابات رابعة، وستكون حينها متعلقة بسلطة المحكمة العليا».


ناقشت المحكمة يوم الاثنين الأجزاء الرئيسية من اتفاق الائتلاف الموقع بين نتنياهو وغانتس في 20 نيسان/أبريل. يقول غانتس – الذي قام سابقًا بحملةٍ ضد بقاء نتنياهو في السلطة من خلال ثلاث جولات من التصويت – إن أزمة فيروس كورونا هي ما أجبره على الانضمام إلى نتنياهو حاليًا، ويظهر انعدام الثقة بين المتحالفين في أجزاء كثيرة من الاتفاق.


يعدُّ الاتفاق المذكور نقطةً مثيرة للجدل، وفقًا إلى التقرير وسابقة تاريخية؛ إذ وصفه الخبراء السياسيون بأنه تدبير فريد وشخصي يتناقض بصورةٍ مباشرة مع بعض الأعراف السياسية والقوانين الأساسية في البلاد. ومن بين النقاط الخلافية في الاتفاق، ناقشت المحكمة مسألة التناوب على رئاسة الحكومة لمدة ثلاث سنوات، إذ يُفترض وفقًا لبنود الاتفاق، السماح لنتنياهو ثم غانتس بالعمل في منصب رئيس للوزراء لمدة 18 شهرًا لكل منهما، وكذلك إنشاء منصب نائب رئيس الوزراء، بينما يشغل الآخر المنصب الأعلى.


لكن، ووفقًا لما ينقله التقرير عن الباحث بمؤسسة معهد الديمقراطية في إسرائيل أمير فوكس، بدا أن القضاة خلال جلسة يوم الاثنين كان لديهم اعتراضاتهم على الأجزاء من الاتفاق التي تتناول تعيينات المناصب العليا في الدولة، وعدم تضمين المشرِّعين المعارضين في لجان برلمانية معينة، وكذلك قرار القادة بعدم دفعِ أيِّ تشريعات لا علاقة لها بفيروس كورونا خلال الأشهر الستة الأولى. ويعِّقب فوكس: «فيما يتعلق بالقضية الكبيرة حول إمكانية أن يكون نتنياهو رئيسًا للوزراء، لا أعتقد أن المحكمة ستتدخل، لكنهم قد يتدخلون في بعض القضايا التي يراها الليكود مهمة، ما يؤدي لإيقافهم للاتفاق». لا يوجد موعد نهائي صارم للمحكمة للتوصُّل إلى حكمٍ بشأن أيٍّ من الموضوعين، ولكن فوكس يتكهَّن بصدورِ شكلٍ من أشكال القرار قبل يوم الخميس، لكونه الموعد النهائي لنتنياهو وغانتس لتقديم حكومتهما الجديدة رسميًّا.


المصدر: https://www.washingtonpost.com/…/be0dbab6-8de9-11ea-9322-a2…

 
Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 10 + 10