أسواق البضائع المستعملة في لبنان تنشط من جديد

2024.04.19 - 01:32
Facebook Share
طباعة

تعود ظاهرة انتشار أسواق البضائع المستعملة في لبنان إلى ما قبل بدء الحرب الأهلية عام 1975، وفي بعض المناطق كطرابلس انتشرت هذه الظاهرة منذ عام 1950، ثم توسعت تدريجيا في السنوات الماضية حتى وصلت إلى كل المناطق والمحافظات.

 

وتصل الأغراض والسلع المستعملة إلى الزبون بعد رحلة طويلة، تبدأ بمراكز بيع السلع المستعملة المنتجة في الدول الأوروبية غالبا، وتمر بمستوردي هذه السلع، لتصل إلى التجار في الأسواق، ومنهم إلى المستهلك.

 

ثمة مفهوم خاطئ عند بعض الناس، وهو أن السلع والبضائع المستخدمة سابقًا حكر على شريحة معينة من الناس، أي للفقراء فقط، هذا المفهوم صحيح نوعا ما، لكن الأوضاع تغيرت، خاصة بعد أن دخلت تلك البضائع، سواء كانت أثاثًا أو أدوات منزلية وكهربائية وملابس وغيرها، الآتية إلينا من دول أوروبية وأجنبية في تنافس مع غيرها من البضائع

الأقلّ جودة، وتحولت أسواقها إلى مرتع للأهالي الباحثين عن جودة البضاعة بأسعار زهيدة، سيما لاحتوائها ميزات غير متوفرة في السوق المعتادة.

 

واقع اجتماعي جديد تتلمسه في سوق البضائع المستعملة التي توسعت رقعتها في الآونة الأخيرة في مختلف المناطق اللبنانية بسبب النزوح السوري من جهة، وارتفاع نسبة الفقر، وغلاء الأسعار، والمستجد أخيرًا في المناطق الجنوبية النازحين الذين اضطروا لمغادرة منازلهم ولجأوا إلى بيوت قد يحتاجون فيها لشراء حاجيات ضرورية من أثاث وأدوات

كهربائية يستخدمونها ريثما تنطفىء الحرب ويعودون أدراجهم، فهؤلاء يبحثون عن البضائع ذات الكلفة المتدنية ويغضون النظر في أغلب الأحيان عن مدى جودتها ومتانتها باعتبارها للاستخدام المؤقت.

 

واللافت في هذه الأسواق نشاطها في محافظات الجنوب مؤخرًا بعد الحرب وما يثير الدهشة أيضًا هو عرض بعض المواطنين أغراضًا وممتلكات لهم بالمجّان لمن يحتاجها من النازحين عن القرى الحدودية، وقد رصدنا هذه المبادرة لدى إعداد التقرير في كثير من قرى وبلدات جوار النبطية، الظاهرة التي صوّرت التكافل والتآخي والعيش المشترك بأبهى

حُلله.

 

قصدنا سوق الأثاث المستعمل في صيدا الذي يشهد تاريخه منذ السبعينات بأنّه كان ولا يزال مقصدًا للباحثين عن الأثاث الأثري أو التراثي أو للساعين إلى شراء الأثاث المستعمل بسبب الضيق الاقتصادي، وكلاهما يبلغان غايتهما في هذا السوق، يحدثنا العم أبو خالد، الذي أفنى شبابه في سوق البضائع المستعملة، عن أيام ازدهر فيها عمله عقب الحرب وفترة

من الركود شهدها السوق بعد ثبات سعر صرف الدولار والاستقرار الاقتصادي ليعود السوق، بعد الأزمة الاقتصادية وجائحة كورونا والحرب وظاهرة النزوح التي نتجت عنها، الى الانتعاش فمن لديه أثاث يستغني عنه باعه في سوق المستعمل ليفكّ ضائقته المالية ومن أراده بثمن قليل مطلبه هنا، ولا يزال هذا السوق نشط حتى اليوم.

 

بين ضجيج المارة والنقاشات في الأزقّة بين التجار والزبائن والبضائع المكدسة على أرصفة المتاجر وداخلها، أيّام تشهد على شعبٍ تمرّس في التكيّف مع ظروفه الصعبة يلجأ إلى التحايل على الزمن والصعاب، يقصد "سوق المستعمل" في البحبوحة بحثًا عن المتانة والعراقة ويطوف فيه أثناء فقره وضائقته سعيًا للاقتصاد و"التوفير على الجَيب"، الأمر

الذي جعل من هذا السوق ملجأً آمنًا للمواطن في السراء والضراء. 

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 3 + 2