الدم السعودي الرخيص في مملكة الموت

2020.04.17 - 06:11
Facebook Share
طباعة

مرة جديدة وفي وضح النهار يرتكب نظام آل سعود جريمة قتل جبانة بحق احد المواطنين لمجرد رفضه إخلاء منزله وتسليمه للسلطات. الضحية ينتمي الى أبناء قبيلة الحويطات التي تعرض أبناؤها لحملة تهجير قسري في إطار إنشاء مشروع نيوم الذي أطلقه ولي العهد محمد بن سلمان ويعارضه السكان باعتباره ضمن مشاريع فاسدة يباح من أجلها تشريد الأهالي وإراقة دمائهم.

وفي تفاصيل الجريمة النكراء التي وقعت ظهر يوم الاثنين 13 نيسان/أبريل الجاري، حاصرت قوات النظام السعودي قرية الخريبة التاريخية في منطقة تبوك وطالبت المواطن عبد الرحيم أحمد محمود الطقيقي الحويطي، الذي ينتمي الى قبيلة الحويطات، بالخروج من منزله وتسليمه لقوات الأمن، لكنه رفض وأعلن أنه لن يتخلى عن قريته ومنزله حتى لو قُتل دفاعاً عنه، وانتهى الأمر إلى مداهمة منزله بالقوة والعبث بممتلكاته من ثم قتله بدم بارد على ايدي قوات تقوم وظيفتها على حماية المواطن وحفاظ أمنه وصيانة حقوقه.

الجريمة أثارت غضبا عارما في السعودية حيث ضجت مواقع التواصل الاجتماعي بقضية اغتيال عبد الرحيم الحويطي بعد رفضه إخلاء منزله وقريته، التي يحاول ابن سلمان الاستيلاء عليها بحجة أنها تقع ضمن أحد مخططات مشروع "نيوم" الذي كشفت عنه السعودية، حيث ندد النشطاء بالجريمة البشعة التي ارتكبتها قوات النظام السعودي بحق أبناء قرية الخريبة حيث يراد بناء مشروع الانفتاح والفسق، حسب وصفهم، معتبرين ما حدث مع الحويطي "إرهاب دولة".

وفي السياق، نشر المستخدمون عبر وسم #إستشهاد_ عبد الرحيم_ الحويطي، عدة فيديوهات وصور من مكان ارتكاب الجريمة، وكتبوا تغريدات تندد بطريقة عصابات المافيا التي يمارسها ابن سلمان وقواته بحق المواطنين السعوديين لتنفيذ مشاريعه الفاسدة، وقتل وتقطيع كل من يقف ضد تلك المشاريع كما فعل من قبل مع الصحفي المغدور جمال خاشقجي الذي تم تصفيته بسبب قلمه. وقالوا إن الحويطي قُتل بسبب أرضه مخلفاً وراءه صبياً وابنتين، وذلك من أجل أحلام ابن سلمان البائسة ومشاريعه الفاشلة التي ترمي الى ترويج مظاهر الفساد التي لا تساوي قطرة دم بريئة.

وكتب احد النشطاء ما نصه: "يا شعب بلاد الحرمين هل عرفتم من هو عدوكم اﻷول هم العسكر الخونة الذي قدموا طاعة الظالم على طاعة الله ويستميتون في تنفيذ أوامرة بوحشية اللهم انتقم من كل عسكري لا يتبرأ من ابن سعود"، فيما علق ناشط أخر بقوله: "هذا ليس في الاراضي الفلسطينية المحتله هذا في السعودية محمد بن سلمان يهدم البيوت ويقتل الساكنين #استشهاد_عبدالرحيم_الحويطي".

وقال الطبيب المعارض السعودي البارز سعد الفقيه إنّ ما يجري مع الحويطات لا يختلف عن تهجير قوات الاحتلال الإسرائيلي للمواطنين الفلسطينيين، مضيفاً أن "الحويطات أثبتوا أنهم عكس كل التوقعات في صمودهم وظهور شخصيات حقيقية تتحدى الظالم". واردف قائلا إن "كل من ساهم في تهجيرهم مجرم، وكل من قصر في دعمهم آثم، لا بد من استثمار ثباتهم عسى أن ينكسر حاجز السلبية والخوف غير المبرر".

كما نشر رواد مواقع التواصل الاجتماعي مقاطع فيديو للمواطن عبد الرحيم سجلها في اللحظات الأخيرة من حياته وقبل اغتياله وهو يتحدث كيف يستخدم ابن سلمان القوة لترحيلهم كما فُعل مع أهل سيناء لإخلاء المنطقة للكيان الاسرائيلي وما يسمى "صفقة القرن"، مؤكداً فيها أن لديه صكوكاً تثبت ملكيته لمنزله. وقال الحويطي إن قوات الشرطة دهمت منزله من أجل إخلائه، وإنه يتم اعتقال المعارضين لهذه الأوامر. واضاف: "جاءت الدوريات ومعها العسكر، ومن يرفض التسجيل أو الترحيل يأخذونه، هذا إرهاب"، لافتاً إلى أن "الشرطة تدهم المنطقة لانتزاع ملكيتها من أهلها في ظل وجود قرار بحظر التجوال".

وأظهرت مشاهد أخرى لحظات الهجوم على منزل المواطن الحويطي من قبل قوات الامن السعودي، بالأسلحة الرشاشة، وكأنّها ساحة حرب. وبيّنت صور أخرى حجم الدمار الذي حل بمنزل الحويطي جراء استهدافه من قبل الأمن السعودي بالاسلحة الرشاشة. ونشر النشطاء صور المنزل بعد تدميره معلقين على جريمة اغتيال الحويطي، وكتب حساب علياء الحويطات: "عبدالرحيم لم يستشهد فقط لأجل أرضه فمثله من الرجال هم صمام أمان الأمة الذي يحفظ دينه وارضه من خيانة عميل نصبه الإستعمار ينهب ارضنا ويدنس مقدساتنا ويجعلها وكر دعارة ومرتع للإسرائيليين".

من جهته نشر الصحفي محمد رفعت تغريدة عن جريمة الإغتيال ومشروع ابن سلمان، قال فيها: "أصحاب أرض مشروع نيوم يتعرضون لتهجير قسري وهي جريمة تقع بصلب اختصاص الجنائية الدولية.. مشروع نيوم مجرد وهم غير قابل للتنفيذ وهو غطاء يمنح به محمد بن سلمان لإسرائيل عنق مكة ومقدسات المسلمين وهو ما يجعل تدخل العالم الاسلامي أجمع لوقف هذا الجرم فرض عين".

وخرج الكثير من النشطاء في السعودية عن صمتهم وخوفهم بعد جريمة اغتيال الحويطي على ايدي النظام معتبرين أن ابن سلمان ضرب المسمار الأخير في نعشه وتجاوز كل الحدود بجرائم القتل التي يقوم بها بحق أبناء شعبه ومنها الجرائم الطائفية التي يرتكبها بحق أبناء القطيف من جرائم قتل وتشريد وسجن وحرمان تطال الاهالي بسبب انتمائهم الديني وتمنعهم من أبسط الحقوق الاجتماعية التي يتمتع بها كل مواطن عادي.

مشروع نيوم الذي أطلقه ولي العهد السعودي على سواحل البحر الأحمر وخليج العقبة، بتكلفة تبلغ 500 مليار دولار يأتي ضمن اصلاحات ابن سلمان في إطار رؤية 2030، التي زادت من مخاوف المجتمع السعودي المسلم بعد ترويجه لمظاهر الفساد عبر حفلات الموسيقى والرقص والمهرجانات المختلطة التي تجول شوارع المملكة في ظل محاولات النظام الشرسة لقمع المعارضة وحملة اعتقالات ومطاردة طالت العديد من المعارضين والصحفيين والدعاة والنشطاء.

ودشن أهالي قبيلة الحويطات التي تنتشر في المنطقة حيث يُراد إنشاء المشروع، في 13 كانون الثاني/يناير الماضي، حملة شعبية عبر مواقع التواصل الاجتماعي بلغت آلاف التغريدات، وهدفها رفض التهجير من منطقة انطلاق "نيوم". وأعرب أبناء الحويطات عن أملهم بإعادة النظر في قرار ترحيلهم من المنطقة، إذ يعز عليهم ترك ديار سكنها آباؤهم وأجدادهم، فيما التقى عدد من أبناء القبيلة الحاكم الإداري للمنطقة فهد بن سلطان وناشدوه الضغط من أجل حق الإقامة، لكنه أبلغهم أنه لا يستطيع مساعدتهم في الدفاع عن أراضيهم.

في سياق متصل، تقول المنظمة الأوروبية لحقوق الإنسان إن الإعلان العالمي لحقوق الشعوب الأصلية الذي صوّتت الرياض لمصلحته عام 2007 ينص في المادة 10 منه على أنه "لا يجوز ترحيل الشعوب الأصلية قسراً من أراضيها أو أقاليمها. ولا يجوز أن يحدث النقل إلى مكان جديد من دون إعراب الشعوب الأصلية المعنية عن موافقتها الحرة والمسبقة والمستنيرة وبعد الاتفاق على تعويض منصف وعادل، والاتفاق، حيث أمكن، على خيار العودة". 

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 7 + 5