الجنوب يتزيّن لاستقبال العيد رغم التهديد

مايا عدنان شعيب/ خاص وكالة أنباء آسيا

2024.04.05 - 02:14
Facebook Share
طباعة

 
على مشارف قدوم عيد الفطر المبارك بعد أيّام، ازدهرت الحركة في الأسواق التجارية جنوبًا، فهنا لا بدّ من الاحتفال بعيد الفطر بعد صيام شهر رمضان رغم الحرب والخوف
 
والدمار وأصوات القذائف والغارات… 
 
على مسافة ليست ببعيدة عن مناطق المواجهة مع العدو  الاسرائيلي تستعد منطقة النبطية والجوار لاستقبال عيد الفطر بالزينة والأضواء، فالشوارع مزدحمة بعد الافطار
 
والحركة التجارية التقطت أنفاسها بعد الركود الذي رافق الاعتداءات الاسرائيلية والظروف الصعبة التي أرخت بثقلها على كافة فئات المجتمع، فهل حقًا وراء هذه الزحمة
 
اقتصادًا حيًا أم أنها "حركة بلا بركة كما وصفها البعض"؟
 
وهل وراء الزينة والأضواء أناس فرحون بقدوم العيد أم أنها "فقط مظاهر بهجة كي لا نفقد الأمل بالفرح والأعياد"؟
 
 
للاطلاع على رأي الشارع ومشاركة الناس همومهم وهواجسهم كان لنا في وكالة أنباء آسيا جولة في سوق النبطية التجاري مساءً، فالأسبوع الأخير من شهر رمضان له
 
متعة فريدة في التسوّق مساءً، هنا المحال التجارية قد شعشعت أضواءها وشرّعت أبوابها، والباعة المتجولون نزلوا بعرباتهم وبضائعهم إلى أرصفة المدينة يعرضون كل ما
 
قد يحتاجه الناس من مأكل ومشرب وملابس وزينة وورود…
 
 
المدينة التي لم تزل ترفل بزينة رمضان وأثوابه الزاهية وجاء العيد ليزيدها جمالًا وألوانا، المفارقة هذا العام أنّ الزينة قد اختلفت في معانيها، إذ كان لافتًا خلال جولتنا في
 
الأحياء المتفرعة من الشوارع الرئيسية، تزيين بعض الأحياء والشوارع بصور الشhداء وأسمائهم، الذين قضوا في المواجهة مع العدو أو غدرًا بسلاحه المسيّر، واستوقفنا
 
بعض الفتية والفتيات يشاركون في تزيين شارع لحيّ فقد شhداء من أبنائه لنسألهم عن رمزية هذا العمل فأجاب أحدهم: " كي لا ننسى أنّ لهؤلاء الفضل علينا في بقائنا في
 
مدينتنا واحتفالنا في العيد فلولاهم لم ننعم بصيام رمضان ولا باستقبال العيد".
 
 
أما في الناحية الأخرى حيث الشارع الرئيسي للمدينة والذي يعتبر المركز والثقل التجاري فيها فزحمة السيارات وضجيجها علا على أصوات الباعة والمشاة.
 
حاولنا استطلاع عامة الناس ممن يتجولون بين المحال التجارية لشراء ملابس العيد وسألناهم عمَا إذا كانت الأسعار مناسبة؟ أم أن العيد يختلف هذا العام عن السابق؟ فكان
 
الأغلب يجيب بأن شراء ملابس العيد وإظهار البهجة أمر لا مفرّ منه لاسيما للأطفال، إذ لا بد من إدخال السرور إلى قلوبهم بالملابس الجديدة ولو أنّ ربّ العائلة يكابد في
 
تأمين ثمنها و"يحسب حسابها من اليوم الأول لرمضان" نظرًا لسوء الأوضاع المعيشية بشكل عام وكثرة الضغوطات التي تعانيها الأسر، السمة العامة التي ظهرت على
 
الوجوه كانت البسمة حينًا والغصّة حينًا آخر، إذ صادفنا في مسيرنا وبالصدفة أثناء الحوار مع المارّة، ممن نزحوا عن بلداتهم المحاذية للحدود مع فلسطين المحتلة، بلدات
 
المواجهة والصمود، أولئك الذين عبّروا عن وجعهم وغصتهم لمغادرة ديارهم واستقبال العيد بعيدًا عن الأهل والجيران، أجاب البعض منهم عن "اضطرارهم للاحتفال بالعيد
 
وشراء ملابس للأطفال الذين عانوا النزوح وفراق الأهل والجيران والأصدقاء، إذ يعتبر العيد فرصة للترويح عن أنفسهم وإسعادهم".
 
 
أمّا أصحاب المحال التجارية فكان لنا معهم حوار من نوع آخر فهم "المتّهمون من الناس باستغلال المناسبة لتحقيق الأرباح ورفع الأسعار"!
 
دخلنا إلى متجر للملابس يبيع منها لمختلف الأصناف والأعمار، وقمنا بجولة على الأسعار وأخذنا رأي بعض الزبائن لديه الذين اشتكوا من الأسعار المرتفعة في أكثر المحال
 
التجارية في المدينة، نقلنا شكواهم إلى صاحب المتجر الذي نفى أن يكون قد زاد من نسبة الأرباح أو الأسعار وأشار م.ح. صاحب المتجر والذي يتواجد منذ ما يزيد على
 
عشرين سنة في السوق بأن غلاء الأسعار مردّه إلى غلاء البضاعة والجمارك والإيجارات ومصاريف العمّال وغيرها، وأنّ الحالة المادية للناس ليست كالسابق بسبب ارتفاع
 
سعر صرف الدولار والغلاء المعيشي، وهو الذي وصف لنا زحمة السوق والمارّة والسيارات بأنها"حركة بلا بركة" إذ ليس الجميع يأتي ليتسوق بقدر ما يتجول للترفيه
 
والترويح عن نفسه أو لعدم قدرة الكثيرين على تحمّل متطلبات العيد.
 
 
 
 
 
 
إلا أنه ورغم ذلك كلّه لاحظنا أنه هناك مبادرات فردية وجمعيات أهلية قد أخذت على عاتقها تأمين كسوة العيد للعوائل المتعففة، وصادفنا نماذج من شابات وشبان يرافقون
 
أطفالًا وفتية ليشتروا لهم ملابس العيد بإيعاز من جمعيات محلية أو مبادرات فردية كما وصفها لنا الشاب هادي.غ الذي أشار إلى أنه منذ يومين وحتى نهاية الأسبوع لديهم
 
برامج بعد الإفطار لإنجاز تأمين كسوة العيد للعوائل المتعففة لاسيما للأطفال.
 
 
تلك الجولات رغم ضجيجها وأضوائها، رغم حلوها ومرّها تعيدنا إلى الفطرة، إلى البهجة التي زُرعت في نفوسنا منذ الصغر في استقبال عيد الفطر المبارك، فرغم الحرب
 
والخوف والنزوح والأوضاع المعيشية التي كابدها الجنوبيون، تراهم يصرون على تزيين شوارعهم بألوان الحياة وأضوائها، ليزرعوا البسمة والأمل على الوجوه، فالمعاناة
 
هنا لم تفرق بين كبير وصغير وكذلك العيد أيضًا، فقد جاء لهم بفرحتين فرحة الإفطار بعد صيام الشهر الفضيل وفرحة تكتمل بشائرها بهزيمة المحتل والعودة إلى الديار ليثبت
 
الصامدون للعالم بأنّهم شعب لا يحب الحياة فقط بل يحياها ويستحقها.

 

 

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 4 + 7