تجارة الخطف تنشط في لبنان.. فهل باتت أدنى مقومات الأمان مفقودة؟

زينة أرزوني – بيروت

2022.11.16 - 08:42
Facebook Share
طباعة

 عادت عمليات الخطف المتنقل لتعزز حضورها في واجهة الأحداث الامنية المقلقة، التي يشهدها لبنان المأزوم اجتماعيا ومعيشيا.

تجارة الخطف إزدهرت مؤخراً في لبنان بهدف الحصول على فدية مالية، وبعدما كانت العصابات تستهدف بصورة خاصة اشخاص مقتدرين ماديا، ومن جنسيات مختلفة، الا انها بدأت منذ فترة تطال من "يمكن الوصول اليه" حتى الأطفال، وهم الفئة الأقل قدرة في الدفاع عن النفس.

أحدث القضايا التي لا تزال فصولها جارية حتى اليوم هي واقعة اختطاف الطفلين السوريين غالب عروب (15 عاما) ومهند عروب (13 عاما) من قبل مجهولين يستقلون سيارة رباعية الدفع زجاجها داكن، في حي آل صلح في مدينة بعلبك بتاريخ 22 تشرين الأول الماضي، حيث تلقى والدهما رسالة من رقم خارجي، تطالبه بدفع فدية مالية قدرها 300 ألف دولار، خلال مهلة 24 ساعة أو سيتم بيع أعضاء ولديه، إلا أن العائلة التي لا تملك هذا المبلغ، عجزت عن تأمين الفدية، ولجأت إلى الأجهزة الأمنية من أجل متابعة القضية.

وبعد رصد العصابة الخاطفة، نفذ الجيش اللبناني نهار الثلاثاء الماضي عملية أمنيّة موسّعة في بلدة دار الواسعة البقاعية، إلا أن عملية تحرير الطفلين لم تتحقق.

وخلال المداهمة التي حصلت، تمكّنت الوحدات العسكرية من إتلاف كميات من "الماريجوانا" كانت مزروعة داخل خيم بلاستيكيّة في المنطقة.

الطفلان المخطوفان منذ شهر تقريباً، لم تسمع العائلة عنهما اي خبر منذ 12 يوما، وإنما تلقت فيديوهات لهما توحي بتعذيبهما من خلال صراخهما وأصوات الضرب، بحسب ما كشفه أحد اقارب العائلة، لافتاً الى انهم تلقوا منذ 3 أيام تهديداً مفاده أنه "إن لم يتم تأمين الفدية، سيقوم الطبيب بعمله" في إشارة إلى استئصال أعضائهما.

عمليات الخطف لا تقتصر على منطقة دون أخرى، فقد دهمت اليوم قوة من الجيش اللبناني في محلة وادي النحلة- البداوي شمال لبنان، منزلَي المطلوبَين (ب.م.) و(ش.ق.)، لإقدامهما على خطف المواطن (م.ن.) واحتجازه في أحد المنزلَين وحررته، فيما لا تزال تعمل الوحدات الامنية على ملاحقة الخاطفَين لتوقيفهما.

وبحسب الإحصاءات الصادرة عن الدولية للمعلومات، فقد تصاعدت عمليات الخطف في لبنان هذا العام، حيث تم رصد 16 حادثة خطف في شهر شباط، بينما كان العام 2021 في الشهر ذاته قد سجل حادثة واحدة، فيما بلغت العمليات الموثقة في العام 2020 من الشهر ذاته 7 حالات، استناداً إلى الأرقام الصادرة عن المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي.

وفي شباط الماضي، كانت قد ضجت وسائل الاعلام اللبنانية بعملية اختطاف الطفل ريان كنعان (11 عاما) من يد والدته من قبل مجهولين في منطقة حالات قرب مدينة جبيل، ليتبين حينها أن والد الطفل يعمل في محل للمجوهرات ووضع العائلة المادي مقبول، الأمر الذي جعلهم عرضة للاستهداف والابتزاز، وسريعاً نجحت القوى الأمنية في تحرير المخطوف حينها، وألقى الجيش اللبناني بعد أشهر القبض على منفذ العملية.

كذلك سجل شهر أيلول الماضي، محاولة خطف طفل يبلغ من العمر 5 سنوات في بيروت، حيث تم إلقاء القبض على الرجل بالجرم المشهود من قبل سكان المنطقة وتم تسليمه للأجهزة الامنية.

وإزاء هذا الواقع، أصدرت قوى الأمن الداخلي بيانا حذرت فيه من عمليات خطف خارج الحدود اللبنانية، موضحة أنه يتم "استدراج الضحايا عبر المعابر غير الشرعية، إلى داخل الأراضي السورية، ثم يعمد أفراد العصابة إلى طلب فدية مالية من ذوي الضحية، لقاء الإفراج عنه، وغالباً ما تتعرض الضحية للتعذيب، ويتم إرسال صور ومقاطع فيديو لذوي المخطوف، للإسراع في دفع الفدية المالية".

ورغم ارتفاع نسبة الجرائم وازدياد عمليات الخطف مقابل الفدية، تؤكد الاجهزة الامنية أن الاوضاع الأمنية مضبوطة الى حد كبير، معتبرة ما يحدث هو احدى تداعيات الازمة الاقتصادية وارتفاع معدلات الفقر والبطالة.

عدم تمكن الاجهزة الامنية من تحرير الطفلين حتى اليوم، والحديث عن امكانية بيع اعضائهما، تسبب بخوف شديد لأهالي المنطقة بشكل خاص واللبنانيين عموماً، فغالبية الأهالي ما عادوا يجرؤون على إرسال أولادهم بالحافلات إلى المدارس، بل يقومون بتوصيلهم بنفسهم، فاللبناني الذي أختبر أقسى الازمات بات يفتقد اليوم ايضاً إلى أدنى مقومات الأمان في بلده.

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 2 + 4