هل دخلت الحرب منحىً جديدًا بعد الاغتيالات والتفجيرات الأخيرة؟

مايا عدنان شعيب

2024.01.04 - 07:57
Facebook Share
طباعة

 لعلّ الفجوة في العلاقات الاسرائيلية-الاميركية باتت أكثر من واضحة ولن يستطيع الاطراء الصحفي بين الطرفين اخفاءها لاسيما وأنّ الولايات المتحدة  الاميركية لن تسمح للكيان الاسرائيلي بجرها لحرب تهدد مصالحها التي كرسها وزير الخارجية الامريكي الأسبق هنري كسنجر في الشرق الأوسط، وعليه فإن اميركا هي التي تقرر سياستها وحروبها في المنطقة بما يخدم مصالحها الاقتصادية والاستراتيجية وليس دولة الاحتلال الاسرائيلي، لاسيما وأن موقف أميركا في إدارة الحرب حاليًا يميل إلى حصر منطقة الصراع وعدم توسيع رقعتها ورغبتها في تفادي التوتر في الخليج العربي والبحر الأحمر خصوصًا، إذ أنّ التحالف الدولي الذي راهنت عليه الولايات المتحدة الاميركية قد سقط وشكّل صفعة جديدة لها في المنطقة لانها ارادت أن تظهر أن ضربات جماعة أنصار ال له في اليمن موجّهة للملاحة الدولية فيما تبين لاحقًا أن تلك الضربات لم تستهدف سوى مصالح كيان العدو، في هذا الإطار يعدّ سحب حاملة الطائرات "فورد" مؤخرًا من المتوسط والذي أثار استياءً عارمًا في أوساط العدو الداخلية، إنما هو رسالة حرب ناعمة من بايدن ل نتنياهو لردعه نوعًا ما عن توسيع رقعة الحرب، لاسيما بعدما نقلته صحيفة نيويورك تايمز عن مسؤولين أمريكيين وإسرائيليين ب" أن المحادثات الاخيرة بين بايدن ونتنياهو باتت أكثر توترًا وحدّة"، هذه التطورات وزيارة بلنكين للمنطقة ترسم الى حد ما خططًا جديدة للصراع الفلسطيني-الاسرائيلي، وربما ترسم أيضًا مشهدًا جديدًا في سياسات حكومة العدو الحالية او القادمة.


أما بعد اتّهامه باغتيال القائد في الحرس الثوري رضي الموسوي في دمشق و نائب رئيس حركة ح م ا س الشيخ صالح العاروري في الضاحية الجنوبية لبيروت، بعد أن وجهت كل من إيران وح م ا س أصابع الاتهام إليه، بات لا يخفى على أحد أنّ  الكيان الاسرائيلي يعلم بأنّ الرد قادمٌ لا محالة سواء من لبنان أو في مناطق تواجد مصالح العدو في دول مختلفة من العالم، فهل يعطي حزب الل له مساحة للم قاومة الفلسطينية للرد من جنوب لبنان؟ وهل يخرج عن قواعد الاشتباك السابقة؟ 


كل ذلك مرهون بقرار نتنياهو وحكومة العدو بتوسيع رقعة الحرب حيث يرى المراقبون أنه اذا استمر العدو الاسرائيلي بعمليات الاغتيال لقيادات الم قاومة سيكون الرد بتثبيت قواعد الردع والاشتباك الحالية هو الأجدى، بصرف النظر عن التوقيت ونوعية ذلك الرد وإلا فسوف تنقلب قواعد الاشتباك وتتحول دول محور الم قاومة الى ساحات تفجير واغتيالات ، ويرجح محللون أن الم قاومة الفلسطينية تضع في الأولوية الأهداف العسكرية سواء في الاراضي المحتلة او خارجها، وعليه فإن الرد سيكون على الأرجح للم قاومة الفلسطينية من داخل الاراضي الفلسطينية بعمليات نوعية تستهدف شخصيات اسرائيلية عسكرية او أمنية، وحتى الآن لم تزل حماس تتحفظ على التهديد وذلك ضمن تفكيرٍ أمني عقلاني وانضباطي ولم تلوح حتى الآن أيضًا بأي تهديد بالأسرى الاسرائيليين لديها،على الرغم من أنّ اغتيال العاروري يدين العدو أكثر فأكثر في حرب إبادته المتعمدة في غزة ويفضح مشروعه التهجيري القسري للغزاويين لاسيما أن معلومات مؤكدة تحدثت عن حوار بين إسرائيل والكونغو حول استقبال المهجرين من غزة في وقت فشلت قواته العسكرية هناك فشلًا ذريعًا استخباراتيًا وأمنيًا، الأمر الذي منعه من تحقيق الوصول او  اغتيال لقادة ال مقاومة في قطاع غزة، في ظل تلك المعطيات، وبعد التفجيرات التي ضربت ايران بعد اغتيال السيد رضوى الموسوي في دمشق وبعده صالح العاروري في بيروت وآخرها التفجيرات التي طالت كرمان وأودت بحياة  ما يفوق ال المائة زائرٍ من زوار ضريح قاسم سليماني في كرمان في ذكرى استشهاده، يبدو أن الحرب الغير تقليدية بين "إسرائيل" وإيران من تفجيرات واغتيالات متنقلة هو رسالة واضحة بأن العدو يلاحق مشروع سليماني ومحور الم قاومة أنّى يتواجد، سواء في سوريا او لبنان او العراق، هذه التفجيرات صرح مصدر إيراني لوكالة أنباء آسيا أنها من فعل العدو الاسرائيلي تنخرط في سياق اتهام العدو الاسرائيلي لإيران بالتخطيط والاعداد لعملية "طوفان الاقصى" الذي تعتبره الكيان الصهيوني ثمرة جهود قاسم سليماني، وعلى ما يبدو فإن الصراع الجديد سينحصر الى حدٍّ ما في الرد بحسب قواعد الاشتباك بالتوازي مع عمليات اغتيال نوعية ومتنقلة للقيادات الم قاومة إلا اذا تفلتت الأمور في لحظة جنون من قبل نتنياهو وحكومته في توسيع رقعة الحرب وتوريط المنطقة في أتون حرب طاحنة لا يعرف مداها…


أين روسيا من هذه الحرب؟ 

يرى الروس بأن ضعف النفوذ الامريكي في المنطقة هو مكسب مجاني لهم وأن اميركا الآن في المستنقع والذهاب الى حرب شاملة سيكون من مصلحة روسيا وتخفيف من الضغط على جبهة اوكرانيا، على عكس أميركا التي تسعى إلى الحد من تطور الأمور وتفلّتها وتقليص تواجد جنودها العسكري في الشرق الأوسط لعدم توريط مسؤوليها داخليًا


على مشارف الانتخابات الرئاسية، وعلى الرغم من أن روسيا حتى الساعة لم تعلن برغبتها بالحرب او صدام مع الكيان الاسرائيلي، فإن هذه السياسة لها تجعل من سوريا مسرحًا للعمليات، وذلك تبعًا للحدود التي تضعها روسيا لنفسها في دعم حلفائها ضمن جدول واستراتيجية واضحة  تجنبها الدخول في حرب مع العدو الاسرائيلي، ولا يستغرب ذلك فتاريخ العلاقات التاريخية بين الدول العربية والاتحاد السوفياتي سابقًا حافلٌ "بالعتَب".


في ظل سخونة الاوضاع في المنطقة بأكملها يبقى الهاجس الأمني والترقب سيدَي الموقف، والمتابعون يترقبون خطابًا من هنا وتصريحًا من هناك علّهم يستشفّون شيئًا من الطمأنينة في بلاد تتقلب على صفيحٍ ساخن.

 

المقال يعبر عن رأي الكاتب

 

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 1 + 5