الآلاف يتظاهرون في فرنسا ضد مشروع “نظام التقاعد”

2023.03.12 - 08:42
Facebook Share
طباعة

 خرج المتظاهرون مجدداً إلى الشوارع في باريس، السبت 11 مارس/آذار 2023، بدعوة من النقابات العمالية الفرنسية في جولة سابعة من الاحتجاجات ضد إصلاح نظام التقاعد قبل أسبوع حاسم، تأمل الحكومة أن يتم خلاله تبني التعديل المثير للجدل بشكل نهائي في مجلس الشيوخ بعد مسار برلماني مضطرب، بحسب وكالة الأنباء الفرنسية.

مصادر في الشرطة الفرنسية قالت إنها تتوقع مشاركة ما بين 800 ألف إلى مليون شخص في 230 احتجاجاً من المزمع تنظيمها في أنحاء البلاد، منهم ما بين 70 إلى 100 ألف متظاهر؛ حيث بدأت المظاهرات عند الساعة 14:00 انطلاقاً من ساحة الجمهورية وصولاً إلى ساحة الأمة.

وعن الاحتجاجات والإضرابات، قالت إيلودي بوساري، وهي معلمة ونقابية من مرسيليا خلال احتجاج الجمعة: "لا أزال مصممة للغاية لأنه لدينا الخبرة مع القوانين السابقة التي تم إلغاؤها لاحقاً". تضيف فيرجيني أكليوات من الفيدرالية النقابية الموحدة: "لن نستسلم وسنواصل الكفاح حتى يتم التخلي التام ببساطة عن مشروع الإصلاح".

كانت النقابات قد حققت الثلاثاء، مشاركة قياسية لمعارضي الإصلاح، إذ بلغ عدد المتظاهرين 1.28 مليون شخص بحسب وزارة الداخلية وأكثر من ثلاثة ملايين وفقاً للنقابات.

والسبت هو سابع يوم من تحركات مستمرة منذ 19 يناير/كانون الثاني ضد هذا الإصلاح بما يحمله من رفع لسن التقاعد من 62 عاماً إلى 64 عاماً، الأمر الذي تعارضه غالبية الفرنسيين، وفقاً لاستطلاعات الرأي، معتبرة أنه "غير عادل" خصوصاً بالنسبة للنساء والعاملين في الوظائف الشاقة.

في السياق ذاته، قال متحدث باسم توتال إنرجيز إن الشركة لم تتمكن من تسليم الشحنات من مصافي ومستودعات النفط الجمعة، في ظل تمديد العمال لإضرابهم لليوم الرابع. وأفاد المتحدث بأن حوالي 40% من العاملين في المصافي في نوبات العمل الصباحية يواصلون الإضراب.

كما تعطَّلت عمليات التسليم في مصفاة فوس، التي تديرها شركة إسو التابعة لإكسون موبيل، حسبما قال متحدث باسم اتحاد نقابات (سي.جي.تي) للعمال. وتابع المتحدث: "تم وقف الإضراب في ميناء جيروم منذ الأربعاء، لكننا نأمل في إعلان إضراب آخر الأسبوع المقبل".

واستمرت الاضطرابات أيضاً في موانئ الغاز الطبيعي المسال، حيث قالت شركة فلوكسيس إن العمل توقف في رصيف ميناء دنكيرك ومنطقة تحميل الشاحنات، وانخفضت طاقة التسليم إلى الحد الأدنى. وتتوقع فلوكسيس استمرار الاضطرابات حتى الثلاثاء.

كما قال المتحدث باسم "سي.جي.تي" إن إمدادات الطاقة الفرنسية انخفضت أيضاً 14.4 غيغاوات في محطات الطاقة النووية والحرارية والكهرومائية. وتواصلت حالات انقطاع التيار الكهربائي لأكثر من أسبوع.

يأتي ذلك بينما أظهرت بيانات من شركة "آر.تي.إي" المشغّلة لشبكة الطاقة أن هذا يعادل 25% من إجمالي إمدادات الطاقة الحالية. ومع ذلك، لم تستورد فرنسا الطاقة من جيرانها، مما يشير إلى أن العرض المحلي يلبي الطلب.

ونشرت شركة كهرباء فرنسا تنويهاً بشأن إضراب آخر من مساء الثلاثاء 14 إلى مساء الأربعاء 15 مارس/آذار.


والأربعاء، أقر مجلس الشيوخ الفرنسي، الذي يهيمن عليه اليمين، مادة رئيسية في المشروع تنص على رفع سن التقاعد من 62 إلى 64 عاماً، إثر معركة إجرائية حادة مع اليسار. وصوّت 201 من أعضاء المجلس لصالح رفع سن التقاعد، مقابل 115 عضواً صوّتوا ضده.

ولجأ وزير العمل أوليفييه دوسو إلى سلاح دستوري (المادة 44.3 من الدستور) الجمعة، لعرض النص على مجلس الشيوخ الذي سيصوت على مشروع القانون بأكمله مع الإبقاء على التعديلات المقترحة أو المقبولة فقط من قبل الحكومة بحلول الأحد، المهلة التي حددتها بنفسها.

ورداً على هذا القرار، حذّر اتحاد العاملين في مجال الطاقة من "تصعيد الغضب". في المقابل، قال ماكرون في رسالة إلى الاتحاد النقابي الخميس، إن الحكومة ستبقى "مستمعة" بشأن هذا الإصلاح، مؤكداً أنه ضروري.

واختارت الحكومة الفرنسية رفع سن التقاعد القانوني استجابة للتدهور المالي الذي تشهده صناديق التقاعد ولشيخوخة السكان.

الاحتجاج لا يزال قوياً
وتعتبر فرنسا من الدول الأوروبية التي تعتمد أدنى سن للتقاعد من دون أن تكون أنظمة التقاعد قابلة للمقارنة مع غيرها من الدول بشكل كامل.

وأعلنت الحكومة الإسبانية الجمعة اتفاقاً بشأن كيفية احتساب المعاشات التقاعدية، وفقاً لطلب المفوضية الأوروبية مقابل أموال خطة التعافي الأوروبية، مما يعني اعتماداً أكبر على ذوي الدخل المرتفع.

وفي مواجهة التهديد الذي تشكله شيخوخة السكان، أعلنت مدريد في نوفمبر/تشرين الثاني 2021 عن اتفاقية واسعة تنص على زيادة المساهمات من دون رفع سن التقاعد القانونية، على أن يتم رفعه إلى 67 في 2027.

ويرهن الرئيس الفرنسي جزءاً كبيراً من رصيده السياسي بإقرار هذا الإجراء الذي يسمم ولايته الثانية، مؤكداً بذلك رغبته المعلنة في الإصلاح الذي يعكس في الوقت نفسه، استياء جزء من الفرنسيين ضدّه.

وأظهر ماكرون حزمه عبر عدم قبوله بمقابلة النقابات، معتبراً أنه "وقت البرلمان"، بعد "المشاورات التي أجرتها" رئيسة الحكومة إليزابيت بورن والتعديلات التي أضيفت على النص.

ومساء الجمعة، أعلن أن إصلاح نظام التقاعد يجب أن يصل إلى "خواتيمه" في البرلمان، مشيراً إلى أنه لا يستبعد شيئاً، بما في ذلك اللجوء إلى تبني القانون من دون تصويت، عبر المادة 49.3 من الدستور (التي تسمح للحكومة بتبني نص تشريعي من دون تصويت متحملة مسؤولية ذلك).

في مختلف أنحاء البلاد، لا يزال الاحتجاج قوياً رغم أن فرنسا لم تشهد شللاً كما كانت ترغب النقابات.

مع ذلك، يبقى عدم اليقين قائماً بشأن ما إذا كانت الإضرابات المتجدّدة التي تحدث منذ الثلاثاء، وتؤثر على قطاعات رئيسية في الاقتصاد (نقل، طاقة…) ستستمرّ.

كما يتواصل أيضاً إضراب عمال الغاز في جميع محطات الغاز الطبيعي المسال ومنشآت تخزين الغاز.

وفي ربيع 2020 وخلال ولايته الأولى، اضطر ماكرون للتخلي عن إصلاح سابق لرواتب التقاعد لاقى أيضاً احتجاجات في الشارع، لكن لم يجمع جبهة نقابية بالحجم الذي هي عليه اليوم.

وفي نظام التقاعد الفرنسي القائم على التوزيع، والذي أنشئ في 1945 ويرتكز على أساس التضامن بين الأجيال، تمول المساهمات التي يدفعها الأشخاص العاملون معاشات التقاعد التي يحصل عليها كبار السن.

وتظهر استطلاعات للرأي أن غالبية الناخبين يعارضون خطة ماكرون لرفع سن التقاعد عامين ليكون عند 64 عاماً، لكن الحكومة تقول إن تغيير السياسة ضروري لضمان عدم إفلاس منظومة المعاشات.

 

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 8 + 1