"تخمة" عملاء لبنانيين لدى الموساد.. و"التجنيد Online أسهل من شربة الماي"!

زينة أرزوني – بيروت

2022.12.07 - 04:59
Facebook Share
طباعة

 أكثر من مليون سيرة ذاتية، قدّمها لبنانيون "أونلاين" خلال السنوات الثلاثة الماضية، مُغررين بعبارة الراتب بـ"الفريش دولار"، من قبل الشركات التي تعرض الوظائف "اونلاين"، هذه السير الذاتية رصدتها إسرائيل، فهي فرصة لا تتكرّر للموساد، الذي لم يهدأ ولم يتوانَ عن اختراق السّاحة اللبنانيّة منذ الانهيار المالي والاقتصادي، حتى باتَ يُمكن القول إنّ إسرائيل "اجتاحَت لبنان استخباريّاً"، بحسب مصادر أمنيّة مُطّلعة.
الأزمة الاقتصادية كانت الدافع الاساسي وراء اللبنانيين إلى البحث عن مصدر دخل خارجيّ طمعاً بـ"الفريش دولار"، وإن كان من خلال العمل "Online"، أو لقاء بعض الخدمات التي يمكن القيام بها من أجل التكسّب بشكل سريع، منهم من وقع في فخ العمالة مع اسرائيل، ومنهم من ذهب بكامل ارادته، بحسب ما تكشف التحقيقات الامنية مع الموقوفين، مشيرة إلى أنّ بعضهم أقرّ صراحة أنّه لجأ بكامل إرادته إلى الموساد، وعرَضَ "خدمات تجسّس"، من خلال التواصل مع الجهاز عبر موقعه الرسمي على الإنترنت.
وبحسب اعترافات الموقوفين التي كشفتها الاجهزة الامنية، ان "التجنيد Online بات أسهل من شربة الماي"، لافتة ان قسماً من الذين يُقدّمون خدماتهم للموساد يعلمون من هي الجهة التي يعمَلون لديها، وظلوا على تواصل مع هذه الجهة، فيما كان قسمٌ آخر يُقدّم معلومات للاستخبارات الإسرائيليّة ظانّاً أنّه يقوم بعمل عاديّ لشركات إحصاء أو غيرها، ولم يكتشفوا حقيقة الامر الا بعد التورط أكثر فأكثر، وبحسب ما يقولون "انه لحظة اعلامهم انهم يتعاملون مع الموساد الاسرائيلي أدركوا لحظتها ان ما من رجعة من هذا الطريق، وان الاعتقال هو الذي سيحررهم من العمالة"، ولذلك تشير مصادر امنية الى ان عدد كبير من العملاء هم من سلموا انفسهم.
بحسبة بسيطة، إذا افترضنا أنّ الموساد نجحَ في تجنيد 1% من المليون سيرة ذاتية، فإنّ جهات أمنية تقدّر عدد المجنّدين حالياً بنحو 10 آلاف تمّ تجنيدهم بشكلٍ مباشر أو غير مباشر، حتى انه وبحسب الاجهزة الامنية اللبنانية بات لدى الموساد "تخمة" من العملاء، الذين تم تجنيدهم عن طريق "الشبكات العنقوديّة"، التي لا يعرفُ أفرادها اللبنانيّون بعضهم بعضاً، وتنحصر معرفتهم بالمُشغّل الإسرائيليّ، ويتم التواصل بينهم عبر "بريد ميت"، وليس بالتواصل المباشر.
السّيَر الذّاتيّة، عادة ما تضم معلومات شخصية لطالب الوظيفة من بريد إلكتروني، ورقم هاتف، ومكان النفوس، وعنوان السكن، والتخصّص والتحصيل العلمي وغيرها من المعلومات الأساسية بالنسبة إلى جهاز الاستخبارات لبناء تصوّر عن "ذكاء" العميل المحتمل وقدراته وبيئة تحرّكاته، وقد وفّرت هذه البيانات للموساد "منجمَ" احتمالات عملاء لا ينضب، وصارَ الموساد يختار من بين هذه السِيَر ما يناسبُ طلبه.
على مدى الأشهر الماضية، نشطت شعبة المعلومات في قوى الأمن الدّاخليّ في توقيف شبكات تتعامَل مع الموساد، ومن خلال متابعة التطبيقات الإلكترونية والصّفحات والحسابات عبر شبكة الإنترنت، ونتيجة المتابعة التقنيّة، اشتبهت شعبة المعلومات في قوى الأمن الدّاخلي بأحد الحسابات عبر تطبيق "فايسبوك" تحت اسم "Amine Amine": الذي يقوم مشغّله - مجهول الهوية بسبب اعتماده نظام حماية منيع- بنشر إعلان عن فرص عمل وإقامة خارج لبنان براتب شهري يبلغ 1080 يورو، وذلك على عدّة صفحات إلكترونية لبنانية تُعنى بعرض فرص عمل وتأمين وظائف للشبّان.
كذلك، تمّ الاشتباه بتطبيق"Facetune 2" الموجود ضمن قائمة متجري "Play Store" و"App Store"، والذي تمّ تطويره في إحدى الشركات الإسرائيلية عام 2013، وتبيّن أنّه بعد تحميل التطبيق يطلب الموافقة ويستحصل عليها للدخول على البيانات والصور الموجودة داخل الهاتف، ويُخشى من احتوائه على ثغرة ذات أهداف تجسّسية إسرائيلية.
وحذرت القوى الامنية المواطنين اللبنانيين من تحميل واستخدام تطبيق "Facetune 2"، ومن متابعة حساب "Amine Amine" عبر تطبيق فايسبوك.
وطلبت منهم عدم تتبّع حسابات وصفحات إلكترونية غير موثوقة وتحميل تطبيقات مشبوهة، ولا سيّما تلك التي تعرض فرص عمل في الخارج برواتب مغرية، خوفاً من وصولها إلى جهاز المخابرات الإسرائيلي واستغلالها للإيقاع بهم وتجنيدهم كعملاء لصالحه.
في غضون ذلك، أوقفت القوى الأمنية اللبنانية 185 شخصاً يشتبه بتعاملهم مع إسرائيل منذ بدء الانهيار الاقتصادي، في بلدات غالبية سكانها يقعون تحت خط الفقر، بحسب ما كشف مسؤول أمني.
وبحسب المصادر الامنية يُعد هذا الرقم قياسياً مقارنة مع السنوات الماضية، إذ تمّ على سبيل المثال اعتقال أكثر من مئة شخص بتهمة التجسس لصالح إسرائيل في الفترة الممتدة بين نيسان 2009 و2014، غالبيتهم من العسكريين أو من موظّفي قطاع الاتّصالات.
ولفت مسؤول أمني إلى أنّه منذ العام 2019 أوقفت القوى الأمنية 185 شخصاً، بينهم 182 تم تجنيدهم بعد بدء الأزمة الاقتصادية.
وأحيل 165 شخصاً منهم إلى القضاء، بينهم 25 صدرت بحقهم أحكام.
ومن بين الموقوفين، بحسب المصدر الامني "شخصان أرسلا رسائل عبر البريد الإلكتروني إلى الموساد يطلبان العمل معه".
واكد المصدر "أنّ هذه أول مرة نشهد توقيفات بهذا الشكل بتهم العمالة، مرجحاً أن يكون السبب الرئيسي هو الأزمة الاقتصادية، وتداعيات انهيار الليرة ثم انفجار مرفأ بيروت، ما دفع لبنانيين للبحث عن مصدر رزق آخر للحصول على عملة صعبة..
وأشار إلى انّه يبدو أن الإسرائيليين وجدوا في ذلك فرصة مناسبة، ففتحوا حسابات لشركات وهمية على مواقع التواصل الاجتماعي، تستقبل طلبات توظيف، ويستهدفون عبرها لبنانيين يبحثون عن عمل.
وأظهرت التحقيقات، وفق المصدر ذاته، أن الإسرائيليين يتواصلون لاحقاً مع مقدمي طلبات التوظيف عبر الهاتف.

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 9 + 4