ماجد حبّو يكتب عن : الدستور السوري المأمول

تحدّثت كل القرارات الدولية – الأمم المتحدة – والتفاهمات الدولية في ذات الشأن عن حلول مأمولة للنزاع ( الأزمة السورية ) ، عبر عدة اقتراحات ” إجراءات ” للوصول إلى تسوية ، لذلك :
تغيير دستوري شامل أو جزئي.
انتخابات برلمانية وتشريعية .
انتخابات رئاسية .
وحظي كل بند من هذه البنود، بخلافات ووجهات نظر متباينة من أطراف النزاع السوري ( سياسيين وعسكريين ) , ومع مسار الأزمة تبلورت وجهات نظر متقاربة في عدد مما سبق الإشارة إليه ، مع تفسيرات متباينة نسبياً !!
ولطبيعة الأزمة السورية المدوّلة ، والتداخل الإقليمي البارز فيها , سمحت الأطراف الدولية والإقليمية لنفسها ، التدخل الفاضح في رسم المسار السياسي والقانوني – الشرعي – لمستقبل سورية القادم , وكان أبرزها ” المسودة الدستورية ” ، التي طرحت للنقاش من قبل الاتحاد الروسي، كمحاولة للتفعيل وإبداء الرأي ….
وللإنصاف , هذه ليست المرة الأولى التي يتم التدخل في مسألة ذات شأن سيادي بهذا المستوى ، وليس من قبل الطرف الروسي وحده , بل سبقتها محاولات من أطراف أخرى عديدة – دولية وإقليمية، بل وحتى محلية – لم يكن آخرها محاولة فرض تصوّر سياسي من قبل أطراف سورية للمستقبل السياسي السوري من ” برلماني , رئاسي , فيدرالي … إلخ .
ومما لاشك فيه، أن العقد السياسي السوري، تعرّض في عمر الأزمة الى الكثير من الرضوض والصدمات الموجعه ” والذي كان أصلاً يعاني من عدم استكمال ونضوج ” ، نتيجة الاحكتار السياسي الذي كان سائداً، ومنذ أكثر من أربعين عاماً من استبداد الحزب القائد للدولة والمجتمع !!
والمحاولة الأخيرة ” للراعي ” الروسي ، وعلى الرغم مما رافقها من توضيحات وتبريرات للسياق والدواعي لذلك , لم تخفّف من الرفض ” والتخوّف ” لدى أغلب السوريين عموماً , مع ما تحمله الذاكرة السورية للمصير العراقي من ” دستور بريمر ” ، أو مجرّد محاولة الإشارة إلى شأن سيادي بهذا المستوى .
المسودة الروسية من حيث محتواها ” ربما ” تحمل الشيء الإيجابي في بعض نصوصها !! ، ولكنها تحمل أيضاً إيحاءات ومرامي واضحة ” لعقد سياسي سوري ” جديد تفرضه – وقائع عسكرية دولية أو إقليمية – وليس تفاهماً سياسياً قائماً على ” أٌقله ” صندوق انتحابي نزيه ، وبإشراف دولي كامل ، وبمشاركة كل السوريين .
الأساس الجوهري للأزمة السورية ، هو : المشاركة الحقيقية والجدية لكل الأطراف السورية وقواها السياسية في القرار السياسي السوري .. وبالتالي فمن غير المقبول – وتحت أي ذريعة كانت – القبول بتدخل دولي أو إقليمي ، وحتى محلي في شروط تحكم السورين ككل – الدستور – بحجة ” الواقع الميداني أو العسكري ….
القرار الدولي 2254 ، أشار بشكل واضح إلى حقّ السوريين مجتمعين – سلطة ومعارضة وقوى المجتمع المدني – بوضع دستور جديد قائم على المشاركة السياسية الحقيقية – وليس على أساس المحاصصة الطائفية أو المذهبية أو العرقية ، وحتى المناطقية – ووفق مبادئ ما فوق دستورية، تحفظ للجميع عدم الانقلاب عليهم ، في حال تغيير موازيين القوى ، أو الاستئثار السياسي المحتمل .
الخصوصية المجتمعية السورية : التنوّع والتعايش هما مفتاح العقد السياسي – الدستورالسوري – المأمول والمرتقب , وفي هذا السياق تكون الدولة الوطنية الديمقراطية العلمانية السورية ، هي المدخل لتحقيق الطموح .
يدرك كل السوريين ، المخاطر الإقليمية والدولية لطموحاتهم المرجوة في هذا السياق !!! فهناك من يدفع باتجاه دولة دينية وفق محاصصة !! وهناك من يدفع باتجاه إعادة إنتاج الاستبداد مع القوى الاستبدادية المحلية الصاعدة ” المجموعات العسكرية المتعددة ” !! وهناك من يدفع باتجاه أحلاف سياسية دولية ، مقابل أحلاف أخرى !!!
لايمكن اليوم للسوريين ، القبول دون الطموح الذي ينزعون إليه , في ظل الإمكانية المتاحة لهم، وبالتأكيد في ظل الأخطار الجدية ، التي تهدد الوطن السوري ككل في الضياع . .
ماجد حبّو (معارض سوري)