في ظل الظروف الاستثنائية لهذا العام كيف تتحضر مدينة النبطية لاستقبال شهر رمضان؟

مايا عدنان شعيب / خاص وكالة أنباء آسيا

2024.03.07 - 09:55
Facebook Share
طباعة

على أعتاب شهر رمضان المبارك يستعد القيّمون على النادي الحسيني في مدينة النبطية برعاية إمام المدينة الشيخ عبد الحسين صادق لاستقبال الشهر الفضيل، ويعملون كخليّة نحلٍ في سبيل إنجاز برنامجهم الرمضاني السنوي الذي يتشعّب ليشمل النواحي العبادية والخيرية والترفيهية على حدّ سواء.

ولأنّ هذا العام استثنائيٌ في لبنان وخاصة في الجنوب الذي يعاني أهله منذ بدء عملية طوفان الاقصى مرارة الاعتداءات الاسرائيلية ويدفعون الأثمان لمواجهة العدو، كان لمدينة النبطية، مدينة الصمود والمقاومة، حصّة لا يستهان بها من جهود دعم صمود الأهالي من جهة واستقبال المواطنين النازحين من قرى المواجهة مع العدو من جهة ثانية.

عن البرنامج الاستثنائي الذي يحضّر له النادي الحسيني لمدينة النبطية، كان لوكالة أنباء آسيا لقاء مع نجل إمام المدينة السيد مهدي صادق ليحدثنا تفاصيل الاستعداد والخطة الموضوعة لاستقبال وإحياء الشهر الفضيل للعام 2024.

استهلّ السيد مهدي صادق حديثه بالإشارة إلى الخصوصية التي يتمتع بها شهر رمضان الفضيل في مدينة النبطية التي تحيي هذا الشهر باعتباره محطّة مهمة في كل عام وفرصة لإحياء الشعائر، وجمعِ شمل الأهالي في لياليه، والحرص على أن تكون موائد الإفطار عامرة بالخير والمحبة يلتف حولها الصائمون ويضاعِف بيركتها أجرُ الخيّرين.

البرنامج الرمضاني للنادي الحسيني لهذا العام يحمل سمة جديدة أضفت عليه طابعًا من الرحمة والتكافل والتآخي الاجتماعي، نعني هنا الوافدين من قرى المواجهة الذين أضفوا على هذا الشهر برَكة بحضورهم بين أهلهم وفي مدينتهم كما عبّر صادق في معرض كلامه عن مشاركة النازحبن سكان مدينة النبطية لشهر رمضان هذا العام، فمدينة النبطية تستقبل حوالي 800 عائلة ممّن اضطروا للنزوح عن القرى المتاخمة للحدود مع الأراضي الفلسطينية المحتلة بعد حرب غزة جراء اعتداءات العدو المتواصلة على قراهم، وبالتالي فإن الناشطين في العمل الاجتماعي والخيري أمام مهمة وجهود وتحدّيات مضاعفة، تذللت صعابها بالأيدي الخيّرة لأبناء المدينة لاسيما المغتربين منهم، كما لا يُخفى الدور الكبير للمرجعية الدينية في النجف الأشرف التي تواكب بثقة ومسؤولية وأمانة متابعة شؤون المواطنين في المدينة على أبواب الشهر الفضيل دون إغفالها خصوصية الظروف الصعبة التي يواجهها الجنوبيون هذا العام، فتسعى إلى دعم المشاريع الخيرية والدينية والاجتماعية في سبيل ترسيخ واستمرار إحياء شعائر شهر رمضان المبارك ودعم صمود الأهالي.

يحدثنا صادق بداية عن البرنامج العبادي الذي ينظمه النادي الحسيني لأبناء المدينة والمقيمين فيها، والذي يشمل جميع الفئات العمرية بدءًا من تنظيم حلقات دينية تثقيفية يوميًا في النادي الحسيني إضافة إلى إقامة صلاة الجماعة للنساء والرجال، أضف إلى ذلك المسابقات الدينية التي تهدف الى الثقافة الترفيه والربح في آن معًا، كما يتم إحياء المناسبات التي يتخللها هذا الشهر لاسيما ليالي القدر، ويحرص القيمون على النادي الحسيني على إقامة حلقات حفظ وترتيل وتفسير للقرآن الكريم للناشئة.

أما عن البرنامج الاجتماعي الرمضاني فإن هذا البرنامج يشمل سلّة من الأعمال الخيرية التكافلية، بدءًا من مبادرة "رمضاننا واحد" بعد أن نجحت في العام المنصرم وساهمت في توفير الدعم العيني للعوائل المتعففة وذلك عبر مساهمة تجار النبطية في مختلف مجالاتهم بمساهمة مادية تقدّر بنسبة ١٪؜ من أرباح يومهم، وسيكون من ضمن عمل اللجان المعنية بشؤون تأمين مائدة الإفطار للمساكين والمعوزين والعوائل المتعففة في المدينة، تأمين حصص من الدجاج واللحوم النيئة والألبان والأجبان، أي ما تفتقده الحصص الغذائية الني يقوم عادة الخيّرون في المدينة والجمعيات الأهلية بتوزيعها وذلك بهدف تكامل السلة الغذائية وعدم حصول إرباك حول كمية ونوعية المواد الغذائية التي تصل للعوائل، أما عن "كسوة العيد" فكما جرت العادة يؤمن النادي الحسيني كسوة العيد لما لا يقل عن 300 من الأطفال.
وعن "زينة رمضان" وما يرافقها من أجواء تنشر البهجة والسرور وتضفي أجواء الحياة على شوارع وأبنية المدينة، فقد شدّد صادق على العمل على إقامة هذه الزينة ولو بمظهر يتناسب مع الأوضاع الراهنة التي يمرّ بها الجنوب وأهله، إلا أنه لا بد من الاستمرار في نشر أجواء الفرح والسرور للترفيه عن نفوس المواطنين الذين أرهقتهم الأحداث الأخيرة لاسيما الأطفال والناشئة، فزينة رمضان والعيد تضفي أجواء من الفرح وتدخل السرور إلى قلوب الأهالي وتبثت من جديد إصرار الجنوبيين على الحياة والإقبال على مناسبات الفرح والبهجة رغم الحروب والدمار، وهذا يندرج في مفهوم تنشئة أبنائنا وتفاعلهم مع مظاهر الفرح والاحتفال، على عكس ما يدّعيه البعض بأننا نربي أطفالنا على ثقافة الموت والحزن والدموع،على حدّ تعبير صادق الذي أضاف أنه سيكون هناك أنشودة رمضانية خاصة بالمدينة سيتم توزيعها على وسائل التواصل فاهتمام النادي الحسيني بفئة الأطفال أساسي وهامّ، لذا سيكون لهم في "ساحة البيدر" أي الملعب البلدي زاوية مسرحية تحوي شخصيات رمضانية لاسيما شخصية "رمضون" التي رافقتهم العام الماضي وأضفى المختصون عليها سمات جديدة بهدف زيادة تفاعل الأطفال مع تلك الشخصيات، ولرسم البسمة على وجوههم، ولا يكتمل شهر رمضان في المدينة بلا مدفع الإفطار الذي يطلق يوميا عند حلول موعد آذان المغرب، وال"مسحّراتي" الذي سيتولى مهمته مجموعة من الشبان يتوزعون في أحياء المدينة لإيقاظ السكان لتناول سحورهم، والخاصية هذا العام ستكون بالعادة التقليدية للمسحراتي أي بالتجول سيرًا على الأقدام في الأحياء وأزقّة المدينة واستخدام الطبل والتواشيح الدينية المأثورة.

جملةٌ من الأنشطة العبادية والاجتماعية والترفيهية متكاملة، تجتمع لرسم الفرح والبسمة على وجوه الأهالي وإدخال السرور إلى النفوس قد أخذت الجمعيات الأهلية والمحلية وغيرها من المبادرات الفردية لأهالي المدينة على عاتقها إنجازها في استقبال وإحياء شهر رمضان المبارك ليكون محطّة خير وحب وتكافل ليثبت في كل عام أنّ المِحَن التي تواجهنا في هذا الوطن إنما هي حجار عثرة نزيلها بالإيمان والمحبّة وأنّ في الجنوب شعب صامد محبّ للحياة وفعل الخير لا تفيض نفوس أبنائه إلا رحمةً وتسامح.

أخيرًا وليس آخرًا كل التحايا للأيادي البيضاء والنفوس الخيّرة، جعل الله هذا الشهر مناسبة للسلام والأمن والسكينة وأعاده على وطننا والعالم بكلّ خير وأمان. 

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 7 + 5