في ظل حرب كورونا!.. ضرورة تدشين صندوق مخاطر لعمال النظافة

علي الفاتح

2020.04.09 - 01:31
Facebook Share
طباعة

 صحيح أن أبناء الجيش الأبيض من الأطباء وطواقم التمريض يتصدرون الصفوف الأولى في مواجهة فيروس كورونا، لكنهم ليسوا وحدهم من يخوض هذه الحرب الضروس؛ ذلك أن لهم زملاء يتقدمون في الخطوط الأمامية لمواجهة هذا العدو وأعنى بهم عمال النظافة وجامعى القمامة.
فإذا كان الطبيب يواجه الفيروس اللعين مباشرة في جسد المريض؛ فإن عامل النظافة وجامع القمامة يصارع كورونا وغيره بشكل يومى وجهًا لوجه وهو أحد العناصر الأساسية في منظومة الوقاية خير من العلاج وهو الأكثر عرضة للسقوط كضحية لكثير من العوامل أهمها افتقاده أبسط احتياطات الأمان علاوة على افتقاده الصوت الذى يعبر عنه ويطرح مشكلاته وحقيقة المخاطر التى يواجهها يوميًا. وإن لوحظ ارتفاع منسوب الوعى لديهم مع ظهور أزمة كورونا؛ فإنه لا يوجد كيان نقابى يدافع عن مصالح هذه الفئة بالشكل المطلوب.
وقد أدى هذا الوضع إلى إهدار حقوقهم المادية بالنسبة لعمال النظافة أو البلدية كما هو شائع، والحق في الرعاية الصحية اللائقة وتوفير مستلزمات الأمان ضد الأمراض والعدوى سواء لعمال البلدية أو جامعى القمامة؛ رغم أن طبيعة عملهم كانت تتطلب توفير مثل تلك المستلزمات قبل ظهور فيروس قاتل مثل كورونا فهم يتعاملون بشكل مباشر مع مختلف أنواع الفيروسات والبكتيريا والفطريات.
ولأن ما قبل كورونا ليس مثل ما بعدها، بات علينا جميعًا كأفراد ومؤسسات رسمية وأهلية التعامل مع الأمر بمستوى التحدى الذى فرضه هذا الفيروس اللعين؛ ذلك أن الظروف التى يعمل فيها عمال النظافة وجامعو القمامة قد تجعل منهم مصدرًا خطيرًا لنشر العدوى بفيروس كورونا على نحو غير مسبوق.
وقد حدثنى مجموعة من عمال هيئة النظافة والتجميل بالقاهرة فرع المرج عن جانب بسيط من المشكلات التى يواجهونها والتى قد تجعل منهم قنبلة فيروسية تهدد المجتمع؛ منها أن فرع المرج لم يحصل سوى على ٩ كمامات ومثلها من القفازات قبل نحو ١٥ يومًا بينما يصل عدد العمال في الوردية الواحدة إلى أكثر من ٢٥ فردا مما اضطر الباقون بالتعامل مباشرة مع مصادر القمامة دون أى عوازل مما يعرضهم مباشرة لخطر الإصابة، وهذه الشكوى تتكرر في أغلب مناطق وأحياء القاهرة.
في السياق نفسه اشتكى بعض العمال من تعنت بعض المسئولين عن كشوف الحضور والغياب، فبينما ينتهى حظر التجوال في السادسة صباحًا لا يراعى هؤلاء المسئولون ظروف العمال القادمون من أماكن بعيدة ليفاجأ العامل بتسجيل اسمه ضمن كشف الغياب إذا وصل إلى مقر عمله بعد الساعة الثامنة صباحًا رغم المعاناة والمشقة التى تكبدها انتظارًا لبدء حركة سير المواصلات العامة من قطارات وحافلات علاوة على ذلك عدم التزام مديرى بعض الأفرع ومنها فرع المرج بقرار منح العاملين والموظفين الذين يقيمون في محافظات بعيدة عن مقار عملهم إجازة ١٥ يوما على خلفية الأزمة.
لا يتسع المجال لسرد التفاصيل المؤلمة التى حدثنى عنها عمال نظافة منطقة المرج من صعوبة الحصول على ملابس الوقاية، وأحذية الحماية التى يطلقون عليها «كزلك» وحتى أدوات العمل ناهيك عن العديد من المخالفات الصريحة في التعامل معهم من قبل مديريهم والتى تحتاج إلى تحقيق مباشر من قبل رئيس الهيئة بعد الاستماع لشكاوى العمال؛ لكن تجدر الإشارة إلى أن رئيس هيئة النظافة والتجميل بالقاهرة اللواء عادل أبو حديد أكد في تصريحات صحفية جانبًا من تلك المشكلات التى تحدث عنها العمال منها عدم توافر الكمامات والقفازات للحماية من فيروس كورونا وقال إنه لم يوفر سوى كميات بسيطة منها في حدود الميزانية المتاحة له والتى لم تتجاوز نصف مليون جنيه والتى لم ولن تسمح بتوفير الكمامات والقفازات بشكل يومى لعشرة آلاف عامل نظافة تابعين للهيئة ويعملون في ٣٨ حى في محافظة القاهرة من التبين وحتى المرج.
ومن المفارقات إعلان رئيس الهيئة زيادة حجم المخلفات والقمامة في محافظة القاهرة بنسبة الضعف بعد أزمة كورونا حيث ارتفعت من ٢٠ ألف طن إلى ٤٠ ألف طن يوميًا أغلبها من مخلفات المطهرات وفائض الطعام، وأن كلا من حى المرج والمطرية قد تجاوزوا المعدلات العالمية في إنتاج المخلفات.
اللواء أبوالحديد قال أيضًا إنه طلب من وزارة المالية تعزيز الميزانية حتى يتمكن من توفير الكمامات والقفازات لعمال النظافة وطالب المجتمع المدنى بمعاونة الدولة في هذا الشأن.
حديث عمال النظافة معى وافق تصريحات رئيس هيئة النظافة والتجميل بالقاهرة وترجمة هذا الحديث يعنى أن عشرة آلاف عامل نظافة في القاهرة وحدها قد يتحولون إلى قنبلة فيروسية تنشر الوباء بشكل مريع إذا لم يسارع كل من الدولة والمجتمع بتوفير ملايين الجنيهات لحماية هؤلاء العمال من الإصابة بفيروس كورونا وهى النتيجة المتوقعة نتيجة لتعاملهم المباشر مع مخلفات المنازل ناهيك عن المستشفيات فعامل واحد مصاب يستطيع نقل العدوى لباقى زملائه ومن ثم تنتقل إلى المخالطين لهم وهكذا دواليك والأمر لا يختلف كثيرًا عند جامعى القمامة، فما زال غالبيتهم يعملون دون قفازات ورأينا نقيبهم «شحاتة المقدس» يطالب الدولة بسرعة التدخل ودعمهم بوسائل الحماية. ومع ذلك لا تزال هناك فرصة لنزع فتيل هذه القنبلة الفيروسية المتوقعة إذا اتخذنا سلسلة من الإجراءات العملية السريعة من بينها توعية المواطنين بضرورة تطهير أكياس القمامة بالمطهرات المتوفرة لديهم قبل التخلص منها، دعوة رجال الأعمال للتبرع لصالح هيئة النظافة سواء في القاهرة أو الجيزة أو غيرهما من المحافظات لتوفير الكمامات والقفازات لعمال النظافة بشكل يومى وكذلك لنقابة جامعى القمامة على أن تتحمل النقابة جانبًا من العبء خاصة أن أعضائها الكبار يحققون أرباحًا كبيرة من عمليات فرز المخلفات وتصنيفها ثم بيع محتوياتها وهذا أمر ليس بخفى على أحد ومن بين جامعى القمامة من يمتلكون ثروات طائلة تمكنهم من التبرع لمعاونة زملائهم.
أخيرًا وليس آخرًا، الدولة مدعوة لتدشين صندوق مخاطر لعمال النظافة على مستوى الجمهورية على غرار الصندوق الذى تم تدشينه لصالح أعضاء المهن الطبية، فالخطر الذى يواجهونه واحد، وكذلك نقابة جامعى القمامة مدعوة هى الأخرى إلى تدشين مشروع مشابه لعلاج أعضائها.

 

المقال يعبر عن راي كاتبه فقط وليس بالضرورة رأي وكالة أنباء آسيا

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 3 + 3