معركة بالسلاح بين مستشار وزير الخارجية الأميركي ونائبته

كتب خليل رمان – واشنطن

2022.11.11 - 04:07
Facebook Share
طباعة

كان من الملفت، حجم  التضارب في التصاريح الصادرة عن مسؤولين في الادارة ممن تشمل صلاحياتهم الملف المتعلق بلبنان. والأمر بالتأكيد ليس توزيعا للأدوار. فما يمكن للبنان ان يقدمه قدمه ولم يعد لديه ما يريده الاميركي ويمكن للدولة اللبنانية ان تساعده في الحصول عليه. هو خلاف حقيقي بين اللوبيات الحاكمة لتوجهات الادارة التي تمثل مصالح لمراكز قوى عديدة. وهي تصريحات  قد تتحول الى فضيحة يستغلها الجمهوريون في الكونغرس الذي أعادهم اليه الناخبين منتصرين. فمساعدة وزير الخارجية باربرا ليف شنت هجوما تدميريا معنويا وسياسيا على لبنان. في حين قام زميلها في الادارة وممثل الوزير بلينكن الشخصي عاموس هوكشتاين برد النار الى مصدرها معلنا أن لبنان ذاهب الى استقرار وازدهار.

مساعدة وزير الخارجية الأميركي لشؤون الشرق الأدنى، باربرا ليف، كانت قد قالت إن لبنان مفتوح أمام كل السيناريوهات، بما فيها «تفكك كامل للدولة»، وقالت إن اللبنانيين سيضطرّون على الأرجح إلى تحمّل مزيد من الألم قبل تشكيل حكومة جديدة. 

وفي لقاء نظّمه «مركز ويلسون» عن السياسة الأميركية في لبنان، الجمعة الماضي، وأداره السفير الأميركي السابق في لبنان ديفيد هيل، قالت ليف: «أرى سيناريوهات عدة، التفكك هو الأسوأ بينها... قد تفقد قوى الأمن والجيش السيطرة وتكون هناك هجرة جماعية، هناك العديد من السيناريوهات الكارثية. وفي الوقت نفسه أتخيل أن البرلمانيين أنفسهم سيحزمون حقائبهم ويسافرون إلى أوروبا، حيث ممتلكاتهم». 

ولفتت إلى أن «هناك طروحات تقول إن انهيار لبنان سيمكّن بطريقة ما إعادة بنائه من تحت الرماد، متحرّراً من اللعنة التي يمثّلها حزب ا ل ل ه  له واعتبرت أن «حزب ال ل ه يشكل تهديداً لنا ولجيران لبنان، وللبنانيين أنفسهم. ونحن مستمرون في فرض عقوبات وحصار شبكاته في المنطقة وغيرها».

هذا التهويل أشاع جوا من الخيبة في لبنان حيث كان ينتظر الجميع انفراجا ماليا واقتصاديا وسياسيا على خلفية حاجة الاميركيين الى تنفيذ ما وعدوا له لضمان ما يحقق مصالحهم في تصدير الغاز الاسرائيلي الى اوروبا. لكن زميل ليف في الخارجية ومستشار الوزير لشؤون أمن الطاقة سارع الى اجراء مقابلة مدروسة عبر قناة الجزيرة لينسف من خلالها ما قالته ليف حيث جاء في مقابلته تأكيد على أنه "ستبدأ العمل بعد الاتفاق وسيتدفق الاستثمار الأجنبي إلى لبنان لتعزيز ازدهاره"، مضيفاً "انني واثق من أن إسرائيل ستواصل الامتثال لاتفاق ترسيم الحدود البحرية مع لبنان".

هل كان كل من التصريحين نوع من توزيع الأدوار؟؟

من لا يفهم طبيعة المؤسسات الاميركية الحاكمة قد يستغرب، لكن المتناغمين مع هكذا دولة وضعت أسسها منظمات سرية في القرن الثامن عشر هي في الواقع تجمعات يقود كل منها صاحب منصب يمثل مصالح لوبي معين يشارك في التحكم بمفاصل العملية الانتخابية عبر ماله غالبا مما يجعل اي شخصية منتخبة أسيرة من مولها وبالتالي عند توزيع المناصب الوزارية والمناصب الهامة في مفاصل الادارة ينفذ الرئيس في الغالب لائحة مطالب لممولي حملته الانتخابية ولنافذين في حزبه ولنافذين في الدولة العميقة وللمؤسسات التي تمثلها لوبيات مثل آيباك.

عاموس يمثل مصالح شركات النفط التي ترى في مصلحة اسرائيل مصلحة لها وبالتالي ترى ان الاستقرار في حوض البحر المتوسط الشرقي جيد للدولة الاسرائيلية وإن كان جيدا للبنان.

في حين ان آيباك لا تأبه لأي مصلحة أميركية اذا ما كانت مصالح اسرائيل ستتضرر.

برأي قيادة آيباك الحالية المقربة من بنيامين نتنياهو فإن إتفاق الترسيم ما دام لم يرضي اليمين المتطرف في إسرائيل فهو ليس جيدا لأميركا لهذا شنت ممثلتهم باربرا ليف حملة تهويل ضد لبنان وروعت الآمنين فيه بكلام حربي ينذر بالويل والثبور وعظائم الامور.

في حين أن فلسفة الاتفاق لترسيم الحدود البحرية لا يتضمنها نصه بل التفاهمات السرية التي رافقته وعلى رأسها ضمان أميركا لفك حصارها الديبلوماسي والمالي والأمني والسياسي عن لبنان بما يتيح انعاشه وانقاذ شعبه من المجاعة المحتمة.

عاموس لا يمثل مصالح اليمين الاسرائيلي المتمثل في واشنطن بأيباك في حين ان ليف تمثلهم.

هوكشتاين لم يلعب دور الشرطي الصالح في مقابل الشرطية السيئة باربرا ليف وإنما هي تغرف كلامها من جراب بنيامين نتنياهو وإن عملت لصالح الخارجية الاميركية. فمنصبها منذ عهد باراك أوباما، الذي وصف بأنه ابعد رئيس اميركي عن مصالح اسرائيل إنما هو منصب يعين فيه شاغله باقتراح من أصحاب النفوذ الهائل على الادارة في آيباك او اللوبي الاسرئيلي الرسمي في واشنطن.

منذ وصل باراك اوباما الى الرئاسة في واشنطن، أدرجت مسألة تمكين آيباك من أقتراح موالين ومقربين لها في مناصب حساسة معينة في الادارة على رأسها منصب استخبارات وزارة الخزانة ومعاوني الوزير لارتباط ذلك بتوجيه النفوذ الاميركي العالمي في مسائل المال نحو ضرب أعداء اسرائيل بعصا العقوبات الاميركية. ومن المناصب التي تحدد آيباك من يشغلها منصب نائب وزير الخارجية لشؤون الشرق الادنى وآخرين ايضا من اعضاء الوزارة التي هي المؤسسة الاهم بعد مجلس الامن القومي و البيت الابيض في الشؤون الخارجية.

من سيفوز، هوكشتاين الداعي لاستقرار لبنان حتى يتحقق استقرار مناسب لشركات النفط والغاز الطامعة بما في جوف المتوسط؟؟ أم باربرا ليف التي تنادي بسحق لبنان لأن أميركا يمكنها ذلك ويجب عليها ان تفعله كي تستقر إسرائيل وإن خربت كل المنطقة حولها؟؟

 

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 6 + 10