عبد الرحيم الحويطي.. السعودي الذي قتله مشروع "نيوم"

2020.04.17 - 10:27
Facebook Share
طباعة

 استند عبد الرحيم الحويطي إلى جدار بيته، وصوّر كلمته الأخيرة، قبل أن ترديه قوات الأمن السعودي قتيلا، في قرية الخريبة بمنطقة تبوك شمال غربي السعودية يوم 13 أبريل/نيسان الجاري.

وقد تناقلت أنباء مقتل الحويطي حسابات سعودية على تويتر نشط بعضها في الآونة الأخيرة للدفاع عن حق أهالي القرية في البقاء بمنازلهم، ورفض التعويضات التي تقدمها الحكومة مقابل إخلاء القرية من سكانها، وبناء مرافق مشروع "نيوم" الضخم الذي أُطلق يوم 24 أكتوبر/تشرين الأول 2017.

ويمتد مشروع "نيوم" على مساحة 26500 كلم2 في أقصى شمال غربي السعودية، وتشترك فيه أيضا أراض مصرية وأردنية على ساحل البحر الأحمر، وخصص له صندوق الاستثمارات العامة السعودي ميزانية قدرها 500 مليار دولار، على أن يضع المشروع آخر لبناته في مدة أقصاها 50 عاما.

وقد نشرت وسائل الإعلام الرسمية السعودية -نقلا عن جهاز أمن الدولة- نبأ مقتل الحويطي بعد يومين من وقوعه، ووصفت القتيل بأنه "المطلوب لدى الجهات الأمنية (...) الذي بادر بإطلاق النار تجاه رجال الأمن، ولم يستجب لكل الدعوات التي وجهت له لتسليم نفسه".

سبب التأخر
يعزو الناشط الحقوقي السعودي فهد الغويدي في حوار مع الجزيرة نت تأخر البيان الرسمي لمقتل الحويطي إلى "أن الحكومة لم تُرد في البداية نشر أي خبر عن حادثة القتل، لكنها اضطرت لإصدار بيانها بعد أن رأت الانتشار السريع والمؤثر للحدث في وسائل التواصل الاجتماعي، والغضب الذي صاحب الفيديو الذي أعدّه الحويطي قبل رحيله"، مضيفا أن البيان "كُتب بارتباك واضح، ولم يشتمل على تفاصيل مقنعة".

في المقابل، أرجعت حسابات سعودية على تويتر موالية للحكومة قتل الحويطي إلى "إرهابه، وخروجه على القانون، ومقاومته لقوات الأمن مراتٍ عدة"، ورأت في وجهه ذي اللحية الكثة مؤشرا على وجاهة الاتهامات الموجهة إليه بالتطرف و"نزع الولاء والانتماء"، وتبنّيه "الفكر الضال".
كما ردت هذه الحسابات الموالية على الوسوم المعارضة لرواية "أمن الدولة" بإطلاق وسم "#الإرهابي_عبدالرحيم_الحويطي" الذي دعا بعض المغردين فيه إلى عدم التعاطف مع القتيل.

ومن طريف التغريدات في الوسم المذكور ما يدعي أن المعارضِة السعودية علياء الحويطي التي مثلت في سنوات سابقة شركة المملكة القابضة التي يملكها الأمير الوليد بن طلال في رياضة الفروسية، هي ابنة القتيل، وهو ما تكذبه سيرة علياء الحويطي المنشورة في موقعها الرسمي على الإنترنت.

حسابات البوتس
والملاحظ على وسم "#الإرهابي_عبدالرحيم_الحويطي" أن عددا من الحسابات التي نشطت فيه، سبق لموقع الجزيرة نت أن كشف في تحقيق له نشر في يوليو/تموز 2019، أنها حسابات مُغذية لروبوتات الإنترنت (البوتس)، والتي من مهامها الرئيسية التلاعب بالرأي العام والإيهام بشعبية موضوع ما.

في المقابل، لم تنتظر حسابات الناشطين والمتابعين لقضية قرية الخريبة والتي يصف أفرادها إجراءات الحكومة بأنها تهجير قسري، صدورَ البيان الحكومي، فسارعوا منذ اللحظات الأولى لانتشار الخبر على تويتر إلى مشاركة الفيديو الذي صوّره الحويطي قبل قتله، والتعليق عليه، مستعرضين ما حدث لمعارضي سياسات ولي العهد محمد بن سلمان داخل البلاد وخارجها، ومنها ما حدث للصحفي السعودي المغدور جمال خاشقجي في قنصلية بلاده بإسطنبول يوم 2 أكتوبر/تشرين الأول 2018.

وقد حمل الفيديو الذي نشره عبد الرحيم الحويطي قبل ساعات من وصول قوات الأمن إلى محيط منزله رسائل سياسية واضحة، وأبان عن معارضة لسياسات ولي العهد إلى حد وصف النهج السعودي الحالي بالصبياني الذي يستمد من الرسوم الكرتونية خبرته، إضافة إلى أن لغة المقطع المصور ذهبت إلى حد الرغبة في مقاضاة الحكومة لدى المحاكم الدولية بسبب إجبارها أهالي قرية الخريبة على ترك منازلهم، رغم رفضهم القبول بالتعويضات المقدمة لنزع ممتلكاتهم.

رسائل الحويطي
رسائل الحويطي رأت في "نيوم" مشروعا يتجلى فيه تفضيل الحكومة لرجال الأعمال الأجانب ورساميلهم على حساب المواطنين، فالحكومة -بحسب القتيل- تنوي بناء المرافق الحديثة للقادمين إليها للسكن أو الاستثمار، على أنقاض البيوت التي يُجبر أهلها على مغادرتها، وهو ما لم يتردد في اعتباره "إرهاب الدولة".
الفيديو الذي نشره الحويطي في قناته على يوتيوب، وحظي بأكثر من 60 ألف مشاهدة، تنبأ بالسيناريو الذي ستعتمده السعودية في حال استخدامها السلاح معه، وهو ما يراه الغويدي "قطعا للطريق على الحكومة السعودية التي لطالما اعتادت استخدام هذه الديباجة في ظل غياب الشفافية والمساءلة القانونية الحقيقية، كأن لسان حال الحويطي يقول: إذا حدث ذلك، فاعلموا أنهم يكذبون".

أضف إلى ذلك أن أسلوب قوات الأمن المصرية في التعاطي مع المعارضين كان واضحا في حادثة قتل الحويطي، حين عرضت الصور المُصاحبة لبيان جهاز أمن الدولة السعودي أسلحة وذخيرة وزجاجات حارقة قيل إنها ضُبطت في بيت القتيل، في حين أنه أحد الأساليب المعتمدة لتبرر بها الحكومات القتل خارج إطار القانون.

ويلفت الناشط السياسي السعودي ناصر القحطاني المقيم ببريطانيا، النظر في حواره مع الجزيرة نت إلى "أن كلمة الحويطي المصورة التي سمت قريته وطنا، تقدم صورة مختلفة عن الولاء التقليدي في السعودية للحاكم، الذي لطالما تغنت به وسائل الإعلام الرسمية وسعت إلى زرعه في عقول الشعب".

ويوضح القحطاني أن الحويطي لم يأت بجديد، لكنه أظهر تصدع النظرة التي كانت تعتبر آل سعود الحل الوحيد لئلا تنجر البلاد إلى صراعات أهلية، خاصة بعد اعتقال المشايخ والمفكرين، واغتيال خاشقجي".

ويرى الناشط أن "رسالة النظام السعودي للمعارضين واضحة بعد مقتل الحويطي، (…) وهي أن كل من يعتقد أن بإمكانه معارضة النظام حتى وإن كان ذلك في الدفاع عن ممتلكاته الخاصة، فإن مصيره القتل وتشويه السمعة".

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 5 + 1