فيروس كورونا, هل فشلت الولايات المتحدة في اختبار القوة؟

فادي الصايغ

2020.04.23 - 10:06
Facebook Share
طباعة

 

 
يواصل الفيروس التاجي COVID-19 انتشاره الواسع والسريع في العالم، ليحتل الصدارة بصفته الموضوع الأكثر تداولاً على جميع المستويات، بدءاً من ربات المنازل، ووصولاً إلى حكومات معظم الدول.
وفي الوقت الذي خرجت الصين -وهي مصدر تفشي الفيروس- فعلياً من هذه الأزمة، فإنَّ الوباء محتدم بكل قوته في أوروبا والولايات المتحدة، التي تتفرّدبانتشاره بشكل كبير، إذ تم تسجيل ما يقرب من 800 ألف حالة إصابة بالفيروس التاجي، بما يعادل حوالي ثلث الحالات المؤكدة في العالم.
ومن ناحية عدد الحالات والوفيات الناجمة عن COVID-19، فإن الولايات المتحدة متقدمة على جميع البلدان الأخرى، أمريكا، التي تطلق على نفسها لقب القوة العالمية الأكثر تطوراً والأغنى والأقوى. فقد انهارت كل هذه القوة بين عشية وضحاها في مواجهة سيئة للغاية، على الرغم من حقيقة أنَّ هذا الوباء ليس الأسوء من بين تلك التي واجهتها البشرية في الماضي. فقد كان الطاعون، والكوليرا، والجدري، والإنفلونزا الإسبانية، وغيرها من الذين دمروا في القرون الماضية أكثر تدميراً. ولكن تبيَّن أن القوة العظمى عاجزة في مواجهة هذه العاصفة الصغيرة.
يُوصَف الوضع في نيويورك بالكارثي، إذ أنَّه في مستشفيات أكبر مدينة أمريكية، لا توجد أماكن كافية للمصابين. كما يتم إيواء المرضى في المستشفيات الميدانية، وكذلك في الكاتدرائية. ويُطلَب من السكان المحليين الإبلاغ عن منتهكي الحجر الصحي، لإرسال دوريات الشرطة وإلقاء القبض عليهم.
وصل معدل الوفيات لدرجة القيام بوضع الشاحنات المبردة في الشوارع لتفريغ مشارح نيويورك، والتي يمكن أن تنقل جثث المرضى. وأرسل البنتاغون فريقاً جنائزياً عسكرياً إلى المدينة، للمساعدة في دفن الجثث وحرقها للأشخاص الذين ماتوا بسبب فيروس كورونا. كما يتم نقل قوات الجيش الإضافية إلى مناطق أخرى من البلاد.
أفراد الجيش الأمريكي أنفسهم هم أيضاً من بين المتضررين من فيروس كورونا، الذي اجتاح سفن حربية بأكملها، ومن بينها فخر البحرية الأمريكية - حاملة الطائرات تيودور روزفلت في المحيط الهادئ وحاملة الطائرات رونالد ريغان قبالة سواحل اليابان.
في جميع الولايات المتحدة، لم يقتصر شراء الناس على الطعام فقط، بل أيضاً الأسلحة وذلك في حالة الفوضى والجريمة المتزايدة. كما يتزايد عدد العاطلين عن العمل، والناتج المحلي الإجمالي وميزانية الدولة في حالة انخفاض كبيرة. وماهذا إلاَّ جزء بسيط من عواقب هذا الوباء ضمن الولايات المتحدة الأمريكية.
لماذا أظهرت أقوى قوة، ضعف كامل في مواجهة الفيروس التاجي؟ هناك عدد من الأسباب
أولاً، رفضت السلطات الأمريكية لفترة طويلة الاعتراف بخطورة التهديد ولم تكن مستعدة لتلقي الضربة. ووفقاً للخبراء، كان من الممكن في بداية انتشار الوباء وخلال شهر ونصف فقط، إعداد الأقنعة واللباس الواقي للأطباء وأجهزة التهوية الميكانيكية واختبارات كشف الإصابة، ولكن لم يتم فعل شيء. ربما بسبب العبث والثقة المفرطة بالنفس. ومن الممكن أيضاً بسبب أنَّ مصالح الاقتصاد قد تم وضعها فوق صحة الناس، هذه المصالح التي قد تتضرّر لو تم البدء بتطبيق الحجر الصحي.
ثانياً، نظام الرعاية الصحية في الولايات المتحدة بحيث لا يستطيع سوى الأغنياء الحصول على رعاية طبية عالية الجودة. وأولئك الذين ليس لديهم أموال للتأمين الصحي يمكنهم الاعتماد على أنفسهم والقدر فقط. وهؤلاء يمثلّون الملايين من الأمريكيين.
ثالثاً وأخيراً، فإنَّ السلطات الأمريكية، وبدلاً من توجيه كافة الجهود لمحاربة الفيروس التاجي، فهي أكثر انخراطاً في المؤامرات السياسية والمواجهات مع الدول الأخرى. الصين في مقدمتها، التي تواجه الولايات المتحدة معها مواجهة اقتصادية وتجارية طويلة الأمد، كما اتهمتها الولايات المتحدة الأمريكية بتصنيع ونشر الفيروس التاجي في بكين، وهذه قضية منفصلة بحد ذاتها
Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 2 + 2